في محطّة سيارات الأجرة الكبيرة بباب شالة، وسط مدينة الرباط، يضطرُّ مئات المواطنين إلى الاصطفاف في طوابيرَ طويلة، كلّ مساءٍ، بحثا عن مقعدٍ داخلَ سيّارة أجرة توصلهم إلى بيوتهم، ولا تنفَضُّ الطوابير إلا حينَ تدنو عقارب الساعة من الثامنة ليلا. هذا المشهد يتكرّرُ كلّ يوم، ليسَ في باب شالة فحسب، بلْ في أماكنَ أخرى. عندَ نقطة وقوف الحافلات بالقرب من ساحة باب الحدّ، ثمّة مشاهدُ مماثلة، لكنّها أكثر فوضوية، بسبب تدافُع الركاب على أبواب الحافلات، في ظلّ غياب أيّ جهة تسهر على التنظيم. أمّا المواطنون الذين يستقلّون "الترام"، فإنّ معاناتهم لا تقلُّ عنْ معاناة راكبي الحافلات وسيارات الأجرة، خاصّة في أوقات الذروة. فما بين الساعة الثامنة والتاسعة صباحا، يصيرُ الركوب على متن "الترام"، انطلاقا من سلا في اتجاه الرباط، "جحيما لا يُطاق". أحيانا، لا يستطيعُ الركابُ المنتظرون في محطّات "البريد"، "أوبرا"، "ديار"، و"محطة القطار سلا"، الصعود إلى "الترام"، لكونه يأتي مملوءا عن آخره من محطتي "حيّ كريمة"، و"تبريكت"، وصارَت ظروف التنقّل على متْن عربات "الترام" مثل التنقل عبر حافلات النقل العمومي. يقول أحدُ المواطنين بغضب، وهو وسط ازدحام عربة "الترام"، "هادْشي وَلّا كي الطُّوبيسْ"، ويردّ مرافقه: "وْلّا اكْفَسْ مَنْ الطوبيس"، أمّا سعيد، فيصفُ ظروف التنقل عبر "الترام" من سلا إلى الرباط في وقت الذروة صباحا، من الاثنين إلى الجمعة، بأنها "غير إنسانية". مشاهدُ طوابير المواطنين الواقفين في محطة سيارات الأجرة بباب شالة مساء كل يوم، والتدافُع على أبواب الحافلات في ساحة باب الحدّ، وغيرها من الأماكن الأخرى، والازدحام الشديد في عربات "الترام" في وقت الذروة، عنوانٌ لأزمة حقيقية تعيشها العاصمة وعَدْوتُها سلا في النقل العمومي. بالنسبة لشمس الدين العبداتي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، فإنّ السبب الرئيسي للمشاكل التي يتخبّط فيها النقل العمومي بالرباط يعودُ لسوء التنظيم، وضُعْف عدد الناقلات، سواء بالنسبة للحافلات أو عربات "الترام"، خاصّة في أوقات الذروة. إضافة إلى ذلك، يقول العبداتي: "هُناكَ سوءُ تنظيم للخطوط التي تستغلّها الحافلات، ففي حينِ تعيش حافلات بعض الخطوط اكتظاظا، فإنَّ خطوطا أخرى تستحوذُ على عددٍ من الحافلات يفوق حاجياتها"، أمّا قطاع سيارات الأجرة، فيقول المتحدث إنّه يعاني بدوره من الفوضى. "هُناكَ تذمُّر وسطَ مستعملي ناقلات النقل العمومي، فهم يقضون ساعات واقفين"، يقول العبداتي في تصريح لهسبريس، لافتا إلى أنَّ مسؤولية هذا الوضع يتحمّلها مجلس المدينة، ووزارة الداخلية، ممثلة في الولاية، وشركات النقل، والنقابات المهنية الممثلة لقطاع سيارات الأجرة. وإضافة إلى هذه الأطراف الأربعة، يُحمّل رئيس المنتدى المغربي للمستهلك المواطنين نصيبا من المسؤولية، "لعدم تقديمهم شكاوى من أجل تحسين خدمات النقل العمومي"، لافتا إلى أنَّ هناك مجهودات تُبْذل، "لكنها لحدّ الآن غير كافية"، بحسب تعبيره. العبداتي يرى أنَّ إخراجَ النقل العمومي بالعاصمة من المشاكل التي يتخبط فيها، لا يحتاج سوى إلى تنظيم، وإلى زيادة عدد الحافلات، وإعادة توزيعها على الخطوط بحسب حاجيات كلّ خطّ، والرفع من عدد عربات "الترام" في أوقات الذروة، مع المراقبة، مقترحا تخصيص حافلات لنقل التلاميذ والطلاب، وهو ما سيُمكّن، في نظره، من تقليص الاكتظاظ.