التفاتة ثقافية وفكرية كبيرة تلك التي شهدها مبنى المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة من خلال احتفائه، برموز الفكر والثقافة والسياسة والفن في المغرب، إذ تم استقبال وفد المغربي يضم ثلة من المفكرين والمثقفين والفنانين والإعلاميين من طرف نظرائهم المصريين؛ فيما أعلن تكريم الكاتبة المغربية وعالمة الاجتماع الراحلة فاطمة المرنيسي. كما شهد الموعد تخليد الذكرى السنوية الأربعين لاغتيال الزعيم اليساري عمر بنجلون. واعتبر الوفد المغربي ذكر اسم بنجلون وسط مبنى المجلس الأعى للثقافة "سابقة من نوعها"، إذ قام المؤرخ والكاتب حسن أوريد بتقديم الشاعر المصري المعروف أحمد عبد المعطي حجازي، أمام الحاضرين، مذكرا بأنه نظم قصيدة رثاء في حق الزعيم النقابي والسياسي اليساري، في احتفالية نظمت عام 1975، بعد 40 يوما من اغتياله. ووقفت القاعة، التي امتلأت بنخبة من رجال الفكر والثقافة من مصر، بحضور وزير الثقافة المصري، وسفير المغرب في القاهرة، تخليدا للذكرى السنوية الأربعين لرحيل عمر بنجلون، ليأخذ الشاعر حجازي الكلمة التي قال فيها: "إننا في مصر مدينون لعمر بنجلون، كما أن المغاربة مدينون له، ونحييه دائما لأنه والمغاربة لم يتأخروا في النضال من أجل الحرية والعقل والكرامة". وأجمعت تدخلات المثقفين المصريين على ضرورة التعاون الثقافي بين البلدين؛ فيما وقف الحاضرون عند رحيل الكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي، التي توفيت نهاية نونبر المنصرم، فتم الإعلان عن تنظيم احتفالية فكرية خلال الأسبوع القادم بالقاهرة، تخص إصدارات وأعمال الراحلة. كما دعا مثقفون وكتاب مصريون إلى ضرورة نشر أعمال الراحلة ضمن سلسلات فكرية بمصر. السفير المغربي في القاهرة، محمد سعد العلمي، وفي تعليقه على زيارة الوفد المغربي، قال إنه جاء "حاملا رسالة ود وإخاء ومحبة، تأكيدا للوشائج التي ربطت الشعبين.. والتي تتجدد اليوم وتتأكد"، مضيفا: "كلنا إرادة راسخة لتقوية العلاقات الثنائية وتثمينها لتشمل مختلف المجالات وترتقي إلى آفاق أرحب"؛ فيما شدد على أن ما وصفها ب"القوة الناعمة" في البلدين "لها دور أساسي في تثبيت تلك العلاقات". وتابع العلمي قائلا إن "الثقافة والفن تبني الجسور التي لا تنقطع بين البلدين، وترسي الأرضية الصلبة لتعاون شامل"، فيما اعتبر أن "السياسة تتغير، لكن الثقافة تظل دائما الضمان لرسوخ العلاقات بين البلدين"، قبل أن يدعو المصريين إلى القيام بزيارات مماثلة إلى المغرب، تشمل المفكرين والمثقفين والفنانين. "الطريق مرجو أن تكون واعدة ومبشرة، وسيكون الأمر كذلك لأنها إرادتنا جميعا"، يضيف العلمي. المؤرخ والكاتب المغربي حسن أوريد عرج في كلمته على دور مصر في المنطقة، والذي قال إنه "محوري في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض والعالم العربي"، فيما توقف عند ما وصفها ب"الكبوات"؛ قائلا: "تأثرنا بما تعيشه مصر من ظروف استثنائية، ومعركتنا هي المعركة التي تخوضها.. هناك أمل كبير، ونجاح مصر من نجاحنا. كما أن نجاح المغرب من ناجح مصر". "هناك حقيقة راسخة تفيد بأن شعور المغاربة حيال مصر يتسم بالحب العميق لأرض الكنانة وبلد الأهرامات"، يضيف أوريد، الذي أكد أن "هذا الشعور متواتر عبر الأجيال ويعم شرائح عدة من المجتمع المغربي"، وأضاف أن "المغرب ارتبط بعلاقات إستراتجية مع مصر"، قائلا: "لا ننسى احتضانها لمثقفينا وسياسيينا، وأنها مدت لهم يد العون. ولا ننسى كيف صدح عاليا من هنا في القاهرة الزعيم علال الفاسي، منددا بعزل ونفي الملك الراحل محمد الخامس". من جهته، اعتبر وزير الثقافة المصري، حلمي النمنم، أن زيارة الوفد المغربي إلى مصر، التي وصفها ب"الكريمة"، "خطوة لتعميق العلاقة بين مصر والمغرب"، مشددا على أن "هذه العلاقة لم تقتصر على الزيارات، بل إن هناك كتابا ومثقفين من المغرب يقيمون بمصر ويثرون الحياة الثقافية بأعمالهم الأدبية"؛ فيما أكد وجود حي يضم المغاربة بمدينة الإسكندرية. وعرف الموعد الثقافي إلقاء شهادات كتاب ومثقفين وفنانين مغاربة ومصريين، توقفت في مجملها عند تثمين المشترك الثقافي بين المغرب ومصر وضرورة الحفاظ عليه لصالح الأجيال الحالية والقادمة؛ فيما قدم مطربون مغاربة عروضا فنية، وفي مقدمتهم الموسيقار عبد الوهاب الدكالي، والمطرب فؤاد الزبادي، والفنانة كريمة الصقلي.