على شاكلة مجلس النواب، اختارت الغرفة الثانية من البرلمان العديد من الإغراءات للحد من غياب المستشارين الذين اتسمت ولايتهم السابقة ب"اللامبالاة"، حسب العديد من متتبعي الشأن البرلماني، التي تجسدت في عدم حضورهم أغلب الجلسات واللجان البرلمانية في التشريع والمراقبة. وقرر مكتب مجلس النواب أن يغري مكونات المجلس الجديد لحضور أشغاله من خلال عقد اتفاقيات مع كل من الخطوط الجوية الملكية المغربية، والمكتب الوطني للطرق السيارة، بهدف توفير تذاكر السفر ذهابا وإيابا من وإلى مقرات سكنى المنتخبين، بالإضافة إلى بطائق الطرق السيارة. إغراءات المجلس الذي يرأسه حكيم بنشماس خصصت للمستشارين، بالإضافة إلى وسائل النقل بالنسبة لغير مستعملي السيارات، "بونات" خاصة بالمحروقات. وبرر مصدر من داخل مكتب المجلس ذلك بكون "المخصصات التي كان يرصدها لتذاكر القطارات انخفضت بالثلثين، لأن أغلب المستشارين لا يستعملون القطار، لذلك ارتأى المجلس أن يعوضها بتذاكر الطائرات، والمحروقات". من جهة ثانية، عقد المجلس اتفاقية مع عدد من فنادق الرباط لتوفير المبيت "للسادة المستشارين" بعد مباشرتهم أعمالهم إلى وقت متأخر من الليل، "كما حدث في المناقشة التفصيلية لمشروع قانون المالية، والتي انتهت بعد دقائق من منتصف الليل"، يبرر عضو من مكتب المجلس إغراءاته لمستشاريه. جواد النوحي، أستاذ الميزانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، والمتخصص في السياسيات العمومية، سجل في تصريحات لهسبريس أن "ظاهرة الغياب ملحوظة بشكل كبير في المؤسسة التشريعية، وتثير إشكالا حقيقيا بخصوص صورتها لدى الرأي العام"، موضحا أن "الإجراءات التي جاء بها مجلس المستشارين تحاول الإجابة على الظاهرة". وقال النوحي: "هذه الإجراءات التحفيزية تحاول الإجابة على الغياب كظاهرة عبر توفير محفزات مرتبطة بالإمكانيات"، منبها إلى أنها "وإن كانت تصورا معقولا لأن فيها عناصر من الإجابة، إلا أنها غير كافية، لأن عدم الحضور إلى البرلمان مرتبط بعوامل عدة". وسجل أستاذ السياسيات العمومية بجامعة الرباط أن "الغياب إشكال ثقافي يجب القضاء عليه بترسيخ إيمان المنتخبين بالقيام بأعمالهم في التشريع والمراقبة وتقييم السياسية العمومية"، مشددا على ضرورة "ضبط الأحزاب السياسية والفرق البرلمانية لبرلمانييها عبر وضع ميكانيزمات لضبط حضور المنتمين إليها". وبعدما لفت النوحي الانتباه إلى أن التغيير الذي وقع في تركيبة الغرفة الثانية، من 270 إلى 120 مستشارا، سيجعل من قاعة الجلسات الكبرى تبدو فارغة دائمة، أكد أن "هذه المسألة النفسية ستجعل صورة المجلس هي نفسها التي كانت عليها قبل تجديده"، مشددا على ضرورة "الوصول إلى مرحلة تقييم المواطن لحضور البرلمان عبر إجراء كشف الغياب، وتقييم الأداء؛ آنذاك يمكنه أن يكشف المستشار النشيط من غيره".