أكدت عدة استطلاعات للآراء صعوبة معرفة الفائز في الانتخابات العامة الإسبانية، المقرر إجراؤها في العشرين من هذا الشهر، ووسطها انطلقت حملة الدعاية الانتخابية بتنافس شديد بين الأحزاب الاسبانية من أجل كسب أكبر عدد من الأصوات. وبعد بروز قوتين سياسيتين جديدتين، هما "سيوددانوس"، ممثل اليمين الوسط، و"بوديموس"، الحزب اليساري، الذي ستكون الانتخابات القادمة أول تجربة انتخابية حقيقية له، يبقى من الصعب التنبؤ بنتائج هذا الاستحقاق، حيث يرى عدد من المراقبين أن الانتخابات التشريعية التي تأتي بعد الانتخابات الجهوية التي تم إجراؤها في الأندلس وكتالونيا، ستعيد رسم الخريطة السياسية الإسبانية، ووضع حد للثنائية الحزبية بين اليمين، الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني. وتشكل نهاية هيمنة الحزبين السياسيين التقليديين، الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، موضوع الساعة، كما تشهد على ذلك الانتخابات الجهوية الأخيرة، وهو سيناريو قد يتأكد بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، حيث أظهرت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة أن الإسبان أكثر انقساما، من أي وقت مضى، بشأن خياراتهم السياسية في هذه الاستحقاقات، وهو ما يبشر بسباق محموم وشرس بين مرشحي الأحزاب الرئيسية الأربعة من أجل الوصول إلى قصر لا مونكلوا. ويعد الحزب الشعبي الحاكم الذي يتزعمه ماريانو راخوي الأوفر حظا للفوز في هذا السباق الانتخابي، يليه الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، و"سيوددانوس"، وحزب "بوديموس"، الذي فاز ببلديتي مدريد وبرشلونة في الانتخابات الجهوية الأخيرة، والذي راجع طموحه في حكم إسبانيا. في مقابل ذلك، تبقى نتائج الاستطلاعات أكثر تنوعا خلال الشهر الماضي، إذ كشف استطلاع ل"سيغما دوس" أن الحزب الشعبي سيحصل على 27.1 بالمائة من الأصوات، يليه "سيوددانوس" ب 23 في المائة، والحزب الاشتراكي ب 22.2 بالمائة، و"بوديموس" بنسبة 16.2 بالمائة. استطلاع آخر قامت به "مينروسكوب" توصل إلى وجود هامش ضيق جدا بين الأحزاب الثلاثة الأولى، ذلك أنه يتوقع حصول الحزب الشعبي على 22.7 بالمائة من الأصوات، و"سيوددانوس" على 22.6 بالمائة، والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني على 22.5 بالمائة، ثم "بوديموس" على 17.1 بالمائة. واستنادا إلى ما نشره أحدث استطلاع قام به مركز البحوث الاجتماعية، أول أمس الخميس، فإن الحزب الشعبي الحاكم سيحصل على 28.6 بالمائة من نوايا التصويت، وسيحرز الحزب الاشتراكي على 20.8 بالمائة، فيما سيحصل "سيوددانوس" على 19 بالمائة، و"بوديموس" على 9,1 بالمائة. وكان لافتا أن الأحزاب المتنافسة قد جعلت من الاقتصاد "حصان طروادة" في حملتها الانتخابية، بغية كسب ثقة الناخبين، لاسيما الحزب الشعبي الذي يفتخر بنجاحه في إخراج البلاد من الركود الاقتصادي وتفادي الإنقاذ المالي من قبل الاتحاد الأوروبي. وتعهد رئيس الحكومة وزعيم الحزب الشعبي، ماريانو راخوي، بتخفيضات ضريبية جديدة، وخلق مليوني منصب شغل على مدى السنوات الأربع المقبلة، ووضع إصلاح مؤسساتي يهم على الخصوص نظام انتخاب أعضاء البلديات. من جهته، يراهن الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني بقيادة على تضمين برنامجه الانتخابي مجموعة من التدابير تروم تعزيز الطابع العلماني للدولة، وإجراء مراجعة شاملة للدستور من أجل المضي قدما في النظام الفدرالي، وإصلاح سوق الشغل. أما الحزب اليساري الآخر، "بوديموس"، المنبثق عن حركة "الغاضبين"، فيطمح إلى فرض إصلاح جذري للدستور، وضمان دخل أساسي للأسر المعوزة، وإعادة هيكلة الدين العام لإسبانيا، في حين إن حزب "سيوددانوس"، الذي كان في الأصل حزبا جهويا كتالونيا، فيتعهد بإدماج الرعاية الصحية للمهاجرين غير الشرعيين، وإصلاح قوانين العمل، وتعديل قانون "الأمن المواطن" المثير للجدل.