تنتاب ياسمينة بنيس، يتيمة الأبوين التي تبلغ من العمر 38 سنة، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، موجة بكاء هستيرية كلما تذكرت الطريقة المهينة التي أخرجت بها من شقتها التي ورثتها عن والديها في عمارة "روموندي" الشهيرة، المتواجدة في قلب حي المعاريف الراقي، من طرف من تصفهم ب"أعضاء مافيا العقار"، ليتم بيعها بسعر 1500 درهم للمتر المربع لمسؤول كبير. ياسمينة، التي تحاول مواجهة إعاقتها بمساندة من أصدقائها الذين استقبلوها في بيتهم منذ دفعها للتشرّد، تتوق إلى العودة إلى البيت الذي اشتراه والدها سنة 1959 من شركة ""ERE NOUVELLE"، في شخص ممثلها القانوني السويسري شاموريل، بمقتضى عقد كراء مفضي إلى الشراء، وهو البيت الذي عاشت فيه مدة 34 سنة، قبل أن تطرد منه بعد صدور حكم قضائي في حقها، يدينها باحتلاله من دون سند. تروي ياسمينة حكايتها مع الإحساس بالرعب الذي عاشته طوال الأسابيع التي سبقت طردها المهين من بيتها قبل أربع سنوات قائلة: "كنت لا أستطيع الخروج من الشقة، وكان عون قضائي يأتي مساندا من طرف عدد كبير من أعوان السلطة ورجال الأمن من أجل تنفيذ حكم الطرد...". تتوقف ياسمينة لتمسح دموعها قبل أن تواصل: "لم يرحموني ولم يرحموا إعاقتي..أنا لا أطالب بأي امتياز ولا أريد شيئا، أريد فقط استعادة شقتي التي انتزعت مني عنوة ونهبتها مافيا العقار!"، وتضيف: "هل يعقل أن تنتزع مني شقتي وتباع ب10 ملايين سنتيم؟". تساؤلات ياسمينة، التي تعتبر واحدة من بين 250 ممن يجاهرون بأن قد جرى "الاستيلاء على ممتلكاتهم بمجمع روموندي بالمعاريف"، كانت محط تحقيقات معمقة من طرف فريق أمني مختص تابع للفرقة الوطنية، والذي أحال على القضاء جزءً كبيرا من ملفات هذه القضية المثيرة للجدل، التي يقف وراءها حيم ومن معه، الذين أدينوا بالاستيلاء على عقارات الأجانب في ملف بريسو، وفق تأكيدات لطيفة بوعبيد، رئيسة تنسيقية ضحايا مافيا العقار بالدارالبيضاء. رئيسة التنسيقية قالت، في تصريح لهسبريس، إن "المركب السكني روموندي يعتبر أحد الملفات الشائكة التي ستفجر العديد من المفاجآت، بمجرد إحالته على جلسات المحاكمة، وأضافت أنه تم الاستماع إلى العديد من المسؤولين الذين لهم علاقة بهذا الملف، مشيرة إلى أن "ملف ياسمينة بنيس يعكس مدى فداحة الإجرام الذي تم ارتكابه في حق هذه السيدة من ذوي الاحتياجات الخاصة"، بتعبيرها. محمد متزكي، الناطق الرسمي باسم جمعية "ضحايا العقار" في الدارالبيضاء، أكد بدوره أن "هذا الملف يعكس مدى الظلم الذي يمارس على أصحاب العقارات الذين تترامى مافيا العقار على ممتلكاتهم". وأضاف متزكي: "لا يمكن أن نفهم كيف يمكن السماح لشخص غريب أن يترامى على ملكية الآخرين ويستولي عليها ويطرد أصحابها الأصليين، ويقوم ببيعها بمبلغ زهيد لا يتعدى 10 ملايين سنتيم للشقة، لمسؤولين في مؤسسات يفترض أنها تسهر على تطبيق القانون. ونحن نتوفر على الإثباتات وكل الحجج في هذا الشأن"، قائلا: "لنأخذ على سبيل المثال ملف ياسمينة بنيس، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة التي أخرجت من شقتها بمقتضى وثائق مزورة، وفوت بيتها لمسؤول كبير بسعر لا يتعدى 10 ملايين سنتيم، وهو المبلغ نفسه الذي فوتت به شقق المركب السكني نفسه. إنه فعلا أمر مقزز!"، على حد قوله.