على الرغم من الإساءات المتكررة للمغرب وشعبه من طرف بعض الفنانين والإعلاميين المصريين، فإن المهرجانات المغربية لا تجد أدنى حرج في استقبال وتكريم عدد منهم بشكل متكرر ودائم، حتى غدت عادة استضافة وتكريم فنانات وفنانين مصريين قاعدة راسخة في برامج المهرجانات السينمائية والفنية الوطنية وذات الطابع الدولي، فيما بات تكريم أسماء مغربية شابة أو رائدة تأثيثا للضيوف المكرمين القادمين من أرض الكنانة لا غير. وعلى الرغم من عدم تقديمه اعتذارا صريحا عما بدر منه من كلام في حق المغربيات، عبر مقطع فيديو أثار الكثير من الجدل لدرجة مطالبة البعض بمقاطعة المهرجانات المغربية لفناني مصر، فإن الممثل المصري حسن حسني قال إن "حبه للمغرب غير قابل للمزايدة أو التشويه"، وفق بيان صادر عن نقابة الممثلين بمصر، ليحل بعدها بشهور قليلة ضيفا على المهرجان الدولي للسينما والهجرة بأكادير، منتصف شهر نونبر الجاري. المطربة شيرين بدورها، والتي ستحظى بتكريم من طرف إدارة مهرجان تاونات الدولي لتبادل الثقافات، كان قد صدر عنها عام 2013 فعل انتقص من احترام المغاربة لها، حين وجهت تحية لعبد الفتاح السيسي من على منصة مهرجان أصوات نسائية بتطوان، وهو ما رد عليه الجمهور بالصفير، لتنسحب من الحفل قائلة "إِلْعبوا مع حَدَ غيري"، وقد سبق ذلك مشادات مع الجمهور الحاضر، حيث توجهت لأحدهم بالقول "لك الشرف تكون مصري". يوسف شعبان هو الآخر، وبعدما حظي بتكريم سابق ضمن مهرجان الدارالبيضاء للأفلام الوثائقية والفيلم القصير عام 2013، كاد أن يخلق أزمة جديدة بين البلدين عقب تصريحه بأن "80 بالمائة من المغاربة يدينون باليهودية، إلا أنهم ينتحلون الإسلام لتحقيق مصالح معينة". ويشتكي المبدعون والمثقفون المغاربة من شكليات تكريمهم في بلدهم المغرب، حيث غالبا ما يتم بشكل رمزي متواضع، تزداد حدته عندما يحظى غير المغاربة في المناسبة نفسها بتكريم يتجاوز حدود الرمزية، وقد يصل سقف الإغداق، حيث يتساءل المخرج والكاتب المسرحي عبد المجيد فنيش، في هذا الصدد، إن كان التكريم في المغرب توفير لرمزية الأسماء المكرمة كجواز مرور إلى مصداقية ما، أو ترويج إعلامي، أو غيره. جبر للخواطر ولفت فنيش، في تصريح لجريدة هسبريس، إلى أن الإصرار في كثير من المناسبات على أن يكون عدد المكرمين المغاربة هو نفسه عدد غيرهم من بلدان أخرى، هو إصرار غير عادل وغير مقبول تحت أي غطاء، مشيرا إلى أن "تكريم غير المغاربة في المغرب أمر جائز في إطار ما تفرضه شروط المثاقفة والانفتاح على الآخر والعكس صحيح، لكن اكتمال دلالات التكريم لا يمكن قطعا أن تتم على حساب شيء اسمه الندية"، ذلك أن المغاربة من المفروض أن يكونوا في الصدارة في بلدهم وأن لا يكونوا مجرد تأثيث أو جبر للخواطر. وأضاف الأستاذ الباحث في مجال الفنون التراثية أنه "عند اكتشاف حالات معزولة تستفيد من تكريمها في مهرجانات مغربية سرعان ما تنقلب على المغرب بإساءات إعلامية تمس هوية وكرامة البلد، فإن المنطق يقتضي التعامل بالحزم الواجب الذي لا يخضع لأي حسابات في العلاقات بين البلدين بقدر ما يخضع لمعالجة تصرف شخصي"، بحسب تعبير فنيش. فنيش ختم حديثه لهسبريس بالقول إن التكريم في ظل هذه المعطيات قد "أصبح، للأسف، مجرد فقرة يجب أن تتوفر في أي برنامج مهرجان كان"، خاصة عندما يطرح سؤال الاستحقاق حتى يأخذ التكريم دلالته الحقيقية، مسجلا رفض بعض الأسماء الاستجابة لتكريمها في بعض المناسبات كاحتجاج ضمني على المأزق الذي غدت عليه خاصية التكريم الذي فقد دلالاته المُحدث من أجلها في الثقافات الإنسانية. ذل مضاعف من جهته، يرى الناقد السينمائي عز الدين الوافي أن المهرجانات المغربية لا زالت تعيش على وقع العصر الذهبي للسينما المصرية التي كانت تحتل الصدارة في وقت ما، مشيرا إلى أن المصريين يشكلون ما أسماه ب" اللوبي" عن طريق شبكات تمهد وتيسِّر لهم سبل الحضور والاستضافة والتكريم في المهرجانات المغربية بشكل دائم ومتكرر. المخرج المغربي اعتبر، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن منظمي المهرجانات "يظنون أن وضع الفنان المصري النجم في الواجهة يضمن الشرعية ويعطي بريقا إعلاميا لتظاهراتهم"، موضحا أن ذلك، وعكس ما يصبون إليه "يوقع عددا من التظاهرات الفنية والسينمائية والثقافية في براثن التكرار والنمطية، ويزيد الأمر سوءا، خاصة إذا كان الفنان قد أساء للمغرب وشعبه"، وبالتالي فإن ذلك يسقط أصحاب المهرجانات في " ذُلّ مضاعف"، وفق تعبيره. ويرى رئيس جمعية المرصد المغربي للصورة والوسائط أن عددا من الفنانين المصريين يبقون في بروجهم العاجية ويرفضون عقد الندوات الصحافية أو التقاط الصور مع الجمهور، ويمارسون ما اعتبره "اضطهادا على المغاربة"، ويفرضون مقابلا ماديا معينا وشروطا خاصة للحضور، ويعطون لأنفسهم "أبهة" تجعل من الفنان المغربي يتوارى عن الأنظار، مؤكدا أن الأولوية يجب أن تكون للفنان المغربي، وأنه لا مانع من استضافة أسماء فنية مصرية وازنة تكون له إضافة فكرية وإغناء للنقاش وعرض للتجارب عوض "التَّعالي".