طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    كأس إفريقيا لكرة القدم للسيدات المغرب 2024.. لبؤات الأطلس في المجموعة الأولى مع الكونغو الديمقراطية والسنغال وزامبيا    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين        الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    السجن المحلي بالقنيطرة ينفي تدوينات يدعي أصحابها انتشار الحشرات في صفوف السجناء    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرق الأوسط الجديد
نشر في هسبريس يوم 19 - 11 - 2015

صدمة الإرهاب:إن ضربات تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، والتي يطلق عليها اختصارا: "داعش"، وفق بيانات صادرة عنها معممة على وسائل الإعلام الدولية وعلى الحكومات المعنية في:
·ضواحي الدائرتين: 10 و11 في باريس، يوم الجمعة 13 نونبر 2015، بتفجيرات انتحاريين بأحزمة ناسفة، واستعمال أسلحة نارية ضد مواطنين ومواطنات أبرياء، بركوب سيارات جالت في شوارع باريس دون حسيب ولا رقيب، حيث خلفت هجماتها الإرهابية، التي شنت باسم الإسلام، والإسلام والمسلمون منها براء، 129 قتيلا وأكثر من 340 جزيح، 99 منهم في حالة خطيرة، وذلك حسب تصريح المدعي العام الفرنسي،
· برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت – معقل حزب الله والمخيمات الفلسطينة- بهجومين انتحاريين خلفا: 43 شهيدا على الأقل، و239 جريحا في قلب لبنان، يوما فقط بعد ضرب نفس التنظيم لباريس؛
· سماء شرم الشيخ بسيناء، إذ لازالت تحوم شكوك حول تفجير نفس التنظيم الطائرة الروسية في يوم 31 أكتوبر 2015، حيث قتل كل من كان على متن الطائرة الروسية: 224 شخصا، وما ترتب عنه من تراجع للسياحة الروسية والبريطانية في مصر؛
لتعتبر بلا شك جرائم ضد الإنسانية، باعتبارها قد خلفت مواجع وفواجع لأهالي الضحايا المدنيين: قتلى وجرحى، وكوارث لممتلكات الغير، واعتداء على سيادة وهيبة الدول التي مستها كل تلك الاعتداءات: فرنسا، ولبنان، ومصر، وروسيا، على قدم المساواة ما بين ضحايا ومواطني كل تلك الدول واقتصادياتها؛
رغم انفعالات الضمير الإنساني العام بشكل غير عادل مع تلك الكوارث على خلفية التراتبية العالمية لتلك الدول، والتعامل غير المتكافئ والمتوازن مع كل الضحايا وأهاليهم ما بين دولة وأخرى، والتي مستها ضربات "داعش" على حد سواء، ولم يستفق الضمير الإنساني إلا عندما لحق الإرهاب دولتي: فرنسا وروسيا على الخصوص، باعتبارهما دولتين كبريين: دائمتي العضوية في مجلس الأمن الدولي، وتتمتعان فيه بحق "الفيتو"...
ما جعل العالم يقف لحظة تأمل في كيفية انتشار هذا الوباء المتعدد الجنسيات خصوصا في الشرق الأوسط، وبالذات في: سوريا والعراق، كما أن له امتدادات في اليمن، وشمال أفريقيا خصوصا ب:مصر وليبيا، ووسطها: "بوكو حرام" بنيجيريا والدول المجاورة، وصارت الدول الكبرى على اتفاق تلقائي، وفق ما رشح عن قمة العشرين الأخيرة (14-15- 16 نونبر 2015) بأنطاليا التركية، يقضي بمحاربة "داعش" وكل قوى الإرهاب بدون هوادة، بل والرد السريع عليها من قبل فرنسا عسكريا، في معاقلها بسوريا على الخصوص...
من المسؤول عن خلق "داعش"؟
لو التفتنا إلى التاريخ، الذي لا يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها، ولو قريبا إلى وراء، لوجدنا أن "داعش" ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، تماما كما نقول في المغرب بشأن بعض المنظمات الأهلية للوديان والسهول والجبال، التي تنتشر كالفطر بسرعة البرق في المدن، باعتبار الدعم: الإداري والمالي والمادي والإعلامي، الهائل الذي تحصل عليه من طرف الدولة كي تعمل على ترويج إيديولوجية وثقافة الطبقات السائدة، مقابل ضرب إيديولوجية وثقافة قوى المعارضة السياسية، والمنظمات الأهلية الجادة، التي تعمل لفائدة الشعب والطبقات الكادحة منه على الخصوص...
و"داعش" ليست إلا الوجه الآخر لمنظمة "القاعدة"، التي خلقتها الولايات المتحدة في أفغانستان، كي تحارب بالوكالة عنها نفوذ الاتحاد السوفياتي سابقا بالمنطقة، ولما سقط جدار برلين، وتفككت دولة الاتحاد السوفياتي إلى دويلات في تسعينيات القرن الماضي، صار العدو الأول ل "القاعدة"، المدعومة من قبل طالبان التي كانت تحكم في أفغانستان، هو: الولايات المتحدة الأمريكية، ما تجسد بالملموس في: تفجيرات البرجين التجاريين بطائرتين مدنيتين في 11 سبتمبر 2001، وما أعقبه من ردود أفعال حربية وعسكرية سريعة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفها الأوروبي والعربي، وخارج هيئة الأمم المتحدة، في أفغانستان ثم في العراق، بدعوى محاربة الإرهاب، و"أسلحة الدمار الشامل"...، وهو ما انتهى بإسقاط حكم طالبان بأفغانستان، وإسقاط نظام صدام حسين في العراق، وتغييرهما بنظامين سياسيين تابعين لمراكز القرار في الولايات المتحدة الأمريكية تحت يافطة مضللة هي: تحرير شعبي أفغانستان والعراق...
وأول ما ظهرت "داعش" إنما هو في سوريا، عقب ما يسمى ب"الربيع العربي"، وقد كانت مدعومة من قبل حلف يشمل 40 دولة - حسب تصريح لفلادمير بوتين/ الرئيس الروسي في قمة العشرين ب"أنطاليا" التركية بتاريخ: 16 نونبر 2015- وعلى رأسها: الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل، وتركيا، ودول مجلس التعاون الخليجي بزعامة دولتي: السعودية وقطر على وجه الخصوص، ذلك الدعم المختلف الجوانب ما بين: المالي والمادي، والإعلامي، واللوجيستكي: بالأسلحة المتطورة، والمتفجرات من جميع الأنواع، والسيارات الرباعية الدفع، والناقلات: شاحنات وحافلات، والمستشارين العسكريين، مع دعم تنظيمات غير "داعش": ك"جبهة النصرة"، و"جيش الإسلام"، و"جيش الفتح"، و"جيش الشام"... وغيرها من المنظمات الإرهابية والتكفيرية المسلحة، التي استقطبت ولا زالت تستقطب مجنديها إلى سوريا، من أغلب دول العالم، عبر الحدود التركية على الخصوص، وبموافقة النظام التركي نفسه..، لتخوض كل تلك التنظيمات الإرهابية والتكفيرية حربا بالوكالة عن تلك الدول الداعمة لها من أجل تغيير النظام السياسي بسوريا، وتغيير جغرافيتها أيضا، تحت يافطة مضللة مرة أخرى، هي: دعم"المعارضة السورية" ومجابهة نظام الأسد المتورط في سفك دماء شعبه خلال ما يسمى: "الربيع العربي"، حتى سيطرت "داعش" والمنظمات الإرهابية تلك، على أغلبية المناطق السورية في: الرقة.. وحلب.. واللاذقية.. وتدمر.. ومعلولا.. والغوطتين: الشرقية والغربية... وغيرها من المدن والقرى، حتى بلغت ضواحي دمشق... كما توسعت "داعش" على الخصوص في شمال العراق في: الموصل.. وتكريت.. والرمادي.. والأنبار.. والفلوجة... بعدما فشلت الخطة الأمريكية في العراق والقاضية بتقسيمه بين الطوائف: السنية، والشيعية، والكردية، وآثرت دعم "داعش" ضد النفوذ الشيعي الإيراني فيه، ومن أجل خلط الأوراق السياسية فيه من جديد...
واستحقت "داعش" بعد ذلك التوسع تسمية: "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، خصوصا لما استحوذت على مناطق غنية ب: القطن والحبوب، وبالأخص بالنفط والغاز في البلدين، وصارت مصدرة لها لفائدة تلك الدول الداعمة لها بأثمنة بخسة، ما أدى إلى هبوط أثمان النفط والغاز عالميا منذ حوالي سنة وثلاثة أشهر - وفق ما صرح به خبير اقتصادي لبناني- وما أثر بشكل سلبي على الموازنات المالية لدول مجلس التعاون الخليجي خصوصا- حسب نفس المصدر، بعجز بلغ ما بين 7% و14% ما بين الموارد من: النفط والغاز على الخصوص من جهة، والنفقات العمومية، التي ازدادت لدى تلك الدول في السنين الأخيرة باضطراد كبيرين من جهة أخرى، كما لم تنج دول الأوبك النفطية من التأثر السلبي لانخفاض أثمان النفط والغاز في الأسواق العالمية...
فيما انتشرت ظواهر اجتماعية غريبة عن المجتمعات الإسلامية، في المجال الترابي لنفوذ "داعش" ك:
· جهاد النكاح، الذي وقعت ضحيته العديد من نساء العالم المسبيات، واللائي يبعن للغير بعد قضاء الداعشيين وطرهم منهن؛
·تدمير مساجد عدة مدن وقرى سورية، ومتاحف تدمر، وكنائس معلولا، والمعترف بها من قبل اليونسكو كتراث عالمي، تحت ذريعة محاربة الأصنام، تماما مثل ما حدث بالعراق وأفغانستان من قبل "القاعدة"؛
· إصدار فتاوى: الاختطاف، والسبي، والتعذيب، والقتل، والذبح، وفصل الرؤوس عن الأجساد، وأكل أحشاء بني البشر... وهي كلها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، خصوصا ضد الجنود السوريين والعراقيي، والأشخاص المدنيين في البلدين...، والإعلاميين العالميين...
· الهجرة الاضطرارية لأفواج من الأسر والعائلات السورية من كل الطوائف: السنية، والشيعية، والدرزية، والإيزيدية، والتركمانية، والكردية... إلى مختلف بلدان المعمور، هربا من الحرب، ومن سياسة "داعش" في المجال الترابي لنفوذها...
· وما خفي أعظم...
ما ذنب نظام بشار الأسد من منظور الدول الداعمة ل "داعش"؟
ليس ذنبه كونه نظاما ذي حزب وحيد، ولا كونه نظاما غير ديمقراطي، ولا كونه حكم عائلة... لأن من تلك الدول الداعمة ل"داعش"، خصوصا منها الدول العربية، التي لا تعرف إلى الديمقراطية سبيلا، ولا تعرف غير حكم العائلات، ولا تؤمن بالتعدد الحزبي، ولا بحق النقابات والجمعيات الأهلية في الوجود، ولا مجرد حق النساء من سياقة السيارات بمقتضى قوانين تمييزية ضدهن،ولا هم يحزنون... غير أن ما تؤاخذه جميعها على نظام بشار الأسد إنما هو:
· رفضه الانضمام إلى حلف أمريكا ضد صدام حسين، الذي أرهب بني إسرائيل في عقر دارهم بتل أبيب بصواريخ سكود التي طورها علماء العراق، ردا على الحروب التي شنت عليه منذ التسعينيات من قبل حلف أمريكا المذكور آنفا، حتى إسقاط نظامه سنة 2003، والذي كان قد حقق- قيد حياته- تنمية: اقتصادية وثقافية وعلمية وتكنولوجية... في العراق لا مثيل لها في الوطن العربي الممتد من المحيط إلى الخليج؛
· واحتضانه للتنظيمات الفلسطينية في سوريا، والتي رفضت كل دول العالم استقبالها، حتى أنها قد طردت من: تونس ولبنان تحت ضغط الولايات المتحدة وحلفها الأوروبي والإسرائيلي؛
· دعمه بشكل علني: حزب الله في مقاومته لإسرائيل، وحربه التحريرية لجنوب لبنان من أي احتلال، منذ التسعينيات حتى 2006، ولا زال يراهن على تحرير مزارع "شبعا" المحتلة، ويطالب باستعادتها إلى السيادة اللبنانية لحد الآن، إن بالسلم أو بالحرب...
·ربطه علاقات ديبلوماسية وتعاون في عدة مجالات: اقتصادية وعسكرية على الخصوص، مع إيران الداعمة أيضا لحزب الله بشكل علني ضد إسرائيل، والساعية لامتلاك قوة نووية، لاقت ولازالت تلاقي معارضة عالمية من قبل دول كبرى ذات الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية، باستثناء: روسيا والصين، وبما هي دولة شرقية تشكل تهديدا استراتيجيا لوجود إسرائيل في الشرق الأوسط بعد إسقاط نظام صدام حسين، وإضعاف نظام سوريا، وقبول الدول الكبرى مقابل ذلك كون إسرائيل عضوا في "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، بما هي الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية في الشرق الأوسط...
وأخذا بعين الاعتبار كل ما سبق، فنظام بشار الأسد والشعب السوري، رغم ما تعرضا ويتعرضان له من حرب إرهابية وتكفيرية، فسوريا مع حزب الله اللبناني، لازالا يشكلان شوكة مؤلمة باستمرار في خصر إسرائيل في حدودها الشمالية، الشيء الذي لا تواجهه في حدودها الجنوبية مع مصر بمقتضى اتفاقية كامب ديفيد، ولا في حدودها الشرقية مع الأردن بمقتضى اتفاقية وادي عربة، واضطرت إلى تخليها مكرهة – بفعل قوة المقاومة- عن فكرة دولة إسرائيل الكبرى: من نهر الفرات حتى نهر النيل...
وما إسرائيل سوى صنيعة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية -بشكل رسمي- بدءا من 1948 إلى الآن، في قلب الوطن العربي: فلسطين، بعد تشريد شعبها، وطرده من أغلب أراضيه، واستبداله بأفواج وأفواج وأفواج من اليهود الصهاينة عبر العالم، لتوطينهم عليها في المستوطنات التي لازالت تغزو الأراضي الفلسطينية لحد الآن، وفرض معادلة سكانية أخرى على تلك الأراضي التي تعتبر مهبط الرسالات السماوية، وفرض الحصار بجميع أشكاله: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية الفلسطينيين والفلسطينيات المتمسكين بالإقامة في فلسطين، وتمزيق ما تبقى من أراضيها في الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي 48، بحدود إسمنتية وأمنية، تستدعي أوراق مرور وعبور، صادرة عن الإدارة الإسرائيلية، في كل لحظة وحين، وتعرض الإنسان الفلسطيني لنوع فريد من الاعتقال، اسمه: "الاعتقال الإداري"، فضلا عن الاعتقال بمقتضى قوانين عنصرية للقضاء والقوانين العنصرية الإسرائيلية بأحكام جائرة لعدد من الفلسطينيين والفلسطينيات تبلغ المؤبد ثلاث وخمس مرات متوالية، وتعرض الشعب الفلسطيني للكثير من الظلم، وللعديد من المجازر من قبل سفاحي الدولة الصهيونية العنصرية منذ ستينيات القرن الماضي على الخصوص، ولن يكون آخرها مجازرها في غزة سنة 2009، في مواجهة مع المقاومة التقليدية التي انتهت إلى انقسام بين فصيليها الكبيرين: فتح وحماس على الخصوص، ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة... والتي قاومت مع غيرها من الفصائل الفلسطينية خصوصا: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والصاعقة... بجميع الأساليب النضالية السلمية والمسلحة وخلفت تاريخا عريقا من: النضال، والمقاومة، والشهداء بالآلاف، والمعتقلين والمعتقلات بالآلاف أيضا... ونعيش حاليا على إيقاع اندلاع الانتفاضة الثالثة المباركة التي لازلنا نجهل أفقها، بتأطير من جيل جديد من المقاومة الفلسطينية، ابتدع أساليب جديدة للمقاومة لأول مرة، حيث الهجوم على الجنود والمستوطنين الإسرائيليين: بالدهس بالسيارات، وبالسكاكين، فضلا عن الرمي بالحجارة... دفاعا عن المسجد الأقصى من اعتداءاتهم المتوالية والمستفزة لمشاعر المسلمين، ومن أجل تحرير الأرض والإنسان في فلسطين، وإقامة الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين، وعاصمتها مدينة القدس، وهو ما فرض على إسرائيل والولايات المتحدة في قمة باراك أوباما ونتنياهو الأخيرة (نونبر 2015): قبول الاعتراف بحق الدولة الفلسطينية في الوجود في الحدود المرسومة لها سنة 1967، وإن كانت إسرائيل لازالت تدافع عن ضرورة كونها: دولة بدون جيش ولا سلاح؛
الاعتراف بالذنب فضيلة
عقب محادثات "فيينا 2" بشأن الوضع السوري، حيث قررت الدول المشاركة:
· وقف إطلاق النار في سوريا،
·إتاحة الفرصة للتفاوض حول الحل السياسي، خصوصا وضع الرئيس السوري: بشار الأسد في المرحلة المقبلة،
· تشكيل حكومة انتقالية " ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية" تسهر خلال مرحلة انتقالية لمدة 18 شهرا، على انتخابات رئاسية وبرلمانية منظمة وفق دستور جديد لسوريا يشارك في صياغته جميع الفرقاء السياسيين...
اعترف السيد وزير الخارجية الأمريكي: جون كيري، بكل ما سبق بشأن دعم "داعش" والتظيمات الإرهابية والتكفيرية في سوريا، من خلال تصريحه بأن على جميع الأطراف المشاركة في تلك المحادثات بفيينا والداعمة لأي طرف مشارك فيما يسمى: "المعارضة السورية" أن يضغط عليه باتجاه تنزيل وقف إطلاق النار المذكور على أرض الواقع السوري، من أجل المرور للخطوات التي تليه أعلاه...
"داعش" وإسرائيل؟
العلاقة بين "داعش" وإسرائيل علاقة إرهابية بامتياز، لكون إسرائيل منذ نشوئها دولة عنصرية وإرهابية ضد فلسطين والدول المجاورة، وترغب في توجيه إرهابها وهجماتها وأسلحتها بالوكالة عنها من قبل "داعش" ضد أعدائها الاستراتيجيين: حزب الله، وسوريا، وإيران، لضمان أمنها الاستراتيجي في حدودها الشمالية مع لبنان وسوريا، اللتين لم تقبلا لحد الساعة أي اتفاق معها في هذا الشأن، مثلما حدث مع مصر والأردن؛
وبدليل أن إسرائيل زادت عن دعمها ل"داعش" - كما سلف الذكر ضمن دول أخرى- علاج الجرحى الداعشيين وغيرهم من المنظمات التكفيرية في المستشفيات الإسرائيلية، وفي المقابل لم تكن يوما هدفا لاعتداءات ولا تفجيرات بالانتحاريين والسيارات المفخخة ل"داعش" ولا لغيرها ممن ارتضى اتباع ملة اليهود، رغم أن القرآن الكريم يقول: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"؛
وكون "داعش" وجهت "جهادها" ضد المسلمين في: سوريا، والعراق وإيران، واليمن، ومصر، وليبيا، ولم توجهه ضد إسرائيل في فلسطين، فإنها خارجة من دائرة العقيدة الإسلامية، أو الجهاد باسم الإسلام والمسلمين الذين يعدون بالملايير، وتصدق عليها الآيتين الكريمتين: 20 و21 من سورة آل عمران: "إن الذين يكفرون بآيات الله... ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، فبشرهم بعذاب أليم، أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وما لهم من ناصرين" ...
خروقات أمام العالم للقانون الدولي
وكل ما سبق من تدخل في الشؤون الداخلية ل:
· سوريا، أو العراق، أو أفغانستان،
· أو اليمن غير السعيد، بفعل تعرضه هو الآخر للتدخل في شؤونه الداخلية: السياسية والاقتصادية والعسكرية، من قبل تحالف- تحت الطلب- تقوده السعودية ومليشيات "داعش" وقوات هادي، ضد الحوثيين والجيش اليمني والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح، لحد خلط الأوراق فيه بين عدد من القوى المتحاربة..
إنما هو خرق واضح وفاضح ل:
· مقاصد ومبادئ "ميثاق الأمم المتحدة" الصادر بمدينة سان فرانسيسكو، في يوم 26 حزيران/يونيه 1945، عقب حربين عالميتين، خصوصا في المادتين: 1 و2 من الفصل الأول حيث التنصيص بأن مقاصد الأمم المتحدة هي:
1. حفظ السلم والأمن الدولي...
2. إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام.
3. تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا، والتشجيع على ذلك إطلاقا، بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء.
4. جعل هذه الهيئة مرجعا لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة.
·وحيث التنصيص أيضا بأن هيئة الأمم المتحدة تعمل وأعضاؤها في سعيها وراء المقاصد المذكورة في المادة أعلاه وفقا للمبادئ الآتية:
1. تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها.‏..
2. يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر.
3. يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد "الأمم المتحدة". ...
4. تعمل الهيئة على أن تسير الدول غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم ‏والأمن الدولي.‏
5.ليس في هذا الميثاق ما يسوغ "للأمم المتحدة" أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما...
· وخرق فاضح للفقرة 3 من المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، والتي تنص بالحرف على: " إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت."
· وانتهاك صارخ للفقرتين 1 و2 من المادة 1، الجزء الأول من "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" الذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966، تاريخ بدء النفاذ: 3 كانون الثاني/يناير 1976، وفقا للمادة 27، ونفس الفقرتين من نفس المادة ونفس الجزء من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966، تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49، واللتين تنصان بالحرف على ما يلي: "1. لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. 2. لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة."
والمتأمل فيما سبق من مواد: ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين المذكورين، الملزمة كلها للدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، وعلى رأسها المستحوذة على حق "الفيتو"- الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين- بأن تحترم الإرادة الحرة للشعوب في تقرير مصيرها السياسي والمدني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، نفسها بنفسها...
ما يعني أن لا أحد له الحق في التدخل في الشرق الأوسط سوى من أجل دعم جهود السلام، وحفظ ثرواته من أجل تنمية شعوبه، والتعاون الدولي بهذا الخصوص على قاعدة: رابح/ رابح، وليس من أجل تغيير الأنظمة السياسية ب: سوريا أو العراق، أو اليمن، واستغلال ثروات تلك الدول الطبيعية؛
وهو التوجه الذي دافعت عنه روسيا وإيران في "فيينا 1 و2" بشأن سوريا، خصوصا بعد تدخل هاتين الدولتين عسكريا في سوريا بطلب من النظام السوري، وتغيير موازين القوي بها على الأرض، بتنسيق مع الجيش السوري وداعميه خصوصا: مناضلو ومجاهدو حزب الله منذ 2011 إلى الآن، والتمكن بذلك من دحر المجموعات الإرهابية والتكفيرية، وعلى رأسها "داعش"، في عدد من المدن والقرى السورية يوما عن يوم... ولئن كانت روسيا، التي تحترم سيادة الدول، لازالت تنتظر الضوء الأخضر من النظام العراقي من أجل تدخلها العسكري فيه ضد "داعش"، فإن نفس التحالف قد فتح جبهة أخرى ضد هذه الجماعات الإرهابية والتكفيرية في العراق، بتنسيق مع الجيش العراقي والحشود الشعبية، لمحاربة "داعش" في كل المدن والقرى التي استحوذت عليها في العراق، وتضييق الخناق عليها فيه يوما عن يوم...
فيما تراجع تحالف الولايات المتحدة والدول الأوروبية والخليجية في العراق، وصار يتحدث عن ضرورة حضور سوريا في: "فيينا3" (دجنبر 2015) بتمثيلية النظام من جهة، وما أسمته "المعارضة المعتدلة" من جهة أخرى، من أجل الانتهاء إلى حل سياسي للأزمة السورية، وتحول الحوار الحالي بين الدول المذكورة من جهة، وداعمي النظام السوري: روسيا وإيران من جهة أخرى، نحو تحديد مفهومي كل من: "المعارضة المعتدلة" و"قوى الإرهاب"..
عود على بدء
الأكيد أن انتصار: السوريين والعراقيين واليمنيين... آت لا محالة، وستطهر أراضي كل هذه الدول من الداعشيين والوهابيين وكل التكفيريين، اللذين لا محالة عائدون إلى بلدانهم، وسيكونون مشاريع قنابل موقوتة في كل بقاع العالم تحت قيادات قديمة وجديدة، وتسميات إضافية، وبقدر ما تسود: العولمة، والمعلوميات، والتكنولوجيات الحديثة، ومختلف المظاهر الحضارية والثقافية، بقدر ما سينتشر الإرهاب بجميع أشكاله، ولن يكون أمام دول العالم، في إطار هيأة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فضلا عن الطروحات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية الضرورية ضد قوى الإرهاب، إلا مزيدا من دعم:
· حقوق الشعوب في تقرير مصيرها: السياسي والمدني، والاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛
· الاستثمار في الرأسمالين: البشري والطبيعي، بتوفير المزيد من فرص الشغل، ومحاربة التهميش والتمييز العنصري في كل بقاع العالم؛
·الميادين الاجتماعية للشعوب، خصوصا: التعليم، والصحة، والسكن، والبيئة، والقضاء... بميزانيات كافية، تعفي الطبقات الفقيرة من النفقات من أجل التمتع بحقوقها الطبيعية في هذه الميادين؛
· محاكمة مجرمي الحرب والإرهاب من قبل الآليات القضائية الوطنية والدولية، مع احترامها للضمانات الكفيلة بضمان المحاكمة العادلة لكل المتورطين في تلك الجرائم طبقا للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛
· ضمان التوازن الدولي بين الدول، في إطار هيئة الأمم المتحدة، على قاعدة التعديلات الضرورية من أجل ذلك في ميثاق الهيئة؛
· إصلاح البرامج التربوية في المؤسسات التعليمية لكل البلدان، ومناهضة كل مظاهر التطرف الديني والعرقي فيها؛
· كل سبل نشر التثقيف في مجال حقوق الإنسان، ومختلف العلوم: الإنسانية والدقيقة، وتشجيع الاختراعات التي تخدم البشرية جمعاء، ونشر تعليم اللغات الضامنة للتواصل فيما بين الدول والشعوب، مصداقا لقوله تعالى: "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم"...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.