انتقادات كثيرة وجهها الناشط الصحراوي، حمادة البيهي، العائد من مخيمات تيندوف بعد أن أمضى هناك أربعين سنة، لقيادة البوليساريو في المخيمات، والأحزاب السياسية في الصحراء، معتبرا أن هذه الأخيرة "فاسدة"، وأنها "أصبحت في ملكية أشخاص وعائلات معينة". البيهي، وفي حوار مطول مع هسبريس، اعتبر أن تخليد المغرب للذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء يعد مناسبة من أجل تقييم المنجزات التي قام بها في الصحراء، ووقفة مع الذات من أجل تجاوز الإختلالات التي تعاني منها الأقاليم الجنوبية، مشددا على ضرورة "التفكير في تنمية مستدامة وتحفيز الاستثمارات الأجنبية من أجل بناء نهضة تنموية شاملة في هذه الأقاليم". تجاوز الخطابات الرنانة وفي ما يخص الوضعية التي تعيشها الأقاليم الجنوبية بعد تحريرها من الاستعمار الإسباني، شدد البيهي على ضرورة تغيير التعاطي مع القضية عبر تبني مفهوم جديد والقطع من الخطابات الرنانة والفضفاضة التي كانت سائدة خلال السبعينيات والثمانينيات، حيث قال إن "المغرب كان في الصحراء وسيبقى فيها حتى يرث الله الأرض ومن عليها". العائد من مخيمات تيندوف أكد أن خصوم الوحدة الترابية مدججون ومدعومون من قبل الجزائر من أجل ضرب الوحدة الترابية للمملكة، ولابد من التصدي لذلك بالحجج والبراهين والدلائل. وذكر المتحدث ذاته أنه شارك في الدورة 28 و29 لحقوق الإنسان في جنيف، والتقى مع من يسمون أنفسهم بنشطاء حقوقيين من المناطق الجنوبية ويتبنون الفكر الانفصالي، حيث واجههم بوثائق مغربية تبين صحة الطرح، مبرزا أن هناك حرية التعبير على الرغم من أن "المغرب ليس دولة أنبياء ورسل، وأنه دولة أفريقية نامية لكنها قطعت أشواطا طويلة في مجال حماية حقوق الإنسان". "لابد من العمل الجاد ودعوة المجتمع المدني المغربي للعمل مع الجمعيات في الأقاليم الجنوبية من أجل تطوير عملها لأن هذه القضية ليست قضية المغاربة فقط، بل هي قضية جميع المغاربة من طنجة إلى الكويرة، ولابد من التصدي للطرف الآخر بالسبل المدنية وفعاليات حقوقية بعيدا عن الخطابات الرنانة"، يقول البيهي. وشدد المتحدث ذاته على أنه "لابد من تحسيس المواطن في الأقاليم الجنوبية بأن له حقوقا مصونة، ولا شك أن هناك إرادة ملكية لذلك، ولابد من إعادة الثقة"، مردفا القول إن "هناك أبناء من المنطقة وحدويون ومثقفون ولابد من فتح المجال أمامهم". أحزاب غائبة ووجه العائد من مخيمات تيندوف انتقادات لاذعة للأحزاب السياسية بالصحراء، مشددا على أنها غائبة في المنطقة، "وأصبحت محفظة لأشخاص معينين وعائلات معينة"، معتبرا أن "هذه ليست ديمقراطية ولابد من فتح الباب أمام الشباب والمثقفين لبناء مجتمع ديمقراطي". و"إذا كان قادة البوليساريو مستبدون بالسلطة منذ أربعين سنة، وفاشلون في تدبير الشأن المحلي في المخيمات، وأن هناك ثورة ضد هذا الفساد (...) فإن الوضع كذلك في الصحراء، حيث تستعمل هذه الأحزاب الأموال (...) وهي تقف حاجزا أمام الشباب الخريجين من الجامعات والمعاهد العليا"، يقول البيهي، مضيفا أن الأزمة ليست أزمة نخب، وإنما هي أزمة ثقة في هذه النخب. لا مشكل مع ملوك المغرب وتحدث البيهي عن العلاقة التي تربط انفصاليي الداخل وقاطني مخيمات تيندوف، حيث أكد بأنه "ليست لديهم مشاكل مع ملوك المغرب، سواء الملك الراحل الحسن الثاني أو محمد السادس، بل يحظى بحب واحترام وتقدير من قبل جميع الصحراويين". المتحدث ذاته شدد على أن "المشكل في لوبيات الفساد التي طغت وأقفلت الباب أمام الانخراط الحقيقي لإدماج الشباب في المجتمع"، مردفا أن "المجتمع المدني في الصحراء غائب جملة وتفصيلا، ونحن نحث على هذا الأساس، وندق ناقوس الخطر بالنسبة للدولة". وتابع المتحدث قوله: "لا يمكن أن ننتظر حتى تقع الأزمة من أجل التفاعل، ولابد من اشراك المجتمع المدني في الصحراء من أجل حل المشاكل".