تعتبر دول الخليج من بين البلدان الأكثر غنى في العالم، غير أنها لاترحب بدخول اللاجئين إلى أراضيها، وتبدي في ذلك تبرما كبيرا، فما هو ياترى السبب حقيقة وراء هذا التصرف الخليجي؟ يحس كثير من السوريين بغضب شديد اتجاه دول الخليج العربي، فهذه البلدان تعتبر، رجوعا إلى نسبة الناتج الداخلي الخام للفرد بها، من بين الدول الأغنى في المعمور، بيد أنها ما فتئت تزيد في إحكام غلق أبوابها في وجه لاجئي سوريا باتخادها، دائما وبشكل متجدد، لإجراءات أكثر تشديدا في عمليات الدخول إلى ترابها.. " إنه تصرف مخزٍ يصدر عن دول الخليج"، هكذا يردد لاجؤون سوريون في شعور يمتزج بمرارة في شكواهم من هذا التبرم الصادر من دول الخليج، لأن أكثر هاته البلدان هي، في الوقت ذاته، تدعم جماعات سورية ثورية، وقد انتشر بشكل كبير، قبل أيام، "هاشتاغ عربي" على موقع "تويتر" يقول:"واجب على دول الخليج أن تستقبل اللاجئين السوريين".. هنا إلقاء نظرة على ما قامت به وما لم تقم به إلى الآن دول الخليج العربي الغنية، أي المملكة العربية السعودية والكويت، والبحرين والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمانوقطر، في علاقة بموضوع اللاجئين.. - كم عدد السوريين الذين منحتهم دول الخليج حق اللجوء؟ ليست هناك أي إمكانية للدخول بصفة لاجئ إلى دول الخليج، بل فقط من خلال "برنامج الترحيل"، الذي ترعاه المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، وحده يمكن وضع طلب يتعلق باللجوء، غير أن دول الخليج، ومنذ اندلاع شرارة الصراع بسوريا، لم تستقبل أكثر من 33 لاجئ سوري في المجموع عبر هاته البوابة.. - هل استقبلت دول الخليج لاجئين سوريين عبر طرق أخرى؟ بإمكان السوريين الدخول إلى دول الخليج بواسطة تأشيرة عمل أو سياحة، ومئات الآلاف من السوريين سبق لهم أن سلكوا هذا الطرق من قبل، وقد دخل سنة 2011 إلى العربية السعودية وحدها مايناهز نصف مليون سوري كيد عاملة، خصوصا في السنوات الأولى من الصراع، وفي الوقت الراهن زادت دول الخليج من صعوبة إمكانية الحصول على مثل هاته التأشيرات، مع إشارة إلى أن هؤلاء العاملين لايحصلون على أي نوع من المساعدات في مكان إقامتهم من قبل هذه الدول، كما يبقى عدد السوريين المتواجدين بدول الخليج إجمالا غير معروف، فكثير منهم دخل مثلا إلى الإمارات العربية المتحدة بواسطة تأشيرة سياحة وبقي مقيما فيها بشكل غير شرعي.. - ماذا تقول المنظمات الحقوقية في هذا الشأن؟ منظمة "أمنستي أنترناسيونال" وصفت هذا التصرف الخليجي بالمخجل للغاية.." التقارب اللغوي والديني مأمول فيه أن يجعل دول الخليج في مقدمة البلدان التي تعرض على اللاجئين السوريين مأوى آمنا.."، تقول هذه المنظمة الحقوقية العالمية.. - كيف تبرر دول الخليج سياستها هاته؟ حكومات هذه الدول تقول إن استقبال لاجئين سوريين ليس حلا مستداما، وهي ترمي إلى ذلك موازاة باللوم على الغرب بأنه لا يعمل على وضع نهاية للحرب الدائرة في سوريا.. - مما تتخوف دول الخليج؟ هذه الدول التي تدار بسلطوية تتخوف في الغالب من حصول اضطرابات اجتماعية، من شأنها أن تجعل درجة عدم الرضى تتصاعد في أوساط شعوبها، لذا فهي لا تخاطر في استقبال أجانب لوقت غير محدود، قد تجد نفسها فيه أيضا ملزمة بتحمل تبعات هؤلاء، ومنه فهي تجعل بقاء الأجانب، الذين لم يحالفهم حظ النجاح في الحصول على "عقد عمل" فوق أراضيها في غاية الصعوبة، كما أنه شبه مستحيل تقريبا الحصول على الجنسية بهاته الدول، ففي بلدان الخليج الصغيرة مثل قطر أو الإمارات العربية المتحدة لايشكل الأهالي أكثر من 10 بالمائة من مجموع الساكنة، فيما 90 بالمائة المتبقية هم أجانب يشتغلون بشكل مؤقت كيد عاملة داخل البلد.. - هل تقوم دول الخليج بشئ ما لصالح اللاجئين السوريين؟ تعمل حكومات هذه الدول على تحويل الملايين سنويا لفائدة مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، هو نهج تسير عليه أيضا أغلب الدول الأوروبية، ودولة الكويت وحدها تحوز علامة مميزة في هذا الباب، إذ جاءت في تصنيف سنة 2015 في المرتبة الثالثة بين الدول المانحة بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان.. - هل يقدم "المجتمع المدني" مساعدة ما ؟ بعض الناس من دول الخليج هم من بين المانحين الأكثر سخاء بالنسبة لللاجئين السوريين، هم يمنحون المفوضية الأممية في شؤون اللاجئين وحدها سنويا مئات الآلاف من الدولارات، غير أن بعض المنح من الخليج بات ينظر إليها من زاوية المشكلة، هذه المنح تذهب قبل كل شئ لفائدة "منظمات مساعدة" ذات توجه إسلامي محافظ وتهتم حصريا بالسوريين السنيين، فهي لاتزود هؤلاء فقط بالغذاء ولكن كذلك موازاة بتأويل غاية في التشدد و المحافظة للإسلام، كما دعم بعض الأفراد من دول الخليج بواسطة منح بملايين الدولارات أيضا مجموعات إسلامية راديكالية في سوريا.. *شبيغل أونلاين.