مثل كرة ثلج تبدأ صغيرة لتكبر بتدحرجها من القمة إلى السفح، تطورت قضية زيارة الداعية السعودي الشيخ محمد العريفي للمغرب؛ قصد إلقاء محاضرة حول "دور القرآن في بناء الإنسان"، من انتقادات عابرة إلى مطالب واضحة من نشطاء يساريين وشيعة، قبل أن يتم إطلاق عريضة إلكترونية دولية للمطالبة بمنع العريفي من زيارة المغرب. وأطلق ناشطون عريضة إلكترونية عبر الموقع الشهير "أفاز" Avaaz petition، وجهوا من خلالها الدعوة إلى السلطات المغربية المعنية من أجل التدخل ومنع تنظيم ندوة العريفي، التي تشرف عليها حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، كما دعت إلى منع دخوله للتراب الوطني. ونشرت العريضة الإلكترونية يوم أمس السبت، ليوقعها إلى حدود اللحظة أكثر من 850 شخص، ووضعت هدفا لها يتمثل في جمع 10 آلاف توقيع لمناهضة زيارة العريفي للمملكة، بدعوى أن للداعية السعودي "مواقف محرضة على الفتنة، والعنف، والاقتتال" وفق تعبير النشطاء. وأشار الواقفون وراء عريضة "أفاز" إلى أن العريفي أصدر العديد من الفتاوى المثيرة والغريبة عن المنطق الإنساني، من قبيل منع انفراد الفتاة مع والدها، وفتوى جهاد المناكحة، وتأييده لتنظيم القاعدة، فضلا عن عبارته الشهيرة "المرأة ناقصة عقل ودين بسبب غُدة نسيت اسمها". وأوردت العريضة ذاتها: "لأننا في المغرب نرفض كل الأصوات المحرضة على العنف والظلامية، فإننا قررنا إنشاء هذه العريضة من أجل حث الدولة المغربية على منع العريفي وأشباهه من دخول البلاد، وشحن عقول شبابنا بالأفكار البائدة التي هو في غنى عنها" على حد تعبيرها. وانقسمت مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد لمطلب منع العريفي من دخول المغرب، أو على الأقل منعه من إلقاء محاضرته بالرباط، وبين رافض لهذا الأسلوب، ومادح للداعية الإسلامي المعروف، بدعوى أن "عددا من تصريحاته وفتاواه تم تحريفها وبترها من سياقها لتشويه صورته". الرافضون لزيارة العريفي للمغرب استندوا إلى ما قالوا إنها "تصريحات تدعو إلى الفتنة والقتال مع الجماعات المسلحة، كما تتطاول على كرامة المرأة، من خلال إهانتها وتسويتها بالكلب والشيطان"، وفق ما ورد في بلاغ اللجنة التحضيرية لمجموعة نساء شابات من أجل الديمقراطية. وأعلنت هؤلاء الناشطات اليساريات عن استعدادهن للقيام بأشكال احتجاجية "ضد كل من يريد الزج بالمجتمع المغربي في الأفكار الظلامية، والرجعية، والتصدي لفتاوى العار المسيئة للنساء"، رافضات "تدنيس قاعة شهيد الشعب المغربي والحركة التقدمية، المهدي بن بركة"، حيث ستُنظم الندوة. وبالمقابل، دافع عدد من النشطاء الإسلاميين على حضور العريفي للمغرب، وذكر محمد أمين أكعبون، معلقا في الصفحة الرسمية للعريفي على "فيسبوك"، بالقول: "كل من ينتقد العريفي ذكروه بهذه الآية: "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"، فيما دبج عبد السلام أوعزة: "نحن نرحب بك في بلدك الثاني المغرب..وسعداء جدا بمجيئك عندنا".