صباح الخير يا بحر..يا سمك ..يا سردين ..يا باجو..يا كروڤيت رويال .. صباح الخير يا صيادين ويا صيادات ...يا رمال ياصخور... ياقوارب ..ياصنارات ..يا شباك..ياقرابين .. صباح الخير يا شريطنا البحري.. ياثروتنا العائمة من السعيدية إلى طنجة العالية إلى الگويرة الأعلى والأغلى.. هذا ابن الدار عبد اللطيف بنيحيى يحييكم و يخاطبكم : "أعلم أني حين أشد الرحال يمتصني البحر إلى أفق لا يحد.." . ونعلم نحن أننا حين نشد أذاننا إلى إذاعة طنجة الرائعة ليلا ،يمتصنا صوت عبد اللطيف بنيحيى إلى لحظة أخذ لا توصف... . فبعد استماعنا لكل البرامج التي يقدمها هذا الصحافي المقتدر والشاعر الرقيق السيد عبد اللطيف بنيحيى ، في إذاعة طنجة المتميزة بنوعية برامجها وجرأة صحفييها : دائرة ضوء، أنيس البحر، صور من البادية ، وصولا إلى برنامجه المتفرد الذي يحظى عندي بإجلال خاص "صباح الخير يا بحر " .فيه ينقلنا إلى أمواج البحر وعوالم البحارة والصيادين وما يلاقيه هؤلاء من صعوبات ومشاكل ومغامرات وطرائف كذلك ،نخرج بعد هذه البرامج كلها بدون استثناء بنفس الإنطباع وهو أن الرجل يتمتع بحس إنساني كبير وعميق، .فمراحل برنامجه "صباح الخير يا بحر " يتحول إلى أرخبيل من المشاعر و الأسئلة والمواقف الإنسانية والإجتماعية والوجودية الساخنة والحارة التي تحتاج من المسؤولين عندنا إلى كثير إمعان وتأمل واهتمام . فإذاعة طنجة ليل يتحول إلى نهار ، مكاتب واستوديوهات تتحول إلى جامعة شعبية، أقسام ومدرجات مفتوحة ، خلية نحل بلدي يجد فيها كل مستمع أو مشارك أو متصل غربا وشرقا وشمالا وجنوبا مكانا محترما لرأيه واهتماماته.وعبد اللطيف بنيحيى قريب من المستمع بروحه ووجدانه وصدقه ، لا وقت للشرود والخطإ والإنصات لأعطاب الذات ،هنا يكمن سر نجاحه،فهو إنسان حقيقي بكل ما في الكلمة من معنى .وأعتقد أنه ليس سهلا أبدا أن يكون الإنسان إنسانا وأن يدرك قيمة الإنسانية فيه وأن يحافظ على درجة هذه الإنسانية أمام هذا المد الكئيب وهذا التصحر الرهيب الذي أصبح يزحف يوميا على القلوب . شخصيا لم أعرف السيد بنيحيى عن قرب ، ولكنني أعرف بعض الشذرات عن سيرته وتوجهه الفكري المعتدل القريب من فكري ، وفكر كل إنسان يؤمن بثقافة الحوار والنقاش والديمقراطية. فهو أستاذ وشاعر قبل أن يكون صحافيا . اليوم التحدي مطروح على الصحافين والمثقفين والمبدعين مثله عموما كي ينخرطوا كل من موقعه في النضال لنشر الوعي الصحيح بقضايا الوطن والأمة ،وإيقاظ الهمم لحل مشاكل الناس البسطاء ، ومقاومة كل أشكال الموت واليأس ، وهذا ما يقوم به أخونا عبد اللطيف بنيحيى في برامجه الليلية وكأن ضوء النهار وضجيجه لا يلائمانه وأنه لا يمتلك كل قدراته الصحفية والإبداعية إلا في جنح الظلام ، يحول صدى الجراح الدفين في نفوس المقهورين من صيادين وسكان بسطاء وشباب متطوع إلى إيقاع صوت وذبذبات على الأثير وقد وفر لها كل البهارات ووسائل الإستقبال و الإقناع السمعية والتقنية والإنسانية كذلك اللازمة للخطاب الإذاعي الناجح . بصراحة السيد عبداللطيف بنيحيى يقدم عمله الليلي بلذة و بصدق كبير ، تطل بسببه على البرنامج أثناء كل حلقة إنسانيةُ الآخرين المثخنة بالهموم،و المحفوفة بالخسارة والإحباط ، فينتشلها ويصطادها متىرنحة كما يصطاد الصياد الحرفي المحنك السمكة ، لكن دون سبق إصىرار أو إزعاج ثم يعيدها إلى مائها بوداعة وحنان وقد زرع فيها الأمل كي تستمر في الحياة . الوقت ليل يا صاح .. والكون ساج ..نائم .. وصوت عبداللطيف بنيحيى يلعلع خافتا يأتيك من عروسة الشمال ليغمرك بطيبه وصفائه ،طارداعن سلطان الكرى عن أجفانك ، محلقا بك تارة إلى عوالم الفن والشعر والموسيقى وتارة أخرى ينزل بك إلى سفينة الحياة بما هي صراع يعمره الجشع والمتناقضات: الحيتان الكبيرة تلتهم الحيتان الصغيرة صارخا بأعلى صوت ولكن بهمس شعري دفين : ياله من نهم الحياة !!ياله من طبع الإنسان وعطش العواطف !!! االعدوى التي تفشت بين الناس : "اللامسؤولية" ليس في قطاع الصيد فحسب ،وإنما في الكثير من القطاعات وجب أن تتوقف..... الشعر رفيقه في عمله يحرر روحه من الجسد المنهك، من هذا الإستياء الجاثم على صدره الذي يتراكم عليه حلقة بعد أخرى كوجه من أوجه التضامن مع أخيه الإنسان البسيط فيسرع للقاء البحر لاستكمال حريته . آخر حلقة من برنامج "صباح الخير يا بحر "بعد عيد الأضحى ، وضعنا السي عبد اللطيف أمام الصورة الأخرى للإحتفالات بالعيد الكبير في مغربنا الأكبر ، ليست الصورة المتعلقة بذبح الحولي وسلخه والأساليب المتنوعة لشيه وطبخه وأزدراده ،وإنما صورة عاشقة البحر بامتياز ، المرأة الوحيدة في العالم العربي ألتي تزاول الصيد التقليدي بالمغرب "السعدية مخفي" كما صرح بذلك أثناء حديثه عنها ، هي الآن طريحة الفراش بمستشفى ابن طفيل بمراكش ، تساندها "جمعية الأمل للتنمية وذوي الحاجات الخاصة "بحساب :0درهم !!.البحر بيبكي الآن كما يقول إخواننا المصريون ..أم بيضحك ..هل عرفتم بيضحك ليه ؟هل عرفتم بيبكي ليه ؟ هل عرفتم لماذا ؟ وعلى من وماذا وكيف؟ وحده الصحافي بنيحيى الإنسان سيجيبكم بكل صدق في الحلقات المقبلة من برنامجه الجديد : صباح الخير ياأهل الخير ...السعدية مخفي تنتظر مساندتكم...وشكرا...