يتوجه اليوم الأحد الناخبون في جهة كاطالونيا (شمال شرق إسبانيا) إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء البرلمان الجهوي البالغ عددهم 135 عضوا ، وهو اقتراع مصيري بالنسبة للجهة، على اعتبار أن أنصار التوجه الانفصالي وعلى رأسهم حزب التوافق الديمقراطي (يميني محافظ) الذي يتزعمه أرتور ماس رئيس الحكومة المحلية، وحزب اليسار الجمهوري بزعامة أوريول جونكيراس، يريدون من هذه الانتخابات أن تشكل خطوة نحو الإعلان عن استقلال الجهة عن إسبانيا في فترة لا تتجاوز 18 شهرا، في حال فوز لائحتهما المشتركة والمدعومة من قبل عدد من المنظمات غير الحكومية والجمعيات المدنية. ومن أبرز القوائم المتبارية في هذا الاستحقاق بالاضافة الى لائحة (معا من أجل نعم ) الانفصالية، لائحة "الحزب الاشتراكي الكاطالوني" الذي يدعو الى تعديل دستوري يجعل من إسبانيا دولة فدرالية، ولائحة "الحزب الشعبي الكاطالوني" الموالي للحكومة المركزية الذي يناهض بكل قوة موقف انفصال كاطالونيا عن اسبانيا. كما يقدم حزب "الاتحاد الديمقراطي الكاطالوني" الذي انسحب مؤخرا من تحالف "وفاق ووحدة" الحاكم في الجهة ، مرشحين يدعون الى مناقشة أي إعلان للانفصال مع الحكومة المركزية، وهو ما يعني ضمنيا وقوفه الى جانب المناوئين للحركات الانفصالية. ثم تأتي لائحة حزب "سيودادانوس" (المواطنون) اليميني المعادي لفكرة الانفصال، ولائحة حزب "مرشحي الوحدة الشعبية" (يسار متطرف) ، بالاضافة الى قوائم أخرى تمثل توجهات وتحالفات تنتمي الى تيارات تمتد من أقصى اليمين الى أقصى اليسار. وتعتمد الانتخابات الاقليمية في كاطالونيا نظام القائمة النسبية، حيث يقدم كل حزب سياسي قائمة من المرشحين في كل واحدة من الدوائر الانتخابية، وتمثل مقاعد البرلمان الدوائر الانتخابية في المحافظات الأربع ، لييدا (غرب) وجيرونا ( شمال) وبرشلونة ( وسط) وتاراغونا (جنوب)، بينما تنقسم المقاعد على النحو التالي ، 85 مقعدا لبرشلونة و 18 طراغونة و 17 لجيرونا و 15 للييدا. وتتكون الهيئة الانتخابية من السكان القاطنين في المقاطعات التابعة لكاطالونيا والمقيمين في الخارج فيما يبلغ عدد الناخبين في الجهة أزيد من خمسة ملايين ناخب. وتعتمد قائمة أرثور ماس، في هذه الانتخابات على "خارطة طريق" ، كان قد وضعها بتنسيق مع زعيم حزب اليسار الجمهوري، أوريول جونكيراس ، وممثلي "الجمعية الوطنية الكاطالونية" و"هيئة أومنيوم الثقافية"، هدفها هو إجراء انتخابات إقليمية في 27 شتنبر الجاري ، والإعلان عن استقلال الجهة في ظرف 18 شهرا ، في حال فوز اللائحة بالأغلبية. غير أن الحكومة الإسبانية، تعتبر أن هذه الخطة الانفصالية مرفوضة وأنه "لن يكون هناك استقلال لكاطالونيا"، وأن الحكومة ستقوم بكافة التدابير القانونية الضرورية لمنع "انتهاك وحدة إسبانيا". وتؤكد الحكومة المركزية أيضا ، أنها لن تسمح بأن تتخذ، بعد انتخابات 27 شتنبر المقبل بكاطالونيا، أي قرارات تمثل "خرقا مباشرا للقانون ومعايير التعايش"، في إشارة إلى إعلان محتمل للاستقلال من جانب واحد لهذه الجهة من قبل القوميين الكاطالونيين. وتقوم عدة أوساط في كاطالونيا خاصة داخل عالم الاقتصاد والأعمال بزرع الشك في المسلسل الانفصالي من خلال تخويف رجال الأعمال والمستثمرين بخطورة الموقف إذا ما حقق الانفصاليون فوزا في هذه الاستحقاقات، كما يحذر فاعلون اقتصاديون من أن مصير هذه الجهة الغنية من إسبانيا لن يكون بأحسن من اليونان الذي يشهد أزمة خانقة ، إذا ما انفصلت عن الوطن الام. وكانت المحكمة الدستورية الاسبانية قضت ببطلان استفتاء نظم في تاسع نونبر الماضي في جهة كاطالونيا ، واعتبرته منافيا لدستور إسبانيا الذي تم إقراره خلال 1978 ، وقرر قضاة المحكمة آنذاك " بالإجماع ، إلغاء الاستفتاء بشأن استقلال كاطالونيا، الذي كان قد دعا إليه رئيس الحكومة المحلية أرتور ماس، كما علقت المحكمة نفسها " الاستفتاء البديل" الذي نظم عوض الاستفتاء الاصلي في كاطالونيا في 9 نونبر الماضي حيث اعتبرته "غير قانوني". وكان آخر استطلاع للرأي حول توجهات الرأي في الجهة قد كشف أن اللائحة الانفصالية ( معا من أجل نعم) ، يمكن أن تحصل على ما بين 63 و 65 نائبا (40.7 من الأصوات) ، وبالتالي ستكون بحاجة إلى دعم لائحة " مرشحي الوحدة الشعبية " للاقتراب من الأغلبية المطلقة. وأفاد الاستطلاع الذي أجري ما بين 14 و17 شتنبر الماضي بأن لائحة " مرشحي الوحدة الشعبية" ( يسار متطرف) التي كان لها ثلاثة نواب في البرلمان السابق ، قد تحصل خلال هذه الانتخابات على ثمانية مقاعد (6.4 في المائة من الأصوات)، مما قد يمنح القوى الانفصالية وضعية أقرب للأغلبية المطلقة. وحسب الاستطلاع ستحصل لائحة " سيودادنوس" اليميني المناهض للانفصال على 20 أو 21 مقعدا (14.4 في المائة من الأصوات) ليصبح بذلك القوة الثانية في البرلمان، كما سيحصل الحزب الاشتراكي الكاطالوني الرافض للانفصال على ما بين 12 و 14 مقعدا (10.1 في المائة من الأصوات)، والحزب الشعبي الكاطالوني الموالي للحزب الحاكم في إسبانيا على ما بين 12 و 13 ممثلا (10.6 في المائة من الأصوات)، بينما لن يتمكن الاتحاد الديمقراطي الكاطالوني من الحصول على أي مقعد (4.2 في المائة من الأصوات) طبقا للاستطلاع. وتتمتع كاطالونيا، التي يبلغ عدد سكانها 7 ملايين و500 ألف نسمة، بحكم ذاتي يعتبر الأوسع مقارنة مع باقي جهات وأقاليم إسبانيا، وتبلغ مساحتها 32.1 ألف كلم، وتضم 947 بلدية موزعة على أربع أقاليم هي برشلونة وجيرونا ولييدا وطرغونا، كما تمثل الجهة 19 في المائة من اجمالي الناتج الداخلي الاسباني و25 في المائة من صادرات البلد. *و.م.ع