تأتي زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى المغرب كتتمة لعدد من الزيارات التي قام بها عدد من رؤساء الجمهورية الفرنسية منذ أن نال المغرب استقلاله سنة 1956، بالرغم من مرور علاقات البلدين بعدد من الأزمات التي كادت تنسف تحالفا تاريخيا امتد لعدد من الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية. مد ديستان وجزر ميتيرون بالرجوع إلى تاريخ الزيارات التي قام بها رؤساء الجمهورية الخامسة، نجد أنه خلال الفترة الممتدة من 1956، تاريخ استقلال المغرب، إلى حدود 1974، لم يزر أي رئيس فرنسي المغرب، حتى كسر فاليري جيسكار ديستان هذه القاعدة سنة 1975، حيث التقى الملك الراحل الحسن الثاني بالرباط، كما زار الجارة الشرقية الجزائر خلال السنة ذاتها. مباشرة بعد هذه الزيارة، قام الحسن الثاني، رفقة ولي العهد حينها، محمد السادس، والأمير مولاي رشيد، بزيارة رسمية سنة 1976 إلى باريس، كرد لزيارة ديستان، عبر خلالها الملك الراحل عن قوة العلاقة التي تربط بين المملكة المغربية وفرنسا، وإعجابه بالنموذج الفرنسي. وفي ظرفية داخلية صعبة كان يعيشها المغرب، جراء الحرب التي كان يخوضها مع البوليساريو في الصحراء، وتوتر العلاقة بين الاشتراكيين والقصر، وبعد أن صعد الرئيس المنحدر من اليسار، فرانسوا ميتيرون، إلى رئاسة قصر الإليزي، خلفا لفاليري جيسكار ديستان سنة 1981، قام ميترون بزيارة لمدينة مراكش في الثالث والعشرين من يناير 1983، للدفع بالعلاقات المغربية الفرنسية، و"تجاوز سوء الفهم الكبير" بينهما، خاصة أن العلاقة بين البلدين عرفت توترا كبيرا، بسبب موقف دانييل ميتيرن، السيدة الأولى في فرنسا وزوجة الرئيس، من الصحراء. شيراك.. والأفق المفتوح العلاقات المغربية الفرنسية ستعرف أزهى فتراتها مع وصول جاك شيراك إلى رئاسة الجمهورية الفرنسية، إذ اعتبر عهده أبرز تجسيد لقوة هذه العلاقات. أول زيارة قام بها شيراك للمغرب كانت في التاسع عشر من يوليوز 1995، التقى خلالها الملك الحسن الثاني، وهي أول مناسبة يلقي فيها خطابا أمام الجالية الفرنسية في المغرب، كما أنها شكلت دفعة كبيرة للعلاقات الثنائية بين البلدين، لتبدأ بعدها سلسلة من الزيارات المتبادلة لشيراك والملك الراحل الحسن الثاني، ثم بعده محمد الملك السادس. بعد وفاة الحسن الثاني، كانت أول زيارة لشيراك إلى لمغرب بتاريخ التاسع من أكتوبر 2003، التقى خلالها الملك محمد السادس، ثم بعد ذلك زار ثلاث مدن مغربية، هي فاسوطنجة والرباط، كما كان اليوم الأخير من زيارته للمغرب، 11 أكتوبر، مناسبة لإلقائه خطابا أمام البرلمان المغربي بغرفتيه الأولى والثانية. وإلى جانب هذه الزيارات الرسمية التي قام بها شيراك للمغرب، تحدثت عدد من المصادر الصحفية عن زيارات متكررة له بعيدا عن الأضواء، خاصة لمدينة تارودانت. ساركو والمغرب بعد أن خلف نيكولا ساركوزي جاك شيراك في قصر الإليزيه، كان المغرب هو الوجهة الأولى التي يتوجه إليها الرئيس الجديد خارج دول الاتحاد الأوروبي، وكانت بتاريخ الثالث والعشرين من أكتوبر 2007، أشهرا قليلة من انتخابه رئيسا للجمهورية الخامسة. ساركوزي، الذي استمرت زيارته ثلاثة أيام آنذاك، أجرى مباحثات مع الملك محمد السادس، ووقع عددا من اتفاقيات التعاون بين البلدين، خاصة على مستوى قطاعات النقل والتعاون القضائي والضمان الاجتماعي والمعادن، حيث تجاوز الغلاف المالي لتلك المشاريع ثلاثة مليارات أورو، كما أنه كان ثاني رئيس فرنسي، بعد شيراك، يلقي خطابا أمام البرلمان المغربي. الرئيس الفرنسي السابق لم يتوقف، بعد خروجه من قصر الرئاسة، عن زيارة المغرب، خاصة في إطار زيارات خاصة، غالبا ما تكون وجهته فيها مدينة مراكش، أبرزها خلال السنة الجارية. وبالرغم من كونه لا يشغل أي منصب رسمي، إلا أن ساركوزي، حظي باستقبال رسمي من قبل الملك محمد السادس، وناقشا مستقبل العلاقات المغربية الفرنسية، كما التقى رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وعددا من الوزراء الآخرين، كوزير الخارجية، صلاح الدين مزوار، والداخلية محمد حصاد، والعدل والحريات، مصطفى الرميد. ضمادة هولاند بحلول الرئيس الحالي لفرنسا بمدينة طنجة للقاء الملك محمد السادس، تكون هي الزيارة الثانية التي يقوم بها للمغرب في أقل من ثلاث سنوات، حيث كانت أول زيارة له في مارس 2013، بعد أن كان قد زار في وقت سابق الجزائر. زيارة هولاند الحالية تأتي في ظرف يعرف حالة انفراج في العلاقات المغربية الفرنسية، بعد أزمة دامت سنة كاملة بسبب استدعاء الشرطة الفرنسية مدير المخابرات المغربية، عبد اللطيف الحموشي، وتجميد المغرب لاتفاقية التعاون القضائي مع فرنسا.