بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات الجماعية والجهوية التي جرت أوّل أمس الجمعة، بدأت تتقاطر تقارير الهيئات المدنية المشرفة على مراقبة سيْر العملية الانتخابية. ويظهر أنَّ هناك تقدّما على مستوى تجويد ظروف إجراء العمليات الانتخابيّة في المغرب، دون أن يعني ذلك انتفاء تسجيل خروقات، سواء أثناء الحملة الانتخابية أو يوم الاقتراع، وعلى رأسها استعمال المال لشراء أصوات الناخبين. وحسب تقرير أصدره "المنتدى المدني الديمقراطي المغربي"، بشراكة مع "مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية"، حوْل ظروف إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية، بناء على المعطيات الميْدانيّة التي وفّرها الملاحظون المُنتدبون لمراقبة سيْر العملية الانتخابيّة، فإنّ الاستحقاقات الجماعية والجهوية الأولى من نوعها بعد دستور 2011، والتي أشرفت عليها لجنة حكومية رأَسها وزيرا الداخلية والعدل، سجّلت "تنامي الحياد الإيجابي للسلطات". إلّا أنَّ ذلك لا يعني أنّ العملية الانتخابية "كانتْ شفّافة مائة في المائة"، بحسب تعبير كريمة غراض، عضوة المنتدى المدني الديمقراطي المغربي، وأوضحت المتحدّثة في ندوة صحافية عقدها المنتدى صباح اليوم الأحد بالرباط، وقدّم فيها نتائج تقريره الأوّلي حوْل انتخابات الجمعة، أنّ العملية الانتخابيّة "شابتْها بعض الخروقات"، وعلى رأسها استعمال المال "بشكل صارخ"، لاستمالة الناخبين، وكذا استعمال أماكن العبادة للتأثير على اختيارهم. من جهته قالَ المخزن سيدي أحمد، رئيس المنتدى المدني الديمقراطي المغربي إنَّ المُلاحظين ال360 الذين انتدبهم المنتدى لمراقبة الانتخابات الجماعية والجهوية، قبْل الحملة الانتخابيّة وإبَّانها ويوم الاقتراع، سجّلوا "بعض الاختلالات، مثل استعمال المال بشكل معزول، ونقْص على مستوى التنظيم في بعْض المكاتب"، وأضاف: "في مقابل ذلك، سجّلنا تأكيدَ منْحى الحياد الإيجابي للدّولة". غيْرَ أنَّ "الحيادَ الإيجابي" للدولة لمْ يكنْ قاعدةً عامّة، إذَ قالتْ كريمة غراض: "في مقابل الحياد الإيجابي للإدارة المغربيّة، وقفْنا أيضا على عدد من مظاهر الحياد السلبيّ"، وتجلّى ذلك -حسب المتحدثة- في الخروقات الناجمة عن تعويض بطاقة الناخب بالبطاقة الوطنيّة، دونَ تزويد بعض مكاتب التصويت بالحواسيب، وهُوَ ما سمحَ للمرشحين أوْ من ينوبُ عنهم بتقديم "خدمات" للناخبين، من خلال تمكينهم من الهواتف للاتصال بالرقم الذي وضعتْه وزارة الداخليّة لمعرفة معلومات عن التصويت. واعتبرت غراض البلاغات التي أصدرتْها وزارة الداخلية، والمتعلقة بالتأديبات الصادرة في حقّ عدد من أعوان السلطة، وتسهيلها مأموريّة المُلاحظين الذين أشرفوا على مراقبة سيْر العملية الانتخابيّة، وتشجيع المواطنين المغاربة على المشاركة في التصويت مؤشرات إيجابيّة، إلّا أنَّ ذلك لا يعني حياداً مطلقا للسلطات، وقالت: "سجّلنا نموّ ترمومتر الحياد الإيجابي للدولة منذ 2007، إلّا أنّ مسارَ الحياد الإيجابي لم يبلغْ مُنتهاه". وعرفت العملية الانتخابية –بحسب تقرير المنتدى المدين الديمقراطي المغربي- "تطوّرا ملموسا بالمقارنة مع الاستحقاقات السابقة"، ويتمثل ذلك، يُضيف التقرير، في المرور إلى الحياد الإيجابي لممارسة السلطات، وتحسّن المناخ العامّ الذي أجري فيه الاقتراع قبل الحملة الانتخابيّة وخلالها ويوم الاقتراع"، وسجّل التقرير "انتقال الاختلالات التي كانت تجري في قلب العملية الانتخابيّة إلى هوامشها كوقائع ومظاهر منحرفة محصورة، وفي كثير من الأحيان معزولة".