كانت صورة الطفل الصغير الملقى على وجهه بشاطئ منتجع في "بودروم" التركي كفيلة بأن تخلق ضجة عارمة عبر أرجاء العالم، وتذكر البشرية بالمآل المأساوي الذي وصل إليه الشعب السوري المهجّر، بين مطرقة كيماويات بشار الأسد وإرهاب "تنظيم الدولة في العراق والشام" (داعش). ووضعت أغلب الجرائد العالمية صورة الطفل إيلان كردي، البالغ من العمر ثلاث سنوات، والتي شكلت "صدمة للعالم"، على صفحاتها الأولى، ك"الأندبندنت" و"الغارديان" و"التايمز" و"الصان" و"لوموند" و"لوبوان" و"لوفيجارو" وغيرها، والذي توفي إلى جانب شقيقه ذي الخمس سنوات ووالدتهما حين انقلب بهم مركب على متنه 16 لاجئا سوريا كانوا يطمحون إلى الوصول إلى شواطئ اليونان والعبور منها إلى أي دولة في القارة الأوروبية. صورة أخرى قديمة للطفل إيلان، بصحبة أخيه، غزت مواقع التواصل الاجتماعي، وتساءلت وسائل إعلامية حول ما "إذا كان ضمير الإنسانية سيصحو بعد مشاهدة هذه الصورة". فيما اعتبرت جريدة " لوبوان" صورة الطفل الصغير، " الصورة التي جلبت العار لأوروبا". جريدة "لوموند" الفرنسية، قالت إن حادثة غرق الطفل إيلان "فتحت أعيننا على أن الحروب الأهلية والدينية والإقليمية التي تعيشها المنطقة، لا تدفع فقط الرجال والشباب إلى خوض غمار مغامرة عبور البحر، ولكن الأمر يتعلق بعائلات بأكملها بما فيها النساء والأطفال". من جهتها، قالت صحيفة "نوفيل أوبسيرفاتور" إن لفظ البحر لجثة الصغير السوري، التي "شكلت صدمة للإنسانية هي في الحقيقة إدانة للعالم جراء تقصيره أمام كارثة إنسانية حلت بالشعب السوري". جريدة " اندبندنت" البريطانية أطلقت ليلة البارحة حملة على موقعها الإلكتروني تدعو فيها إلى فتح باب الهجرة الشرعية أمام اللاجئين السوريين عوض تركهم يموتون في البحر. فيما عنونت "الكَارديان" صفحتها الأولى بعنوان عريض "حقيقة قاسية لأزمة اللاجئين السوريين في أوروبا". مدير الطوارئ في منظمة "هيومن رايتس وتش"، بيتر بوكارت، علق بالقول: "البعض يقولون إن هذه الصورة صادمة، ومن غير المناسب نشرها في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، ولكن بالنسبة لي فإن الشيء الصادم فعلا وغير المناسب هو أننا لم نفعل شيئا لإنقاذ حياة هذا الطفل". من جهة أخرى، قالت الحقوقية خديجة عيناني، في تصريح ل"هسبريس"، إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، "تدين صمت العالم تجاه مأساة السوريين، خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية التي تتحمل الجزء الكبير من الأزمة السورية، زيادة على المسؤولية الأخلاقية للعالم أجمع وللأمم المتحدة"، مطالبة بالتدخل العاجل لتسوية قضية اللاجئين السوريين وإيجاد حل للأزمة السورية. وطالبت الحقوقية المغرب باحترام حقوق اللاجئين السوريين من صحة وتعليم وسكن وغيرها. أما رئيس جمعية "الأيادي المتضامنة" التي تعنى بشؤون المهاجرين، محمد بنيعقوب، فقال، في تصريح لجريدة "هسبريس"، إن المغرب يستطيع إيواء اللاجئين السوريين، إلا أن الاستقرار يتعلق بالسوريين ومدى قابلية اندماجهم في المجتمع المغربي أو أي مجتمع عربي، مؤكدا أن عائلات سورية عديدة أبانت، من خلال احتكاكه بها، عن رغبتها الجامحة في الهجرة نحو أوروبا دون الرغبة في الاستقرار والعمل والإنتاج والصبر. وفي وقت تتعالى مطالب عربية وغربية على مواقع التواصل الاجتماعي، لإيواء اللاجئين السوريين، لا زالت الدول العربية والإسلامية بعيدة عن اتخاذ أي رد فعل تجاه هذه المأساة الإنسانية، فيما بادر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى دعوة الدول الإسلامية والعربية إلى إيواء اللاجئين السوريين، محملا تلك الدول المسؤولية أمام الله عنهم، داعيا في بيان له العلماء والخطباء إلى تخصيص الجمعة القادمة لمعاناة اللاجئين السوريين لتوعية المسلمين بقضيتهم، متوجها بالشكر إلى الدول والمؤسسات والشخصيات التي تسعى لإيواء ومساعدة السوريين وغيرهم.