ترك أكادير... وهو يعيش الآن في مونتريال هو طالب جاد ويهيئ دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية وهو فنان محب لأشعار محمود درويش وله أصدقاء يحبون سماع دندنته وهو رسام , يرسم لوحات أغلبها تحمل معانى الحرية بألوان ورموز أمازيغية رن الهاتف...انها زميلته الكيبيكية بالكلية تخبره عن رغبتها في اصطحابه للتظاهر ضد زيارة الأمير تشارلز لكيبيك. سألها لماذا اخترتني أنا بالذات؟؟ أجابت :أولا أنت كيبيكي الآن ولا شك أنك تؤمن برفضنا لاستمرار الولاء لبريطانيا وثانيا أريدك أن ترسم لوحة عن هذه اللحظة! تردد قليلا ثم قال: تعلمين أنه ليست لدي سيارة! أجابت : سنذهب جميعا فى سيارتي! وفى اليوم الموالي ركبا السيارة وانطلقا في اتجاه المبنى العسكري الذي كان الأمير ينوي زيارته لاحظت صديقته الكبيكية اضطرابه , فقالت: لست على عادتك؟ قال: ماذا تقصدين ؟؟ قالت : أنت متوتر فأنت لا تدندن؟ اصطنع ابتسامة صغيرة وظل شاردا. وصلا وكان هناك ما يقارب مئتي شخص يحتجون على زيارة الامير تشارلز وزوجته كاميلا وكانوا يهتفون : "سمو الامير عد من حيث أتيت" و"لتحيا كيبيك الحرة" وقف مع المتظاهرين الذين كانوا يرفعون أعلام كيبيك الزرقاء المزينة بأزهار الزنبق ووجد نفسه في حيرة, لقد كان يشعر طوال الوقت برغبتين! رغبتان كانتا تجتاحانه في نفس الوقت : رغبة في رؤية أمير ورغبة في الوقوف مع المتظاهرين إلا أن رغبة رؤية الأمير ظلت مسيطرة عليه وهي رغبة كانت تبعث في قلبه شعورا بالمتعة : متعة النظر الى أمير..... هذا هو الشعور الذي خالجه ,وبدلاً من أن يردد شعارات تدعو الى رفض السيطرة البريطانية, أصبح يستعد لرؤية الأمير وأخذ ينظر الى الشارع الطويل ويتطلع لرؤيته ... فهو كأيها الناس عندما يسمعون بموكب الملوك والأمراء فإنهم ينسون عدلهم و ظلمهم وإنجازاتهم وخطاباتهم كل ما يفعلون هو التلويح والابتسام... وهذه أول مرة يرى فيها أميرا.. وهوالأمير الذى يحمل لقب ولي عهد بريطانيا والفارق بينهما كبير فدم الأمير أزرق ودم ابن الشعب أحمر ودمه هو لا لون له ...لم يسبق لأحد أن أعطى لونا لدم المهاجر! وما زال شعوره لم يتغير...وبدأ يستعد... و بدأ وجهه يتهيأ للابتسام.. قطعت عنه صديقته الكيبيكية متعة التفكير برؤية الأمير وقالت : خذ بيضة ! قال : لماذا البيض ؟؟ أجابت : سنرشقه بالبيض ! قال: هل هو أسلوب حضاري جديد ؟؟ أخذ البيضة في يده وهو يسائل نفسه : هل سافرت الى أقصى العالم لأرشق أمير الانجليز بالبيض؟ واذا لم أفعل هل هي خيانة من اخترت أن أكون منهم... فأوراقي الرسمية تقول أنني كيبيكي! زادت حيرته ...وحاول اخفاء مشاعره المتباينة يبن يد ترغب في التلويح وبين يد تحمل بيضة لرشق الأمير! وصل الأمير في موكب لم تسبقه دراجات نارية... واضطر ولي العهد البريطاني وزوجته لاستخدام باب ثانوي لدخول المبنى العسكري ... ريشته لم تستطع رسم لوحة تعبر عن التظاهرة ...ربما لأنه لا زال حائرا في اختيار الألوان!