لا حديث يعلو في بلدتي الصغيرة تنجداد، على النقاشات البيزنطية للنخبة كما العامة حول الانتخابات الجماعية المقبلة، انتخابات ستكون لا محالة بعيدة عن شروط وفلسفة الديمقرطية وتؤجل حلم التنمية بمنطقتنا عقودا أخرى، فالانتخابات في هذه البقاع تتم وفق معطيات بدائية تنتصر للقبيلة واللون واللسان، ويندى الجبين أكثر عندما تجد من يسوقون لمثل هذه الأفكار من أناس متعلمين لا يخدمون غير مصالحهم الشخصية على حساب ساكنة ساذجة وبكل المقاييس. تأسفت والأسف لا ينفع لشباب اختار أن يرضي وينتصر لمن حرمونا من التنمية وتركوا بلدتنا عرضة للضياع، فها هو من تربّع على عرش دائرته منذ أكثر من عقدين يعود إليها وهو يدّعي أن الساكنة تودّدت إليه ليحتفظ بمنصبه الذي لن يزيحه عنه غير الموت، والأسوء أن الشباب يلتزمون الصمت أمام هؤلاء "القذاذفة"(*)، ولكن لا يكفون عن النعيق في المقاهي والتجمعات. أين المشكلة يا ترى؟ هل هي مسألة عجز عن التصريح أم أزمة نفاق اجتماعي لا ينتهي؟؟ تأسفت والأسف لا ينفع لشباب يسكت على حملات انتخابية بطعم التعصب القبلي، لونا ولسانا، حملات ننصت فيها –غير مرغمين- لمن يبث الفتنة بين أبناء البلدة الواحدة لغاية في نفس يعقوب، من دفعته المصلحة الشخصية للتفنن في كل أشكال الوضاعة الفكرية والضحالة الثقافية، كيف لا وهو الذي لا يملك أدنى فكرة عن البرنامج الانتخابي ولا أي رؤية للنهوض بالمنطقة؟؟ تأسفت والأسف لا ينفع لشباب يزبد دفاعا عن مرشح ليس بينه وبين السياسة إلا الخير والاحسان، وبينه وبين آليات التدبير والتسيير مسافة سنوات ضوئية، مرشح طرق أباطرة الأحزاب بابه لا لشيء إلا لكونه من الأعيان أو بنيهم أو لحسابات أخرى لا يدركها إلا من نصّبوه، وسيربح به الحزب مقعدا انتخابيا بغض النظر عن مستواه وثقافته وشخصيته، بل ويستحسنون أن يكون مطاوعا مبتدئا يرفع يده كلما طلب منه ذلك. تأسفت والأسف لا ينفع لشباب يدرك أن الانتخابات آلية ديمقراطية تمكّن المواطن من تنمية بلدته وفق برنامج ورؤية واضحة، ويغمض عينيه عن الولائم المشكوك في أمرها، بل ويأتي للمشاركة الفعلية في تقاسم الموائد التي تنتهي بالدعوة الصريحة للتصويت لفلان أو علان. تأسفت والأسف لا ينفع لمسؤولين لم يدركوا بعد أن الواجب الاخلاقي قبل القانوني يفرض التزامهم الحياد وعدم المشاركة في الحملات الانتخابية خصوصا أن أقواها تتم قبل الأوان، بل الأنكى أن تتم هذه الحملات من داخل مؤسسات أو ممتلكات الدولة. تأسفت والأسف لا ينفع لشابات لم يشفع لهن مستواهن التعليمي ليقررن متى وأين ولماذا يترشحن، وبقين بضاعة انتخابية يتبادلها الساسة الفاشلون من سماسرة الأميين والجهلاء. تأسفت والأسف لا ينفع لتقسيم ترابي لا نعرف كيف تم والمعايير التي بها تم تقسيم "الدوار" الواحد وإلحاق جزء منه بآخر في رسم خرائطي تعجز اليد عن خطه، كل ذلك لغايات غير معلنة وبإيحاءات انتخابوية غير بريئة. تأسفت والأسف لا ينفع لعائلات وقبائل جمعها كل شيء سنين طويلة ولكن فرقها الصراع الانتخابي في ليلة واحدة، في غياب الفهم الصحيح للانتخابات ومغزاها والتنافس الشريف الذي يفترض أن يطبعها. تأسفت والأسف لا ينفع لدكاكين سياسية لم تفتح أبوابها إلا بعد صفارة انطلاق حمى الانتخابات، وستغلق لا محالة بعد أسبوعين لأن توعية الشباب وتأطيره يهدد لا محالة أصحاب الأمر والنهي ممن التصقت مؤخراتهم بالكراسي. تأسفت والأسف لا ينفع لجمعيات كنا نخالها تقوم بعمل جمعوي شريف ليسقط عنها القناع وتكثف من نشاطها الحقيقي هذه الأيام. أتأسف في الأخير وكلي يقين أن الأسف لا ينفع على أن ما قلت عن بلدتي الصغيرة ينطبق على كثير من البلاد، وربما أكثر مما أتصور وتتصورون. أختم بأسئلة أربع لا جواب لها في الوقت الراهن على الأقل: - متى تكون التنمية هاجس المواطن الفركلي قبل المسؤول الحزبي؟؟؟ - متى يفطن المواطن بفركلة الى اللعبة الصدئة للطغمة الحزبية ؟؟؟ - متى ندرك أن الولاءات القبلية المتعصبة لا ولن تنفع المنطقة وتنميتها؟؟؟ - متى سنظفر بمجالس جماعية في مستوى التحديات والاكراهات؟؟؟ (*) نسبة الى العقيد معمر القذافي مع الاحترام الواجب لقبيلة القذاذفة الليبية.