دوار ولاد الطيب الحوامد الشرقية، التابع لجماعة سيدي يحيى زعير القروية، وهي التي تبعد بحوالي 30 كيلومترا عن مركز الجماعة التي تنتمي لإقليم الصخيراتتمارة، والممتدة على مساحة جغرافية واسعة جدا يعيش فوق ترابها ازيد من 57 ألف نسمة. السيارة تغادر الطريق الرئيسي، وتدخل وسط ممرات ضيقة وسط الغابات من أجل الوصول للدوار.. حرارة اليوم مرتفعة،والمنطقة شبه فارغة من سكانها.. هل هي عادات سكان البادية الذين يستيقظون باكرا ويختفون في منازلهم حين يتوسط قرص الشمس السماء ؟.. بل إنه يوم السوق الأسبوعي، وأغلب السكان اتجهوا نحوه لقضاء حوائجهم. على جنبات الطريق عدد من "السقايات" التي أنشأها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، لكن لا أحد يُقبل عليها ليروي ظمأه لأنها لن تفي بالغرض ما دامت المياه لا تصل إليها، فكلما حل فصل الصيف تتجدد معاناة الساكنة في الحصول على الماء، ويضطرون للتنقل عدة كيلومترات للحصول على بعض من مياه الآبار التي يستهلكونها في الشرب وكل متطلبات الحياة اليومية. خلال سنة 2009 تم ربط الدوار، وعدد من المناطق القروية للجماعة، بشبكة توزيع الماء الصالح للشرب، لكن كل سنة تعرف تكرار سيناريو انقطاع المياه عن السكان بشكل كلي ولمدة قد تزيد عن الشهرين، كما هو الحال في دوار "ولاد الطيب" الذي انقطعت عنه المياه منذ حلول الأيام الأولى من شهر رمضان لهذه السنة. " هاد العام تعذّبنا بزاف مع الما".. بهذه العبارة بدأت "القدورية" حديثها معنا، وهي امرأة في عقدها الخامس، واقفة قرب إحدى "السقايات" تحكي قصتها مع المياه التي طال غيابها هذه السنة.. قائلة :"في هذه الفترة دائما ما تنقطع علينا المياه، لكن هذه السنة طالت مدة انقطاعها، حيث لم تصلنا قطرة واحدة منذ أكثر من شهرين، ونضطر للتنقل لجلب ماء البئر التي تبعد بحوالي ساعة زمن من التنقل". بعيدا عن منزل "القدورية" توجد إحدى الآبار محاطة بعدد من البقرات، ويونس، شاب في مقتبل العمر، منهمك في استخراج الماء يسقي به بقراته ويقول :" هذه البئر هي مصدرنا الوحيد للمياه حين تنقطع عن السقايات، ونستغل مياهها في كل استعمالاتنا اليومية، نشرب منها ونغتسل ونروي بها عطش بهائمنا". جولة قصيرة في الدوار تؤكد أنه مجهز بشبكة لتوزيع الماء الصالح للشرب، ما جعل التساؤل ينصب عن سبب الانقطاعات الموسمية للمادة الأساسية للحياة، سؤال تم تحميله إلى الONEE بسيدي يحيى زعير الذي رفض الإدلاء بأي تصريح بدعوى ضرورة اتباع مسطرة إدارية معقدة من أجل الحصول على معلومات بسيطة تتمثل في السبب الرئيسي للانقطاعات المتكررة للماء بالدواوير النائية. جمعية التضامن بولاد الطيب، وهو التنظيم الذي تأسس سنة 2009 للدفاع عن حقوق سكان المنطقة في الاستفادة من عدد من الخدمات من بينها تحسين خدمة التزود بالماء الصالح للشرب، بيقول رئيسها عمر المباركي: " منذ أن تم ربط الدوار بشبكة الماء الصالح للشرب، سنة 2009، ونحن نعاني من الانقطاعات المتكررة في فصل الصيف، خاصة وأن الساكنة تكون بحاجة مُلحة للماء في هذه الفترة، ما يجعلها تقطع كيلومترات للوصول إلى ما قد يسد الخصاص بمياه الآبار"، ويضيف: "راسلنا المسؤولين بعدة شكايات، لكن الإجابة تكون دائما بوعود من أجل إيجاد حل، لكن المشكل مازال مطروحا لحد الآن". بوعزة، واحد من الساكنة المتضررة من هذا المشكل، وعضو في جمعية التضامن بولاد الطيب، يصف وضعية الدوار، بسبب انقطاعات الماء المتكررة،وغياب آبار كافية لسد الخصاص، ويورد: "كل سنة نعيش نفس السيناريو مع الماء، ويضطر ابناؤنا للتنقل كيلومترات للوصول إلى الآبار، مما يعرضهم لخطر السقوط في الآبار".. ويضيف ذات المتحدث: "أكبر المتضررين هم الفلاحون الذين يقومون بتعليف المواشي، هؤلاء يعانون الأمرين لجلب الماء للقطعان". التوجه تم لمقر جماعة سيدي يحيى زعير من أجل معرفة بعض المعلومات حول مشروع تزويد المناطق النائية بالماء الشروب، والوقوف على الإجراءات التي اتخذتها بعد الشكايات المتواصلة للساكنة، لكن التواصل مع رئيس الجماعة لم يتم بالرغم من المحاولات المتكررة للاتصال به، إذ لم يجب على المكالمات الواردة على هاتفه، كما لم يتم لقاؤه في مكتبه بسبب انشغاله في التواصل الانتخابي ضمن الاستحقاقات المهنية للفلاحين. مصدر مسؤول من داخل الجماعة المحلية أكد أن مشروع تزويد دواوير الجماعة بالماء الصالح للشرب قد كلف أكثر من ثلاثة ملايير سنتيم، مشيرا إلى أن جميع المناطق النائية استفادت في إطار هذا المشروع من تمديد شبكة التزويد بالماء الشروب، مؤكدا أن ذات الشبكة تغطي كافة دواوير الجماعة بنسبة مائة بالمائة، لكن ففصل الصيف يعرف كثرة استهلاك المياه، مما يحول دون وصولها إلى بعض الدواوير.. وفق تعبيره. * صحافي متدرب