طفو أكثر من حادثة على سطح العلاقات المغربيَّة الموريتانيَّة، في الآونة الأخيرة، ليس إلا بعثًا لرسائل من نواكشُوط إلى الرباط مفادهَا أنَّ الجارة الجنوبيَّة مستاءة من تعامل الرباط.. على هذَا النحو يقرأ موسى العجلاوي، الخبيرُ في الشؤون الأمنيَّة بمركز الدراسات الإفريقيَّة، التطور الواسم للعلاقات بين البلدين، مؤخرًا. الأكاديميُّ المصرح لهسبريس يوضحُ أنَّ لا محِيد عن بدء التحليل بالإشارة إلى عنصر مهم في العلاقات المغربيَّة الموريتانيَّة وهُو التذبذب، أي أنَّ العلاقات بين نواكشُوط والرباط كثيرًا ما تخضعُ لمتغيرات، تنجمُ في غالب الأحيان عن حساسية تجاه نظام الحكم في المغرب لا عن استراتيجيَّات مرسومة بدقة.. ويضيف: "الموريتانيُّون يشعرُون بأنَّ المغرب مطالب بأن يعاملهم ككيان مستقل، ولربما يتوقُون إلى زيارة ملكيَّة قائمة، لا إلى إفرادهم زيارة في نطاق جولة بجنوب الصحراء". ويرجحُ الباحث أن يكون حضُور مسؤُولين وأمنيِّين مغاربة زفاف نجلة مصطفى ولد الشافعِي بالمغرب، وهو أحد الخصُوم الألدَّاء للرئيس الموريتاني، أحد الأسباب في التوتر الحاصل مؤخرًا. فمن المحتمل أن تكون الواقعة قد خضعت لقراءة سلبيَّة واعتبرت بمثابة استفزاز لهرم السلطة بموريتانيا، حتى إن كانت قد جرت عن غير قصد بالمرّة. ويشرحُ العجلاوي أنَّ العلاقات بين الرباط ونواكشُوط كانت في وضع جيد قبل اندلاع "الربيع العربي"، وحين لاحظت موريتانيا أن الجزائر هي التي قاومت رياح الحراك آثرتها عوض المغرب.. "بيد أنَّ وضع الثقةٍ في الجزائر سرعان ما يتبددُ إزاء ما صار يحيقُ بها اليوم، في ظل الاحتقان الاجتماعي وتعاظم خطر الإرهاب مع تنظيم "الدولة الإسلاميَّة" وفق تعبير نفس الخبير. ويضيفُ خبير الشؤون الأمنيَّة بمركز الدراسات الإفريقيَّة أنَّ موريتانيا أدركت كون الجزائر مقبلةً على شفير الهاوية، وأنَّ الرهان عليها محكومٌ ما لا محالة بالخيبة، وبالتالِي من الأفضل بالنسبة إليها أن تعززَ علاقاتها مع المغرب الذِي يظلُّ بدوره ذَا حاجةٍ إلى جارته الجنوبيَّة، بالنظر إلى توتره الحاصل سلفًا مع الجارة الجزائر من جهة الشرق "على المغرب أن يتحرك كي يرتب الأمُور ولا يذرهَا على حالهَا". "ثمة ضرورة لتوضح السلطات المغربية موقفها، وذاك ما يستوجبُ عقد لقاءات سريعة، سواء على المستوى الرسمي من خلال انتقال وزير الخارجيَّة، أو على المستوى الموازِي، على اعتبار أنَّ عددًا من الأحزاب المغربيَّة تنسقُ مع أحزاب موريتانيَّة، كما هو الشأن بالنسبة إلى حزب الاستقلال مع حزب الاتحاد من أجل الجمهوريَّة الحاكم بموريتانيا، والاتحاد الاشتراكِي بحزب تكتل القوى الديمقراطيَّة، لأحمد ولد داداه" يورد العجلاوي ضمن تحليله. يذكرُ أنَّ الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، كان قد استقبل مؤخرًا مسؤُول الخارجيَّة في جبهة البُوليساريُو، محمد سالم ولد السَّالك، وجرى ذلك وسط قصره بنواكشوط، كما كانت مجموعة برلمانيَّة قد أنشئت قبل فترة بالمؤسسة التشريعيَّة الموريتانيَّة، لدعم أطروحة البوليساريُو، فيما اعتبر مؤشرات على تواصل الأزمة غير المعلنة بين المغرب وموريتانيا.