في جولة إفريقية جديدة استهلها بزيارته لكينيا، تنقل الرئيس الأمريكي باراك أوباما أيضا نحو إثيوبيا ضمن أول زيارة لساكن بالبيت الأبيض نحو هذا البلد الافريقي، فيما رأى متتبعون أن هذا التحرك صوب القارة السمراء، والذي يسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكيّة بأشهر قلائل، يأتي لتعزيز تواجد واشنطن على المستوى الاقتصادي، خاصة وأنها سبقت للإعلان عن استثمارات قيمتها 37 مليار دولار بإفريقيا. وفي كلمة ألقاها بمقر الاتحاد الأفريقي، في أديس أبابا، استخدم أوباما العناوين الرئيسية التي تميز سياسته الخارجية، حيث حث القادة الأفارقة على ضرورة تفعيل الديمقراطية وعدم التشبث بالسلطة، إلى جانب مكافحة الإرهاب والحرص على الأمن والاهتمام بالشباب وتمكين المرأة، مع الاستثمار في البيئة الاقتصادية والتجارية التي تهيمن عليها الصين. ويرى المتتبعون للشأن الأمريكي أن "خطوة أديس أبابا" تبقى رمزية في المقام الأول، حيث تبقى بمثابة "وداع من أوباما" كرئيس للولايات المتحدة، باعتباره سيغادر البيت الأبيض بعد 18 شهرا، حيث عبر باستباقه لإثيبويا بزيارة كينيا، بمثابة تكريم لبلده الأصل. ورغم أن الزيارات الرسمية الأمريكية لعدد من الدول الافريقية تبقى مقرونة أساساً بطابع العمل والاستثمار، خاصة بعدما تقدم المعاملات الصينية بفارق كبير في أفريقيا، ووصف ذات المساعي الأمريكية من على وسائل إعلام دولية بكونها "جولة للحاق بالصين"، فإن تصريحات باراك أوباما جاهرت باستثمارات مستقبلية تتجه للقارة السمراء في مجالات التكنولوجيا الجديدة والطاقة والبنية التحتية، دون الكشف عن أجندة لتفعيلها. مقابل ذلك، يمكن ملاحظة أن التسابق صوب بلدان القارة الإفريقية لم يبقى حبيساً على الجانب الأمريكي، حيث كان الملك محمد السادس قد نفذ مؤخرا زيارات رسمية لمجموعة من العواصم الإفريقية، استطالت على مساحة زمنية من 24 يوما خلال شهري فبراير ومارس المنصرمين، حاطا الرحال بكل من مالي والكوت ديفوار وغينيا كوناكري والغابون. وعدت جولة ملك المغرب من أطول الزيارات الرسمية التي قام بها منذ توليه العرش قبل حوالي 16 عاماً، فيما كانت الحصيلة جد إيجابية بتوقيع ما مجموعه 92 اتفاقية مع البلدان الأربعة التي قصدها بعمق القارة، حيث همّت تَنفيذ إستراتيجية موحدة لتعزيز العلاقة المغربية الإفريقية، ودخول مراحل جديدة تثري روابط التعاون البينية وتتويجها بتعاملات اقتصادية أقوى وأوضح. وشملت الزيارات الملكي، التي وصفت بالمُهمة والتاريخية، توقيع اتفاقيات في مجالات متصلة بالقطاعا الخاصة، إلى جوار تفاهمات ترفع الازدواج الضرائبي، وكذا اتفاقات تطال الأنشطة الفلاحية.. فيما عرف ذات التعاطي الافريقي المطول إعلان البلدان الأربعة لدعمها الثابت تجاه المبادرة المغربية المتصلة بالحكم الذاتي في الصحراء. عبد الرحيم العلام، الباحث في الشأن السياسي، اعتبر أنه لا مجال للمقارنة والحديث عن صراع مغربي أمريكي، معلقا على المعطيين بوجود "هناك تكامل"، وفق تصريح أدلى به لهسبريس، ومُدعّماً قوله بمثال عن جامعة "هارفارد"، التي هي أقدم وأعرق الجامعات الأمريكية، وزاد: "هذه المؤسسة تفوق ميزانيتها لوحدها ميزانية المغرب، والولايات المتحدةالأمريكية تبقى إمبراطورية ضخمة تحكم العالم". وأضاف العلام أن "السياسة المغربية تلعب داخل ما هو مرسوم لها من طرف أمريكا"، إلا أنه أشار مقابل ذلك عن إمكانية الحديث عن منافسة أمريكية مع الصين و روسيا، خصوصا أن الصراع سياسي بين موسكووواشنطن واضح، في حين أن الصراع اقتصادي صرف بين أمريكاوالصين.. وقال ذات الخبير السياسي إن زيارة أوباما تبقى متصلة بأغراض شخصية وحزبية، يغازل بها أبناء عمومته والعديد من ذوي البشرة السمراء الذي يؤاخذون الرئيس الأمريكي على عدم الإهتمام بقضاياهم.. وفق تعبير العلام. * صحافية متدربة