رفع ساكنة دوار "الرجا فالله" ذات اسم تجمعهم السكاني القروي وهم يشيعون جثمان الطفلة بسمة حاجي صوب مثواها الأخير.. إذ حضرت الحسرة خلال مراسيم تشييع الجنازة بنفوس كافة ساكنة المنطقة وكذا كلّ من سمع بقصّة وفاتها على حين غرّة بصدمة عربة مسرعة وهي في طريقها صوب الفصل الثاني من الفرعية المدرسية التي تدرس بها.. وهي الحسرة التي لم يفلح في تغييب مرارتها الحضور الشخصي للمدبّرين الإقليميين للشأن التعليمي بالنّاظور ضمن عملية الدّفن مُصدّرين بالنائب الإقليمي محمّد البور. قصّة الطفلة الفقيدة بسمة حاجي ذات ال8 سنوات لم تختلف إلاّ قليلا عن باقي قصص زملائها في الفصل الذي ودّعته إلى الأبد.. إذ رغما عن كونها تضطر كما الجميع .. أثناء قصدها للقسم والبيت.. إلى قطع المحور الطرقي الساحلي والمخترق لجوار الدوار التابع لجماعة بوعرك بضواحي النّاظور، إلاّ أنّ يوم الثلاثاء الأخير كان مصيريا في حياتها.. حيث وقفت بسمة، بمحياها الباسم، بمحاذاة الطريق التي ألفت عبورها لأربع مرّات يوميا.. وعدت تراقب حركة سير السيارات.. منتظرة الوقت المناسب للعبور صوب الجانب الآخر الذي تتواجد به فرعية دوار "الرجا فالله" من مجموعة مدارس سعد ابن أبي وقّاص.. وأكيد أن بسمة قد كاتن تستحضر كلام "آل حاجي" وهم يوصونها بالانتباه حين تكون جانب الطريق.. كما استحضرت قواعد السلامة المرورية التي لا يفتأ معلمها عن تكرارها بكرة وأصيلا.. إلاّ أن بسمة لم تكن تتخيّل بأن سائق عربة سيفقد السيطرة على مقود مركبته ويرديها قتيلة على بعد من المساحة المزفتة.. فذلك لم يخطر على بال أحد ممّن لقنوها مبادئ الحذر وكيفية عبور الطريق.
وفاة بسمة حاجي لم تسفر فقط عن نقلها باكرا صوب مستودع أموات المستشفى الحسني الإقليمي بالنّاظور.. أو نقلها قبل الأوان تجاه مقبرة دوار "الرجا فالله".. بل أنتجت أيضا حدادا وسط محيطها الأسري والتعليمي كما أفضت لحالة احتقان بالتجمع السكاني الكثيف التعداد الذي تقطن به عائلتها.. واليوم ترفع مطالب زملائها وجيرانها صوب من "يهمّهم الأمر" بوجوب إيجاد حلول لمخاطر المرور التي أضحت تتربص بفلذات الأكباد وضرورة إنشاء فرعية مدرسية وسط "الرجَا فالله" تعفي من مجابهة خطر الموت في طلب التربية والتكوين.
بسمة حاجي ليست الوحيدة التي قتلتها الطريق وهي تقصد المدرسة بالنّاظور والنواحي.. بل المعطى سبق له وأن سجّل باسم "أسامة مكافح".. الطفل الذي قُتل بشارع "القيسارية" وسط القلب النابض مدينة النّاظور.. كما أنّ بسمة حاجي ليست الفريدة التي فارقت الماضي والحاضر والمستقبل على المحور الطرقي الساحلي الرابط بين السعيدية وطنجة عبر ضواحي النّاظور.. بل لائحة الضحايا مثخنة ولازالت مفتوحة.. إلاّ أن التساؤل يبقى مفتوحا حول ما إذا كانت وفاة بسمة حاجي ستحرك ضمائر مستعملي الطريق ومدبري الشأن العام على حدّ سواء..