حالةٌ من الجلبَة والاستياء باتَت تثيرها قفَّة رمضان في الجزائر، بسبب الصيغ المعتمدة لتوزيعها، ففي الوقت الذِي اختارت وزارة التضامن بالبلاد منحها على شكل طرُود، فضلت وزارة الشؤُون الدينيَّة إلى تقديمها في شكل صكوك ماليَّة، بينما عمدت البلديَّات إلى تقديمها لطالبيها في طوابير طويلة، الأمر الذِي اعتبر نيلًا من كرامة الجزائريِّين. من الاختلالات التي تشوب قفة رمضان الجزائريَّة، وفق ما تكشفُ عنه "الشروق" الجزائريَّة، إدراج مستفيدين وهميِّين في قوائم المشمولِين بالقفة، حيث أسفرت عملية التمحيص وفرز قوائم العائلات المحتاجة، إلى إقصاء ما يقارب 20 ألف مستفيد وهمي لا تتوفر فيهم الشروط وتم تسجيلهم في قوائم المستفيدين من قفة رمضان بالبويرة لوحدها. ووفق المصدر ذاته، فإنَّ بعض البلديات الجزائريَّة تحتال في قوائم الفقراء، كما حصل في لولاية بسكرة، حيث أكد نائب رئيس البلدية أنه جرى تخصيص 400 قفة للمعوزين، في حين أن رئيس البلدية قسم العدد إلى النصف، وقام بتوزيع 200 فقط، واستفاد هو ومعارفه من العدد المتبقي. أمَّا التأخير فينضافُ إلى إشكالات القفة، في الوقت الذي يعزو رئيس بلدية برج الكيفان قدور حداد، الأمر إلى الإجراءات المتعلقة بتمرير الصفقة عبر مناقصة وطنية لتجاوزها قيمة ملياريّ سنتيم. مبديًا خشيته من عدم إقبال الفقراء على استلام حصتهم من القفف بسبب تفضيل غالبيتهم الحصُول على مساعدات مادية بدلا من مواد غذائية ليسوا بحاجة إليها". وأردف المتحدث أنَّ معظم الفقراء يخجلون من الوقوف في طوابير طويلة تفاديا لمشاهدتهم من قبل معارفهم"، مؤكدًا أنَّ "الفقير الجزائري لا يحتاج محتويات القفة بل يرغب في شراء اللحم والثياب وغيرها الأمور الأخرى". في غضون ذلك، شهدت ولاية المدية الجزائرية استياء لدى مواطنيها من الطريقة التي وصفوها بالمذلة والمهينة في توزيع قفة رمضان، حيث لا يزال معوزو وفقراء كثير من هذه البلديات ينتظمون في طوابير من بعد صلاة الفجر إلى ما بعد الظهيرة، على أمل أن يحين دورهم في الحصول على الإعانة الموجهة إليهم في شهر رمضان. إلى ذلك، لم تساعد تعليمات وزير الداخلية الجزائري، بحسب المصدر نفسه، في حفظ كرامة المستفيدين من القفف وتسليمهم إياها في بيوتهم إلا أن ذلك لم يتحقق، ذلك أنَّ مسؤولي البلديات آثرُوا إراحة أنفسهم بتوجيه مجموع المستفيدين إلى مخازن ونقاط التوزيع. معاينة صور الإذلال التي صاحبت توزيع القفة بكثير من البلديات، دفعت جمعيَّات خيريَّة في الجزائر إلى عرض خدماتها السَّاعية إلى إيصال الحصص إلى أصحابها في بيوتهم بمشاركة عمل البلديات وأطرها، بيد أن مسؤولي البلديات تشبثُوا بصيغتهم، وفق منطق انتخابي وصف بالضيق، جعلهم يرفضُون العرض.