بعد اندلاع أحداث ما يسمى ب"الربيع العربي" سنة 2011، ظهرت العديد من التحليلات الاقتصادية المتحدثة عن استفادة المغرب من استقراره السياسي مقارنة مع دول شمال إفريقيا ليحوز بذلك على أكبر حصة من الاستثمارات الأجنبية الموجهة لمنطقة شمال إفريقيا، وتفوقه على منافسين قويين هما مصر تونس، إلا أن هذه الوضعية قد وصلت إلى نهايتها حسب الدارسة التي أنجزها مكتب الاستشارات والافتحاص المالي EY. وكشفت الدراسة المنجزة من طرف المكتب الذي يعد ثالث أكبر مؤسسة للافتحاص في بريطانيا، أن المغرب ومصر قد أصبحا فرسي الرهان في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية في منطقة شمال إفريقيا، فإذا كانت الاستثمارات الأجنبية في المغرب موجهة بشكل كبير إلى مجال الطاقات المتجددة، فقد نجحت مصر في جذب الاستثمارات الأجنبية وتوجيهها نحو مشروع توسعة قناة السويس، وتشييد الموانئ، وإصلاح السكك الحديدية المصرية. وأضافت الدراسة أن 13 مشروعا في شمال إفريقيا جذب حوالي 40 مليار دولار، جلها في المغرب ومصر، قبل أن تلاحظ أن مصر تتفوق على المغرب في مجال الاستثمارات في قطاع الصناعات الغذائية، مقدمة المثال على ذلك بالاستثمارات التي قامت بها شركة "نسلي" وشركة المراعي" نظرا لضخامة السوق المصرية. وأكد المكتب على لسان أحد مسؤوليه ويدعى جيمس نيولوندز أن المستثمرين العالميين أصبحوا يعتقدون أن حالة انعدام الاستقرار السياسي التي عاشتها دول "الربيع العربي" بدأت تزول وهو ما يفسر عودة مصر إلى الواجهة واحتلالها مراكز متقدمة من حيث قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية الموجهة للقارة السمراء. المنافسة بين المغرب ومصر تتجلى أيضا في كون الدول التي تستثمر في هذه الأخيرة هي نفسها التي تستثمر في المملكة، ذلك أن معظم الاستثمارات الأجنبية في البلدين معا يكون مصدرها فرنسا، والإمارات العربية، والصين، وإسبانيا وألمانيا ثم بريطانيا بشكل أقل. ولفتت الدراسة إلى أن المجالات التي تجذب المستثمرين بشكل كبير، لم تعد تنحصر على قطاع الطاقة والبنيات التحتية، بل أصبحت تطال قطاعات جديدة خصوصا قطاع الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة، والخدمات المالية. وقدمت الدراسة توصيات للدول الراغبة في الظفر بأكبر نسبة من الاستثمارات الأجنبية، بأنه يتعين عليها ضمان الاستقرار السياسي، ومواجهة الفساد، ومحاربة غياب الشفافية على مستوى التشريعات المرتبطة بالاستثمار وبالصفقات العمومية، ذلك أن 556 رجل أعمال أجبني استجوبهم المكتب البريطاني أكدوا أن ما يعيقهم على الاستثمار في القارة السمراء هو تخوفهم من هذه المشاكل. وتفيد الدراسة المنجزة من طرف مكتب الافتحاص البريطاني، بأن القارة الإفريقية حازت على 17,1 في المائة من مجموع الاستثمارات الأحنبية العالمية، مقارنة مع نسبة 7,8 في المائة خلال سنة 2013، ووحدها الدول الأسيوية من استطاعت أن تحقق رقما أفضل من المحقق في القارة الإفريقية.