يقول تعالى في الآية 103 من سورة النحل : { وَلَقَدْ نَعْلَم أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمهُ بَشَر . لِسَان الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيّ وَهَذَا لِسَان عَرَبِيّ مُبِين } . جاء ذلك ردا على المشركين الذين كانوا يقولون بأن القرآن الذي جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم هو مما يتعلمه من نصارى روم كانوا بمكة فأوضح تعالى بأن القرآن الكريم هو أفصح ما يكون من العربية مُفندا قولهم . كما جاء في تفسير القرطبي . و أنا استمع الى الآية أعلاه استحضرت شريطا تسارعت فيه محطات نادي قضاة المغرب منذ تأسيسه يوم 20 غشت 2011 ، في تفعيل لدستور ما زال يسمى بالجديد ، و ما زلنا ننتظر تنزيله على ارض الواقع ، و توالت المحطات " النضالية " لفئة من المواطنين التي كان محكوما عليها بتكميم الأفواه و عدم الكلام إلا بإذن و حظر التجمع إلا استجابة لاستدعاء . فأصبح صوت القضاة مسموعا و حقهم في التضامن و الاحتجاج مشروعا .. و توالت التلميحات و التصريحات ممن يربط هذه " الظاهرة " بحراك عشرين فبراير ..ثم بتلوينات سياسية متفرقة ... و بخدمة أجندات جهات معينة ... لكن بالرجوع الى حراك نادي القضاة و حملات التضامن بين القضاة ، و بياناته الصادرة بخصوص وقائع معينة و في مواجهة كل من حاول " تلميع ' حذائه السياسي ببذلة القضاء اتضح أن قضاة النادي لا يدورون في فلك تلوين معين و لا يدينون إلا بدين الوطن و لا يُحركم سوى نخوة الدفاع عن إستقلالية السلطة القضائية التي ما زالت لا تملك من السلطة سوى الاسم و ما زالت مقوماتها رهينة بصدور قوانين تنظيمية بيد " شقيقتيها " السلطتين التنفيذية و التشريعية . و يا للمفارقة . دافع و رافع قضاة النادي و أقاموا ندوات و ورشات و أعدوا مذكرات تحتوي على ما يعتبرونه ضروريا حتى يكون للمغرب قضاء قوي لا يعلو داخل محرابه سوى صوت الحق . قضاء تتكسر على أسوار استقلاليته كل محاولات التدخل و التأثير على أحكامه سواء من طرف سلطة المال أو النفوذ . قضاء لا يرهبه سوط التهديد و لا ينحني امام جزرة الترغيب . قضاء تحكمه مبادئ و معايير كونية تجعل المواطنين سواسية أمامه في الحقوق و الواجبات . قضاء يكون رسالة سامية و ليس وظيفة مادية . قضاء يتوفر على الوسائل المادية و اللوجيستية التي توفر ظروفا مناسبة و كريمة تسمح بتحقيق ولوج سهل و سلس للمواطن لمرفق العدالة و تمنحه حقه في أقرب الآجال . من كل ما سبق يتضح أن فكر نادي قضاة المغرب بعيد عن كل ما تم رميه به من أباطيل حيث اتضح اخيراً للجميع ، إلا من أبى ، أن الامر يتعلق بقاضيات و قضاة من " صنف جديد " آمنوا بأن عهداجديدا قد بزغ على المغرب بصدور ' الدستور الجديد " و دافعوا عن حقهم في تنزيل هذا الأخير و تفعيل نصوصه . و يحضرني عنوان بالصفحة الاولى لجريدة الأسبوع الصحفي " نادي قضاة المغرب : التزام و وفاء في زمن خيانة النخبة السياسية و النقابية و الحقوقية في المغرب ". ان قضاة النادي مدعوون يوم السبت 30 ماي 2015 الى تجديد الهياكل في مرحلة حرجة تتسم بعرض القوانين التنظيمية للسلطة القضائية امام البرلمان و بتنامي الاعتداءات على القضاء و القضاة . قد تتغير الوجوه و لكن الأكيد و بحول الله أن الفكر و الصوت الحر المستقل لنادي قضاة المغرب .. باق .