يتذكر الرأي العام الوطني أننا كمناضلين اتحاديين كنا قد ذهبنا مذهبين مختلفين بعد ظهور نتائج الاستحقاقات البرلمانية 2007. فمنا من كان يقول بضرورة العودة الى المعارضة و منا من كان يقول بوجوب المشاركة في التسيير الحكومي. و كما كان النقاش ساخنا داخل المكتب السياسي و الأجهزة الحزبية الأخرى كان النقاش صاخبا في صفوفنا كشبيبة اتحادية كذلك. و نظرا لتكويني السياسي المتواضع جدا بالمقارنة مع مناضلين تربوا في الشبيبة الإتحادية و تقلدوا كثيرا من المسؤوليات السياسية قبل أن يصلوا الى قمة الهرم الحزبي ألا و هو المكتب السياسي، أقول نظرا لبساطة التكوين فاني كنت و ما أزال أقول بأن المكان الحقيقي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بناءا على نتائج 2007 هو المعارضة ليس حنينا ولا بكاءا على الماضي و لكن احتراما لارادة شعب دفع باليمين الى المقدمة دو اليسار بشتى تلاوينه. احتدم النقاش في مؤسسات الحزب، وكان رأي الأغلبية هو المشاركة. فكان لابد من أن تمتثل الأقلية للاغلبية أحيانا بمشاركة نقدية و أحيانا بنقد صامت و أحايين أخرى بالإنزواء و طلب النسيان. لكن ما فاجأني أسابيع بعد النقاشات الطويلة الرسمية و الغير الرسمية بيننا كمناضلين في الشبيبة الإتحادية.أن أقرأ في جريدة "صديقة" و هي بيان اليوم أن أحد القياديين في المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية دخل الى ديوان وزير التشغيل الأخ جمال أغماني.صدمت لانني لم أستسغ كيف أن هذا المناضل الشاب يدخل المشاركة الحكومية من بوابة أخرى بعدما تقطعت حباله الصوتية مناداة بالمعارضة؟ فقررت زيارته عند أول فرصة تسنح لي بزيارة العاصمة. عندما أتت تلك الفرصة سألته عن سر هذا التأرجح في المواقف قال لي:" كما تعرف أيها الأخ أنا ولد الحزب و الحزب قرر المشاركة فلابد من المشاركة" لم أرد أن أخوض معه في النقاش احتراما لصداقتنا أولا و تجنبا لنقاش بزنطي ثانيا. غادرت المكتب و أنا أبحث له عن عذر فلم أجد غير ما قاله ذات يوم ل"مولا نوبا" عندما زاره في مكتبه و قال بأنه جاء الى الرباط صغيرا و أنهم مارسوا به السياسة. فنسيت الموقف و نسيت الشخص. ما كنت لأتحدث عن السياسة بين الأخلاق و النفاق لولا أن"ولد الحزب" جديد ظهر. مناضل ظل أكثر من سنتين يتحدث عن المعارضة و التحالفات الغريبة. عندما يغير مناضل بحجم الأخ دريس لشكر موقفه فلا بد من الكلام و قول كلمة حق قد تزعج الكثيرين. أن يخرج الرجل في برنامجين تلفزيين يحظيان باحترام المغاربة لابد من الكلام. أن يكون المستضيفان الصحفي القدير عبد الصمد بنشريف و الصحفي المخضرم مصطفى العلوي لا بد من التعليق. في علم الإعلام هناك نظرية في علوم الإعلام لماكسويل مكومب و دونالد شاو، تقول بأن وسائل الإعلام لاتدفعنا للتفكير في بعض الظواهر بقدر ما تدفعنا الى الإيمان بها و من ثمة تصنع توجهنا العام. لا أريد أن أتحامل على الإعلام الوطني و دوره الكبير في التشجيع على العزوف السياسي وقد أعود للموضوع في مقال خاص. لكن ما يهمني هنا كاتحادي و متتبع للشأن العام هو ظاهرة الأخ دريس لشكر.هل عندما كان ينادي بالمعارضة كان موقفه مبنيا على معطيات علمية و رؤية سياسية دقيقة أم كان الدافع هو وجع الهزيمة في 2007وضياع فرصة مشاركة اقتسام الكعكة؟ اذا كانت المعطيات هي التي تحكم المواقف و الرؤية اليساسة النيرة التي تقول بأن كل شىء يتحرك في البلاد الا السياسة فلا المعطيات تغيرت و لا الديمقراطية بخير في بلادنا و آخر رجل قال بهذا حسب وسائل الإعلام المغربية هم معالي الوزير الأول في اجتماع حزبي. وأنا شخصيا مازلت أقول بأن المشاركة لم تحترم ارادة شعب لم يصوت لليسار بكثافة_دون ان أدعو الى انسحاب من الحكومة الآن و الا سأكون مثل حلفائك الجدد الذين ساندونا في حكومة التناوب سنة و نصف ثم غادروا_ أما اذا كانت الإنتهازية و الوصولية هي التي تبني المواقف فتلك قصة أخرى ما كنت أتمنى لرجل تربى في صفوف الحزب أن يركع أمام أول تحدي حقيقي للذات. ما أظن أن سيادة الوزير الأول قد غير في خطة عمله عندما علم بأن رياح التعديل الحكومي ستحملك. ما أظن أن التوجه الحكومي الذي كنت من أشد معارضيه قد تغير لتتغير يا أخ دريس لشكر. كثيرون داخل الإتحاد يحترمون التوجهات الحزبية لكن يحترمون أيضا صوت المثقف في داخلهم و هم أبناء الحزب كذلك وليسوا لقطاء. سلوكيات مثل هذه لن تشجع بتاتا على العمل السياسي للشباب. و لهث و راء المناصب بهذا الشكل للأناس يعرفون استقرارا ماديا لن يكون مثالا سليما لشباب في بداية الطريق مازال يبحث عن دخل قار. قد يكون المحترفون قد مارسوا السياسة بصاحبنا عندما وصل للعاصمة،وقد يكون عذره مقبولا لكن لن يقبل منك أنت. أن يزج بك في مسرحية ملعوبة تحت قبة البرلمان مع من طلعت معه في يوم من الأيام لتقول لنا بتحالفاتك الغريبة. فهو أمر غير مقبول. الأخ دريس لشكر ابن جيل عاصر رجل بقامة السي عبد الرحيم بوعبيد و الذي علم جيلا كاملا ان السياسة أخلاق. فالسياسة أخلاق وليست نفاق و ما هكذا تورد الإبل يا معالي الوزير المحترم. *عضو الشبيبة الاتحادية * طالب باحث في وسائل الإعلام بجمهورية الصين الشعبية