رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مجلس الأمن.. بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    زاكورة تحتضن الدورة الثامنة لملتقى درعة للمسرح    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك        بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ادريس لشكر : اخراج المعركة من داخل الحزب الى خارجه.
نشر في الوجدية يوم 27 - 09 - 2010

إن الاختلاف هو اختلاف في الأفكار وفي أسلوب تصريفها .وأظن أن ما يحدث الآن في الاتحاد الاشتراكي هو خلاف لا اختلاف، خلاف لايخجل البعض من اعتباره "تيارا للتصحيح " "وموقفا" لإحداث رجة سياسية وتنظيمية في الحزب ،خلاف هو في العمق والجوهر تعبير عن طموحات شخصية مرضية ،طموحات لاتمت إلى ثقافة النضال بصلة ،على الأقل النضال كما تعلمنا أبجدياته في المدرسة الاتحادية ،
لاكما يحاول أن يعلمه لنا الآن الأخ المناضل جدا محمد الأشعري ،فبعد الاستغناء عنه كوزير في الحكومة الحالية طلق ما بدأ ،نسي انه كان وزير ا لمدة عشر سنوات "الله يبارك" في إطار سياسة التوافق ،نسي دعمه اللامشروط للمشاركة في الحكومة ودفاعه المستميت عن تجربة التناوب وحكومة جطو ،فخرج بحوار صحفي يقول فيه "هذا التعثر في بلوغ الانتقال الديمقراطي ، يفرض علي الجميع تناوله بتجرد عن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة مع الأخذ في الحسبان أن الديمقراطية هي الخاسر الأكبر من وراء هذا التعثر الحاصل" إن المصرح به في هذا الكلام هو تعثر الانتقال الديمقراطي وخسارة الديمقراطية ،لكن المسكوت عنه هو تعثر طموح الأشعري الذي لم "يشبع" انتقالا من مواطن بسيط يكاد يكون معدما إلي وزير بوزارتين وبمزارع لتربية الخيول والأبقار و......المسكوت عنه هو خسارته للسلطة والجاه .
ونهمس في أذان الأشعري ونصرخ إذا كان شحم النعم أصابه بالصمم ،إن التجرد "عن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة " يلتزم بدءا الانخراط بقوة في بناء الحزب وتقوية هياكله والانفتاح على المجتمع ،يستلزم التنكر للذات التي استفادت الى درجة التخمة والعودة إلى الحزب هادئا شاكرا ،معترفا وممتنا،لا اصطناع أزمة في وقت ينتظر فيه الجميع سقوط الاتحاد الاشتراكي .إن لسان حال الأشعري يقول" أما نكون وزير ولا نحرم". وللعلم فإن الأشعري لم يظهر غضبه ونقده ،تمرده وثوريته إبان الإعلان عن حكومة عباس الفاسي ،بل انه حينئذ التزم الصمت و أبدى حسن السيرة لكسب ود أصحاب القرار طمعا في منصب سفير، لكن لما خرجت لائحة السفراء إلى الوجود، تبين أن الرجل غير معني ،لأنه نال حقه وأكثر ،فانفجر المكبوت وتذكر الأشعري مناورات زمان، لكن هذه المرة لم يجد له واليا يستظل به ، فقد خسرهم كلهم ،الأموي فاليازغي وأخيرا الراضي ،لأنه ما كان يربطه بهم هو زواج المتعة ... لهذا أراد اليوم أن يجرب لعب دور لايتقنه ،دور المناضل الساخط على الحزب والبلاد .عله يغنم قوة القواعد وعطف الجماهير ...لكن ما أن رفع الستار وظهر على خشبة المسرح حتى سقط القناع عن القناع وارتفع صفير المتفرجين احتجاجا على ممثل فاشل في مسرحية رديئة.
وليس الأشعري وحده من "يقود حركة تصحيحية " فقد كثرت في الآونة الأخيرة هذه "الحركات" فمن غاضب إلى رافض ومن منقذ إلى مصلح ، ومن عريضة إلى وثيقة ....الجميع ينبه ويحذر ، يوبخ وينذر ....لكن لا أحد كلف نفسه عناء العودة الى الذات بهدف المحاسبة والمحاكمة ،لا أحد أطلق مبادرة للمصالحة مع الحزب ومع المجتمع،لا احد قدم اقتراحات لاستعادة تعاطف القوى الشعبية ..... اتحاديون يناضلون بعضهم في بعض والنتيجة التأزيم والتدمير ... ضعفاء في المجتمع وأقوياء في الحزب ، لايكلفون أنفسهم عناء التفكير في كيفية مواجهة قوى الظلام والفساد لأنهم منشغلون بنسج المناورات وإشاعة الأكاذيب لنيل من مصداقية هذا المناضل أو ذاك، وهدم هذا القائد او ذاك.
وحده ادريس لشڴر ،يفكر تفكيرا مختلفا ،يسلك مسلكا متميزا ، مسلك تصدير الأزمة لاخلقها ، النضال خارج الحزب لاداخله ، " اخراج المعركة من داخل الحزب الى خارجه " " الدفاع عن الأداة الحزبية والوقوف في وجه المؤامرات ".يقول ادريس لشڴر "الاتحاد الاشتراكي وعى بأن هناك من يستهدفه بالحقل الحزبي ، والمعركة بالنسبة إلينا لم تكن تعني فقط الدخول او الخروج من الحكومة. وأحزاب كثيرة في العالم العربي على شاكلة الاتحاد الاشتراكي تعرضت لقليل مما تعرض له حزبنا واندثرت ،لكننا لما خرجنا من المعركة مهزومين ،كانت لدينا إمكانيات معينة ،إما أن نبحث عن الوسائل للدفاع عن الذات ،وهنا كثر الخصوم الذين بدؤوا يتصيدون معتقدين أن الوقت قد حان للانقضاض على الاتحاد الاشتراكي ،هذا المارد الذي لعب دورا مهما في تاريخ المغرب المستقل والذي استهدف في كافة المحطات ،حيث سبق أن اتهمونا أننا بورجوازيون صغار واصلاحيون وأنهم هم يملكون الحقيقة وسينشئون حزبا ثوريا وغير ذلك ، وهنا يمكن أن نتساءل كم من التجارب التي أرادت أن تقوم على أنقاض الاتحاد الاشتراكي ،والذين كان منهم من يعتقد في السبعينات بان الاتحاد الاشتراكي هو العقبة الكؤود التي تقف في مسار حلمه الثوري ، ولذلك يجب القضاء عليه ،ولكن هذه الأحزاب اختفت وانتهت تلك المرحلة وانقرضت تلك الأحزاب بعدما قدم الاتحاد تضحيات عدة في الأرواح والممتلكات والحريات .ثم آتت مرحلة ما بعد سنة 2007،وكاد أن يحدث نفس الأمر تحت عدة مسميات منها الحداثة وغياب الديمقراطية داخل الاتحاد الاشتراكي ،وبدأنا نسمع لغة خطيرة داخل الحزب وظهرت صراعات ويمكن القول انه أصبح مطروحا علينا سؤال كيفية إخراج المعركة من داخل الحزب إلي خارجه."المساء عدد 1047 الثلاثاء 20-02-"2010.
عندما يضعف الحزب ،لهذه الأسباب أو تلك ،وعندما يدرك لشڴر أن هناك مؤامرات تروم إضعافه ،وتهميش أو تقزيم الحزب .... لا يركبه اليأس ولا تدركه الانتهازية... لا يتنصل من المسؤولية فيلقى باللوم على الآخرين ،ثم يخرج بعريضة او وثيقة ظاهرها الغيرة على الحزب وباطنها احباطات شخصية ،لايغضب ولا يجمد عضويته ... وعيا منه بأن مثل هذه السلوكات هي التي تضر بالحزب ومساره، تخدم بشكل خطير مؤامرات الخصوم وأهداف المتربصين بالحزب .. بل انه في ظروف الأزمة يصبح ادريس أكثر حيوية بل أكثر شراسة ،أكثر يقظة وأكثر حذرا ،يضع الصراعات الداخلية بين قوسين ،يجمع قواه ليواجه بها الخصوم الحقيقيين ، ينتفض ادريس ليعلن حضور الاتحاد الاشتراكي كحزب قوي قادر على خلط الأوراق وإرباك اللاعبين ......والدور الذي لعبه لشڴر بعد انتكاسة 2007 يؤكد ذكاء الرجل وحنكته .ألم يحول ضعف الحزب الى قوة عندما حطم الأوهام وكسر الأصنام ؟
ان الذين عاشوا التجربة الاتحادية من الداخل يعرفون ان ادريس كان دائما الجدار الأمامي الذي يحتمي خلفه القادة الذين يبحثون عن كسب أو تحصين المواقع دون مواجهة في المحطات الحاسمة من تاريخ الحزب ، خصوصا في العقدين الأخيرين ، كان لشڴر حاضرا بقوة ،فاعلا أساسيا ،يواجه ويصارع ،يناضل ويناور، يخطط وينفذ ، وغيره في قاعة الانتظار يبارك فتوحاته .والمعروف عن ادريس انضباطه لقرارات الحزب وتوجهاته .فلم يثبت أبدا انه انحرف عن خط الحزب ،بل وقف سدا منيعا أمام كل من أراد قرصنة الحزب وتهريبه .والمؤتمر الوطني السادس محطة حاسمة برز فيها لشڴر فاعلا محوريا قادرا على إحباط نزوعات النقابويين وتيار " الوفاء ل...." نزوعات الذين كشفوا عن وجهوهم والذين كانوا يحركونهم خلف الستار.
واذا كان لشڴر وفيا للحزب ومنضبطا لقراراته ،فإنه وفي للأخوة والأصدقاء ،لا يغدر ولا يخون،ولكنه عندما يطعن من الخلف يعرف كيف يدبر الأمور ويقوم الاعوجاج . ونذكر ببعض المحطات الحاسمة في تاريخ الحزب والتي حاول البعض محوها.
لما عاد الفقيه البصري وبتنسيق مع الاموي والساسي والآخرين .... تم الضغط على عبد الرحمان اليوسفي لقتل اليازغي سياسيا، وكان سي محمد آنذاك يعيش أسوأ أيامه لأسباب يعرفها من عاش اللحظة .ولم يسبق أن رأيت اليازغي ضعيفا كما رأيته حينئذ .ولكن ادريس وفاءا لقادة الداخل ولاعتبارات حزبية وسياسية استطاع أن يعيد الاعتبار لليازغي إذ تمسك به قائدا في اجتماع لأغلبية اللجنة المركزية المنعقدة بدار ادريس وتم إرغام اليوسفي ، الذي التفت حوله الأقلية على العدول عن قراره حفاظا على تماسك وحدة الحزب ،وكان الانقسام قاب قوسين أو أدنى " تيار اليوسفي وتيار اليازغي" .
ومع الانتخابات الجماعية لسنة 2003 ،سوف يمر الحقل السياسي بارتباك في تحول الانتماءات الحزبية على الصعيد الوطني بعد تخلي الإدارة "وزارة الدخلية " عن الأحزاب الإدارية ،ورغم ان الاتحاد الاشتراكي أحرز على تقدم ملحوظ على مستوى عدد المستشارين الجماعيين ،مقارنة مع الإنتخابات السابقة ،لكنه اصطدم بارتباك داخلي وارتباك أخر في علاقة بأحزاب الكتلة ،أفضى هذا الارتباك المزدوج ،الى فوز احزاب المعا رضة بعمادة المدن الرئيسية كالدار البيضاء ومراكش والرباط ،وادت الخلافات داخل الحزب الى توجيه تيار محمد اليازغي لانتقادات لاذعة الى عبد الرحمان اليوسفي ،عبر صفحات يومية " الأحداث المغربية" المحسوبة على اليازغي /دون سواه قبل ن، تنقلب الامور عكسا ،مباشرة بعد صدمة نتائج الحزب في انتخابات شتنبر 2007.
ولهذه الأسباب ولأخرى ذكرها اليوسفي في محاضرة له ببروكسيل قدم عبد الرحمان استقالته واعلن اعتزاله للعمل السياسي ،والاستقالة قدمت لعبد الواحد الراضي ،وهذه إشارة التقطها اليازغي ،ولما اجتمع المكتب السياسي للنظر في خلافة اليوسفي .ارتأى لشكر ان المنهجية التنظمية تقتضي ان منصب الكاتب الاول من حق نائبه الذي هو اليازغي .لكن الراضي وولعلو و عليوة والمالكي والأخرون من رجال ونساء المكتب السياسي اضافة الى الأشعري الذي غير ولاءه لمحمد اليازغي بدعم جناح الراضي ،كان لهم رأي آخر والكل كان يطالب برأس اليازغي ..... وبعد شهر كامل من النقاشات والتوافقات والترضيات والتطمينات تم الانتصار لرأي لشكر وأعلن اليازغي كاتبا أولا للإتحاد الاشتراكي .
على أن ابرز تبعات استقالة اليوسفي ،تجسدت في صدور " وثيقة 28 نوفمبر 2003" الوثيقة التي استمدت أهميتها من طبيعة المرحلة الجديدة التي سيدخلها الحزب بعد استقالة عبد الرحمان اليوسفي من الحزب ومن العمل السياسي ،حيث اعتبرت الوثيقة ان "إعلان الاستقالة لم يكن مجرد حدث سياسي عاد يعلن استقالة قائد وطني كبير من زعامة حزب تقدمي عريق طبع تاريخ المغرب المستقل ،بل إيذانا بميلاد مرحلة جديدة بعد فترة سياسية قادها رموز الحركة الوطنية حيث بذلوا وعلى رأسهم المجاهد عبد الرحمان اليوسفي جهدا متواصلا خلال أزيد من خمسة عقود للدفاع عن استقلال البلاد ووحدتها وحريتها ،وإرساء دولة الحق والقانون وتطوير الحياة الدستورية" ،الوثيقة شخصت الاختلالات وحددت الأولويات والعمل في المستقبل في عدد من الواجهات.
سنة 2005 سوف ينعقد المؤتمر الوطني السابع في ظرفية مؤرقة بعد انسحاب اليوسفي ،وبقاء الحزب محتفظا بأهم مواقعه داخل الحكومة ومجلس النواب بعد حرمانه من الوزارة الأولى وذلك لأن ضرورة الاستمرار في انجاز الإصلاحات التي بدأت منذ حكومة التناوب الأولى .تفرض بقاءه ضمن الأغلبية الحكومية .
أنهى المؤتمر أشغاله بانتخاب المكتب السياسي الذي انتخب بالإجماع محمد اليازغي ككاتب أول . إلا أن الأوضاع التنظيمية داخل الحزب لم تحرز أي تقدم ملحوظ، وتأجج التسابق على احتلال المواقع من طرف البعض وتحصينها من طرف البعض الآخر.
لقد اعتبر أغلب المراقبين والباحثين والإعلاميين ان حزب "الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " كان الخاسر الأكبر في الانتخابات التشريعية ليوم 7 شنبر 2007 . حيث طغى التواضع على نتائج الحزب ،وتأكد تراجع ثقل الحزب في الساحة البرلمانية .بعد حصوله على 38 مقعدا.
كانت نتائج الحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة سببا مباشرا في تأزم وضعية المكتب السياسي ، المسؤول أمام قواعد الحزب ،عن مآلات الحزب .وتأزم اكبر لصورة ووضعية الكاتب الأول ، محمد اليازغي ، اضطرته في نهاية المطاف إلي تقديم استقالته من منصب الكاتب الاول للحزب ،ومن المكتب السياسي على حد سواء .
ان منعطف الانتخابات التشريعية لعام 2007 ، كان فرصة للعديد من قيادات الحزب لتصفية الحسابات وإرسال الإشارات .وكان أيضا فرصة لإفراز العديد من الانقلابات في "الفكر"وفي الممارسة.
لقد قرأ البعض في "رسوب " لشڴر في الانتخابات بداية نهاية الرجل ومؤشر أفول نجمه. تم شحذ السكاكين لذبح هذا المزعج والتخلص من شغبه .وهذا ما سينكشف في الآتي من الأيام والمحطات.
انعقد المجلس الوطني للنظر في مسألة المشاركة في الحكومة وانتهت الاشغال بتفويض الأمر للمكتب السياسي .إلا أن اليازغي غاب وغيب رفاقه مستفردا بالقرار في ظروف غامضة ،وكانت مشاركة الحزب باهتة وتبين أن اليازغي كان ضعيفا ابان المفاوضات ، ضعف فضحه حرصه على منصبه هو أولا ولو وزير بدون حقيبة،المهم هو الصفة، وثانيا قبوله حقائب لاتعكس وزن الحزب كما وكيفا ،وثالثا اقتراحه لأسماء من العيار الخفيف ...وقبل هذا وبعده التأمر على ادريس لشڴر بدعوى أن من فشل في الانتخابات لايمكن ان يكون وزيرا، إلا أن الثقة الملكية التي حظي بها لشڴر حين تم تحميله مسؤولية الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان كشفت عن المستور . طبعا هذا الخذلان سيكلف اليازغي غاليا .فهذه المرة أخطأ في حق ادريس ،الذي وعى بحسه السياسي و التنظيمي .أن هناك مؤامرة تحاك ضده. لقد حاول اعظاء المكتب السياسي ( الراضي المالكي ولعلو الأشعري .....|( مرات عدة التخلص من اليازغي ومناوراته، وفي كل مرة كان يخرج سالما غانما، ألم يكن مدعوما بإدريس ؟ ولكن لما أحس لشڴر بالخيانة أطلق رصاصة القاتلة، وادريس لايطلق أبدا رصاصة فارغة (ضربة معلم) ...ارتاح الإخوة في المكتب السياسي من زعامة اليازغي الذي ذهب ضحية وهم انتهاء ادريس .فمن صنع من ؟ !
وجاءت محطة المؤتمر الوطني الثامن ،وتوهم البعض بأن هذه المحطة هي نهاية التألق بالنسبة لإدريس ،وما كان يغذي هذا الوهم هو أن ادريس بدون جماهيرية قاعدية ، فله من الخصوم ما سيصفيه سياسيا .كما ان الطلاق الذي حدث بين اليازغي ولشڴر اعتبره البعض فرصة للانقضاض على الرجل .وهكذا اعتبر اليازغي محطة المؤتمر مناسبة لتصفية الحساب مع لشڴر .لهذا تحالف سي محمد مع عبد الواحد الراضي خصه بالأمس القريب والبعيد، تحالف معه أولا لتدمير ادريس وثانيا للاطمئنان على استمراره وزيرا بدون حقيبة..وفعلا بذل اليازغي مجهودا كبيرا لابعاد لشڴر وجند ثلة من مريديه للإساءة إلى الرجل. ولقد بدا سي محمد في بوزنيقة وكأنه لعبة صبيان ! فاليازغي الذي صال وجال في المؤتمر الوطني السادس والسابع ،لأنه كان يختفي وراء ادريس ، بدا صغيرا في المؤتمر الوطني الثامن، إلا أن ادريس لشڴر بذكائه وكبريائه ،بمكره وحنكته أفسد اللعبة وأظهر للجميع ،داخل الحزب وخارجه ، انه وحده حزب وأن تاريخ الرجل عصى على الاقبار، ومسار الإتحاد الاشتراكي لا تصنعه الرغبات الخبيثة، لقد صدم الجميع بشعبية ادريس ،وصدموا بقوته التي لم تنل منها المؤامرات شيئا .لذا راجع الكل اوراقه بعدما تبين لهم ان ادريس رقم اساسي لايمكن تجاهله .فمجرد التفكير في الغائه يعني توقف المؤتمر والى الشوط الثاني حيث يجب اللعب بنظافة . يقول ادريس لشڴر " .... إن المؤامرة التي كانت ضدنا نجح الإتحاديون في إفشالها و اجتمعوا في مؤتمرهم الوطني ،الذي كان ساخنا بفعل القضايا المطروحة عليه إضافة الى مسألة اللائحة من عدمها ومن يريد تصفية الحساب وغير ذلك ،ولم ننجح في الشوط الأول بسبب وجود خلافات. وذهبنا إلى الشوط الثاني واحتكمنا الى صناديق الاقتراع وخرجنا موحدين وهو شيء أساسي ، معنى ذلك ان الحزب نجح مرة أخرى في الحفاظ على الذات والبقاء صامدا وسط الاعاصير ..." جريدة المساء –نفس العدد-
ثم جاءت محطة استحقاقات 2009 بفاعل جديد اسماه لشڴر "الوافد الجديد " .وبذلك أغني الحقل السياسي مفاهيميا ، وبعد ظهور النتائج التي بوأت الحزب الجديد المرتبة الأولى ، جاءت فترة تشكيل مكاتب المجالس بالكيفية التي عشناها، ومرة أخرى يحضر ادريس لشڴر بقوة حيث غاب الآخرون ، فلما أمسك بخيوط المحاولة التي تعمل على تهميش الاتحاد الاشتراكي من خلال انتزاعه الدور الريادي الذي جسده دائما بجدارة نضالية و استحقاق جماهيري، و تقديمه للرأى العام كحزب يحتضر بل أنه يعيش نفسه الأخير. هنا سيتحرك إدريس ليزعج الجميع و يحرمهم من نشوة الانتصار..
هكذا نفهم احتجاجه الشهير على الوافد الجديد. "أما اليوم فقد أصبحنا أمام عنصر جديد له تأثير بارز على العملية الانتخابية في القرن الواحد و العشرين ألا و هو الجاه ،و بالمناسبة يمكن لصاحب الجاه أن يوظف أصحاب المال و أصحاب السلطة حتى إذا لم يكن صاحب الجاه يملك لا المال ولا السلطة " لشكر- جريدة الأيام.
و هكذا نفهم تقاربه مع العدالة و التنمية تقارب أملته الضرورة السياسية والغيرة الحزبية...إن تحركات لشكر أرغمت الجميع على مراجعة أوراقه، و تذكر الكل أن الاتحاد قوة لا يمكن الاستهانة بها ..كما استوعبوا أن إدريس يجيد لي الذراع، يعرف كيف و متى توجه الضربات، بمواقفه اثار الكثير من الجدل داخل الحزب وخارجه، و لكن في النهاية اقتنع الجميع أن الاتحاد هو لشكر و غيره من القادة مجرد كومبارس،لا يغامرون،لا يبادرون..خوفا من إثارة غضب أصحاب القرار فيفقدون منصبا يحتلونه أو يمنون أنفسهم باحتلاله، لهذا عندما كان إدريس يشتغل كان غيره يتفرج و ينتظر النتائج، و هناك من تسلل إليه الفرح و اعتقد أن نهاية إدريس قد اقتربت لأنه تجرأ و أعلن مجابهته للوافد الجديد، و ما سيأتي من الأيام يؤكد شجاعة إدريس لشكر ونفاذ رؤيته.
لم ينته إدريس، بل ازداد حضورا و تألقا...رجل المرحلة بامتياز، احد الأرقام الأساسية التي تم الرهان عليها في التعديل الحكومي الأخير.حضي بثقة صاحب الجلالة وتحميله مسؤولية الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان . انه الرجل المناسب في المكان المناسب . وطبعا هذا التعيين سيحيي الضغائن وينعش النمائم .قيل الكثير وكتب الكثير ومازال ، سلبا بطبيعة الحال ، وكأن المشاركة في الحكومة بدعة أتاها لشڴر وليست خيارا حزبيا .أغلب التعيينات المتعلقة بالوزراء الاتحاديين مرت أو مررت وكأنها أمر طبيعي ،إلا تعيين لشڴر أثار الكثير من الجدل واللغو ، وألهم مبدعي التهم وهواة التشكيك......ونؤكد أن ما أزعج هؤلاء وأولئك هو أنه كلما تنبؤا بنهايته واستعجلوا سقوطه، يصدمهم الرجل مكذبا أسطورة " نهاية لشڴر"...ادريس مناضل خارج الحكومة و داخلها .ان تألق إدريس سياسيا لايمكن محوه بالمزايدات الذاتوية والأنانيات المدمرة و الحكايات الوهمية.
ان لشڴر تدرج صعودا في صفوف القوات الشعبية من مناضل في خلية تلاميذية إلى اكبر جهاز في الحزب وهو المكتب السياسي .راهن عليه الكثيرون لشغل منصب الكاتب الأول في المؤتمر الأخير للحزب ، فالرجل له كل الشرعيات التي تؤهله لأعلى منصب قيادي في الحزب ،شرعية تاريخية ،استمرارية نضالية وكفاءة سياسية .يتصف بكل خصال القائد السياسي التواق إلى الديمقراطية والحداثة ،بخصال نظرية وسلوكية كاليقظة العالية والاحتراز ،والتقدم بخطوات محسوبة دون تسرع وانفعال ودون لبس ومراوغة ، وتجنب السقوط في الاستفزاز و رد الفعل ،ورفض الانسياق وراء العواطف مهما كانت نبيلة ،وتأهب دائم لخوض غمار تحليل أصيل ومبدع للاتباسات الحقل السياسي الذي يتجاوز ما هو كائن إلى ما سيكون.
تأسيسا على هذا كله ،شخصيا لم أفهم لماذا قدم كل من عبد الواحد الراضي وفتح الله ولعلو ولحبيب المالكي ترشيحاتهم في المؤتمر الثامن لشغل منصب الكاتب الأول .ماذا يميز هذا عن ذاك ، فالثلاثة متشابهون باختلافات ثانوية .نعلم ان الراضي كان يلعب دور الوصل زمن الفصل ،صلة الوصل بين الحزب والقصر ، ويظهر لي ان هذا الدور تم استنفاذه مع حكومة التناوب التوافقي .اما لحبيب المالكي فقد كان نسخة باهتة للراضي ،وإذا كان عبد الواحد يقوم بالدور بتكليف حزبي أحيانا ،فإن المالكي كان يقوم به بمبادرة شخصية ، وهما معا توافقا مع النظام قبل توافق الحزب ،احدهما عين وزيرا للتعاون والثاني رئيسا لمجلس الشباب والمستقبل ! أما ولعلو فقد عرفنا منظرا في الاقتصاد السياسي الذي كان يعفيه من وجع التنظيم .كان الاتحاديون دائما واضحين جدا مع هؤلاء ومنصفين في تصنيفهم .واذكر أنه في المؤتمر الوطني السادس صعد ولعلو الى اللجنة الإدارية بصعوبة ولكن بتعاطف اليوسفي أساسا .وكذلك كان ارتقاء المالكي إلى المكتب السياسي .لكن المؤتمر الوطني الثامن تغيرت المقاييس بتغير المصالح .ولعلو وزير للمالية لمدة عشر سنوات ،منصب اكسبه الكثير من الزبناء، والمالكي وزير للتعليم ، وهو منصب أهله لاستقطاب الكثير من رجال التعليم الحاضرين بكثرة في المؤتمر، استقطبهم الحبيب بالترقيات المهنية أحيانا وبالقبلات الدافئة أحيانا أخرى .هؤلاء في كفة و لشڴر في كفة .والى المؤتمر الوطني التاسع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.