وصلت من مناضل بالحزب الاشتراكي الموحد بمساهمة حول الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فيما يلي نصها: توطئة: قد يتساءل المتتبعون للشأن الحقوقي ومعهم الرأي العام الوطني عن نوع المشكل داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي وصلت فيها العلاقات بين أبرز مكوناتها حد التنافر، وبدأ صدى المشاكل الداخلية يخرج إلى العلن في الآونة الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر الوطني التاسع، وعن الجوهر في المشكل أو ما هي المشكلة الأساسية. فالبعض يتساءل عن نوعية الخلافات ونقط الاختلاف، والبعض يبحث في الخلافات الشخصية والبعض الآخر يتساءل هل يتعلق الأمر بالتمثيلية في أجهزة الجمعية، إلى غير ذلك من التساؤلات ، ويتساءل الجميع كيف يعجز مسئولو الجمعية على ايجاد حلول لهذه المشاكل وتدبير الاختلاف فيما بينهم بطريقة ديمقراطية كما كان عليه الأمر في السابق خاصة خلال رئاسة الأستاذ عبد الرحمان بن عمرو للجمعية. وهل غابت الحكمة في قياديي الجمعية الحاليين إلى هذه الدرجة؟ إلى غيرها من التساؤلات المشروعة. كما أنه من حق المواطنين والمتتبعين والرأي العام معرفة حقيقة ما يجري داخل الجمعية التي هي جمعية كل المغاربة وباعتبارها ملكا عاما ومناقشة الأمر بكل شفافية ووضوح وأمام الملأ مادامت الجمعية إطار جماهيري مفتوح وليست تنظيما سريا. بداية لا بد من الإشارة إلى ملاحظتين مهمتين وهما الآتيتين: أ - يعتبر بعض مناضلو الجمعية الانتقادات الموجهة للجمعية بمثابة الهجوم عليها من الداخل والمس بها ومحاولة النيل منها ومن بعض مسؤوليها وهذه مسألة خاطئة ما دامت الانتقادات لا تمس شخصا معينا وكرامته وشرفه وحياته الشخصية. ويلاحظ المتتبعون أن أبرز الانتقادات وجهت لنائب رئيس الجمعية حاليا ورئيسها سابقا السيد عبد الحميد أمين. إن انتقاد سلوكات معينة أو ممارسات معينة لمسؤول ما داخل الجمعية لا تعني بالضرورة التهجم على هذا المسؤول كشخص، وإنما يتم انتقاد الممارسة بحد ذاتها. بالإضافة إلى أن الجمعية ليست شيئا مقدسا فهي تسير من طرف أشخاص وهي بالتالي معرضة للخطأ، كما لا يمكن اعتبارها من الخطوط الحمراء التي لا يجب التطرق إليها بالانتقاد من طرف الصحافة الوطنية ومن طرف الرأي العام. ومن يعتبرها كذلك فهو مناقض لمبادئ حقوق الإنسان. ب – يعتبر بعض مناضلو الجمعية كل من ينتقد الجمعية متآمرا على الجمعية مشبوه ومدفوع به لانتقاد الجمعية والبعض يصل به الأمر إلى حد تخوينه واتهامه اتهامات غير مقبولة. وهذا أمر غير مقبول لأن أغلب منتقدي الجمعية مؤخرا هم من المدافعين عنها أيام الشدة وفي الأيام العصيبة إضافة إلى غيرتهم المعروفة عن الجمعية. ترى ما هو جوهر المشكل ؟ إن أبرز مشكل ونواة المشاكل وأم المشاكل داخل الجمعية هو غياب الديمقراطية الداخلية عندما نتحدث عن الديمقراطية الداخلية اوتوماتيكيا نتحدث عن تدبير الاختلاف بشكل ديمقراطي، عن اتخاذ القرارات بشكل جماعي وعدم التفرد في اتخاذ القرارات، عن سيادة الثقة بين مكونات إطار معين، عن التشاور المستمر بين مسئولي الإطار المعني، عن الإنصات للجميع والأخذ بعين الاعتبار آراء مختلف الأطراف داخل الإطار، عن احترام الدورة التنظيمية داخل الإطار، عن توازن العلاقة بين الأغلبية والأقلية ، عن الحكامة الجيدة داخل الإطار، عن احترام الأجهزة التنظيمية وقراراتها.....ألخ... فيما يخص تدبير العلاقة بين الأغلبية والأقلية: ديمقراطيا كما هو معروف الأقلية تخضع للأغلبية لكن هل هذا المبدأ يعتبر صحيحا في كل الحالات وهل يتم تفعيل عا المبدأ بشكل ميكانيكي في كل الحالات وكل الأوقات؟ لنقارن مثلا 3 حالات مختلفة: -عندما يتعلق الأمر بانتخابات عامة، يفوز من حصل على أكبر نسبة من التصويت ويعتبر منافسه -أو منافسوه - الذي حصل على عدد أقل من الأصوات راسبا في الانتخابات، هنا يخضع من حصل على الأقلية لمن حصل على الأغلبية، وتحترم نتيجة الاقتراع . -عند عرض قضية ما للتصويت داخل مؤتمر أو مجلس إداري أو أي جهاز من الأجهزة وفي حالة اللجوء للتصويت، الأقلية يجب أن تلتزم بنتيجة التصويت وتخضع لقرار الأغلبية. -عندما يتعلق الأمر بأغلبية وأقلية تشتغلان بشكل جماعي وبشكل مستمر داخل إطار معين أو مؤسسة معينة هل يصح هذا المبدأ أي خضوع الأقلية للأغلبية في العمل اليومي؟ إذا كان الجواب نعم يعني أن الأقلية ستصبح مستعبدة لأن هذا الخضوع يومي ومستمر ويطول في الزمن وبالتالي الأقلية تشتغل لفائدة الأغلبية، وستشعر بنوع من الإهانة والغبن، خاصة إذا كان لا يتم الأخذ برأيها أثناء اتخاذ القرارات والتعبير عن المواقف. ففي الحالة الثالثة لا بد أن يسود النقاش الديمقراطي والأخذ بمواقف الأقلية بعين الاعتبار أثناء اتخاذ القرارات، حتى تحس هذه الأقلية بتواجدها وتتحفز للمزيد من العمل. فالمشكل داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ليس مشكل نقط الاختلاف لأنه إذا توفرت الديمقراطية الداخلية تهون الخلافات مهما كانت درجة الاختلاف حولها، حيث يتم تدبير هذا الاختلاف بطريقة ديمقراطية ويتم التوصل لتوافق ولحلول تعبر عن التوجهات المختلفة كما كان معمولا به في السابق. لا احد ينكر أنه سابقا – قبل ولايتي عبد الحميد أمين - كانت النقاشات حول القضايا المطروحة على الجمعية تتم بشكل تلقائي وعفوي حيث تجد مثلا مناضلين رغم كونهما ينتميان لنفس التوجه السياسي يختلفان حول موضوع معين أو طريقة متابعة قضية معينة ويتفق أحدهم مع مناضلين آخرين منتمين لتنظيم سياسي مغاير، وبالتالي تكون القرارات والمواقف المتخذة لا تحكمها أي خلفية سياسية، عكس اليوم نجد المنتمين لتنظيم سياسي معين يتفقون كلهم ويصطفون حول مقترح معين فقط لأن لهم نفس الانتماء وبالتالي يكون الاصطفاف سياسيا حتى لو كان موضوع النقاش مسطريا أو إجراءا بسيطا لا يتطلب الاصطفاف السياسي بالضرورة. وعندما يكون الاصطفاف في المواقف الحقوقية معياره الانتماء السياسي فهذا يدل على أن هناك مشكل داخل هذا الإطار وبالذات مشكل متعلق بالديمقراطية الداخلية وطريقة تدبير الاختلاف. والمشكل كذلك ليس مشكل التمثيلية في أجهزة الجمعية لأنه كذلك لو توفرت شروط الديمقراطية الداخلية سيتم حل هذه المسألة بشكل ديمقراطي دونما رغبة في الهيمنة ودون ابتزاز. مظاهر التوتر والتسيير غير الديمقراطي للجمعية: عندما نتفحص كل هذه المعطيات ونقوم بتشخيص الوضع داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نجد أن أغلب مكونات وشروط الديمقراطية الداخلية غير متوفرة، وتطغى على الجمعية ظواهر مناقضة لشروط الديمقراطية الداخلية وهي ظواهر جديدة لم يتعود عليها مناضلو الجمعية مما خلق نوعا من الصدمة لدى هؤلاء، وكأي تشخيص لا بد من التطرق لبعض التفاصيل، وتتجلى هذه الظواهر أساسا في : 1 – زرع انعدام الثقة داخل الجمعية ليحل محل الثقة المتبادلة والحيطة والحذر من طرف مناضلي الجمعية 2 – تسيير الجمعية بشكل بيروقراطي وبشكل انفرادي. 3 – اعتماد وسائل لا تمت بصلة للتدبير الديمقراطي مثلا اعتماد تقارير شخص معين رغم افتقاده للصفة القانونية، واعتماد أسلوب الوشاية مع تهميش أسلوب التقارير المسؤولة من طرف الأجهزة والأشخاص المتحملين للمسؤولية والمكلفين بمهمة معينة بشكل رسمي، ونعرف أن هذا الأسلوب – أسلوب الوشاية- يتم انتقاده من طرف كل النقابيين والحقوقيين على السواء، لأن هذا الأسلوب هو أسلوب معتمد من طرف أرباب العمل والمسيرين البيروقراطيين للمؤسسات. 4 – تجاوز منسقي اللجن المركزية والقيام بمهامهم والتدخل بشكل سافر في اختصاصات اللجن . 5 – خلق أغلبية داخل أجهزة الجمعية همها الوحيد هو تزكية القرارات الهيأة مسبقا. 6 - تغيير القوانين الداخلية لأهداف شخصية واستقطابية محضة . 7 – تطبيق القانون الداخلي بصرامة عندما يتعلق الأمر بأعضاء أو فروع غير تابعة لحزب الجهة المهيمنة داخل الجمعية. والتخلي أو تجاوز هذا القانون عندما يتعلق الأمر بأعضاء أو فروع تابعة لحزب الجهة المهيمنة. نعطي مثال ما حدث بفرع زاكورة تم التغاضي عن المشاكل المطروحة داخله ولم تتم متابعته بشكل حازم وبالسرعة المطلوبة عكس ما حدث في فروع أخرى حيث يصر المكتب المركزي على إيفاد ممثليه للفرع وتأجيج الصراع داخل الفرع. بالإضافة إلى محاولة السكوت عما حدث في فرع العرائش. 8 – التراجع عن مسطرة اتخاذ القرارات اللازمة ضد التغيبات في اللجنة الإدارية الحالية وكذا المكتب المركزي بعدما تبين أن المسألة ستمس بالدرجة الأولى المنتمين لهذا الحزب المهيمن. كمثال عضوة المكتب المركزي من الشمال... فالقانون في هذه الحالات يطبق حسب المصلحة الحزبية بدل مصلحة الجمعية. 9 – خلق تشويش بين المناضلين وتعميق التناقضات بين مكونات الجمعية. 10 – عدم التمييز بين العمل والاشتغال في الحقل النقابي والحقل الحقوقي ومميزات كل واحد منهما، حيث للحقل الحقوقي ميزته فإما أن يكون الشخص صالحا للعمل الحقوقي أو غير صالح ، عكس العمل النقابي الذي يكون فيه الانخراط اوتوماتيكيا بفعل الانتماء المهني. 11 – المناورة في صياغة بعض البيانات ( بيانات اللجنة الإدارية والمكتب المركزي ) وذلك بتضمين هذه البيانات وإقحام مواقف غير متفق عليها أو لم تكن مطروحة للنقاش أصلا فيها، هنا تتضح جليا ممارسة البيروقراطية من طرف الأغلبية . 12- عدم الاكتراث بلم شمل الجمعية وغياب أي مجهود للحفاظ على وحدتها وتماسكها. 13 – خلق حزام من ما يسمى بالمستقلين لضمان الأغلبية في الأجهزة والمعروف أن أغلب هؤلاء المستقلين مرتبطون بشكل أو بآخر بحزب الرئيسة ويتجلى ذلك خلال عمليات التصويت داخل الأجهزة حيث يصوتون دائما لصالح رأي الحزب المهيمن داخل الجمعية ولم يتم تسجيل ولو حالة واحدة حدث فيها العكس أيا كان الموضوع المعروض على التصويت. هذه ملاحظات حول الواقع الحقيقي داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وطريقة تسييرها بشكل يومي. رغم أن التنظيم السياسي الذي أنتمي إليه شخصيا يشكل أقلية داخل الجمعية وأجهزتها ويمكن اعتباره التنظيم الأكثر ضررا والذي يلحقه الحيف أكثر من غيره. حيث أننا ممثلون داخل المكتب المركزي بثلاثة 3 أعضاء فقط لكن مع الأسف هذه التمثيلية هي شخصية أكثر منها تنظيمية، فنجد مناضلا من الشمال لا يمثل سوى نفسه وغالبا ما يغيب عن اجتماعات المكتب المركزي كل مرة بمبرر معين، ومناضل آخر من الرباط يعمل لصالح شخصه ولمصلحته أكثر ما يعمل لصالح تنظيمه السياسي، بالإضافة إلى مناضلة أخرى يتم استفزازها من طرف الأغلبية المسيطرة حتى تغادر وتنفر من العمل داخل الأجهزة. هذه وضعية يجب تجاوزها باعتماد لغة الحوار ومحاولة إعادة الثقة بين مناضلي الجمعية بمختلف مشاربهم. ويجب الاحتكام إلى العقل والحكمة من طرف الطرفين المتصارعين داخل الجمعية والجلوس لطاولة الحوار خدمة لمصلحة الجمعية ومصلحة ملايين المواطنين الذين ينتظرون الكثير من هذا الإطار الحقوقي الذي ظل صامدا لعقود من الزمن وسط بحر من الأعاصير والعواصف والمؤامرات والهجومات المخزنية بمختلف الأشكال والطرق. فليس من المعقول أن يضيع هذا الإطار بسبب الصراعات الحزبية وبسبب خلافات يمكن حلها بسهولة باعتماد لغة الحوار والإنصات للآخر دون أي تعصب أو تشدد من أي طرف كان. والجمعية ليس غريبا عنها أسلوب الحوار، حيث ما فتئت تعمل على حل مشاكلها الداخلية مهما بلغت درجة الاختلاف. مناضل في الحزب الاشتراكي الموحد