إن كان مفهوم التجارة لم يتغيّر في العمق بعد ظهور الوسيط الإلكتروني، فالعديد من التقنيات التجارية تأثرت بشكل كبير بظهور الانترنت، ومن ذلك تقنيات ضمان وفاء الزبناء، التي تعدّ من أهم الاستراتيجيات التي يتوّقف عليها نجاح مقاولة ما، فليس كافيًا البحث عن زبناء وجلبهم، بل كذلك ضمان بقائهم ووفائهم لمنتجات أو خدمات المقاولة. وبشكل عام، فإن ضمان وفاء الزبون، الذي يعني إنشاء علاقة ثقة بينه وبين المقاولة، بموجبها يختار التوّجه إلى هذه المقاولة دون غيرها، ويقترح اسمها لأصدقائه ومعارفه كعلامة تجارية لتطلّعاتهم، يعدّ أصعب من البحث عن مستهلك جديد، إذ تشير الدراسات أنه يكلّف المقاولة من 6إلى 7 مرات ثمن إيجاد زبون جديد. ممّا سبق، تحتاج المقاولة إلى الاعتماد على استراتيجيات معيّنة لضمان وفاء زبنائها لموقعها الإلكتروني ولشرائهم خدماته ومنتجاته، ومن ذلك ضمان أثمنة مناسبة على الدوام تحترم قدراتهم الشرائية، دون أن يؤثر ذلك على جودة المنتج، وتزداد ضرورة ذلك بالنظر إلى كثرة المنافسين في الفضاء الإلكتروني ممّن يقدمون منتجات بأثمنة أقل بغض النظر عن جودتها. ويشيرCharles Dujardin ، نائب رئيس الموقع الفرنسي "Absolune" المتخصص في إعداد المناسبات والمؤتمرات، إلى أن المقاولة يجب أن تهتم بموقعها الإلكتروني وتعمل على جعله تفاعليًا حتى يُغري الزبون بالاستمرار في تصفحه، فالموقع الرديء يُبعد الزبون عن المقاولة ويجعله يقع في فخ مواقع أخرى جيدة بصريًا قد لا توّفر المنتجات نفسها بالجودة المطلوبة، كما على المقاولة أن تعتمد على طرق بسيطة وسهلة للأداء، دون نسيان ضرورة توّصل الزبناء بمنتجاتهم في الوقت المحدد، فمن شأن كل تأخير أن يؤثر على العلاقة بين المقاولة والزبون. تقوية العلاقات مع الزبناء تفترض منح تخفيضات من حين لآخر، إذ يتحدث Dujardin، أن التواصل مع الزبناء بغرض إخبارهم بوجود تخفيضات معيّنة بشكل دوري ودائم، يجعلهم يتقرّبون أكثر من المقاولة، ولعلّ سياسة التخفيض تجعل الزبون يحسّ أن المقاولة تهمها كذلك ميزانيته الخاصة، وليس فقط أرباحها. ويوصي Dujardin المقاولات بأن تركز اهتمامها الأكبر بالزبون وليس بعملية الدفع وحدها، إذ يجب في هذا السياق، تكثيف التواصل معه والإجابة عن تساؤلاته بشكل دائم، كما على المقاولة أن تصغي لشكاويه إن وُجدت، وبما أن الشبكات الاجتماعية أضحت من أهم وسائل التواصل في العصر الحديث، فإن التفاعل الدائم مع تعليقات الزبناء، يتيح للمقاولة الاستمرار في بناء جسر الثقة بينها وبين الزبون، وتوظيف مكلّف بالتواصل عبر FAcebook و Twitter يعدّ أمرًا مطلوبًا في الوقت الحاضر. وهناك تقنيات مهمة في مجال ضمان وفاء الزبناء على الانترنت، منها تشجيعهم على نشر اسم المقاولة بين أصدقائهم بأن يدعونهم إلى تجريب خدماتها ومنتجاتها، إذ يمكن أن تطلب المقاولة من زبنائها دعوة أصدقائهم عبر Email أو عبر حسابهم على الشبكات الاجتماعية، ويكون المقابل هدايا بقيمة محترمة، مثلًا خصم مهم لاقتناء سلسلة من المنتجات، أو خصم في فاتورة الاشتراك. وينصح خبير التسويق الإلكتروني، الفرنسي Jean Marc menin، أن تتّبع المقاولة عبر موقعها الإلكتروني، مسار الزبون المفضل في الشراء، فإن كان يشتري مثلًا الأقمصة بشكل دائم، فعليها أن تتواصل معه حول هذا المعطى، وترسل له جديدها عبر البريد الإلكتروني دون أن يحتاج إلى ولوج الموقع كي يبحث عنه، كما عليها أن تراسله بتخفيضات تخصّ المنتج المفضل لديه. ويضيف المتحدث أن الاكتفاء بالمواقع في مجال التجارة الإلكترونية لم يعد كافيًا، حيث صار ضروريًا على المقاولات تطوير تطبيقات على الهواتف الذكية تتيح لزبنائها الولوج إلى خدماتها من أيّ مكان وفي أيّ وقت دون الحاجة إلى البحث عن حواسيبهم الشخصية، فرغم أن الاستثمار في التطبيقات الإلكترونية لا يزال ثقافة ضعيفة بالمغرب، إلّا أن الإحصائيات تشير إلى أن مستخدمي الانترنت عبر الهواتف سيتجاوزون قريبًا مستخدميه عبر الحواسيب، ممّا يجعل توفير نسخة خاصة بالهواتف أمرًا ضروريًا. وختامًا، يمكن للمقاولة أن تستعين بمواقع استطلاعات الرأي على الانترنت كي تقيس درجة رضا زبنائها عن خدماتها الإلكترونية. هناك الكثير من المواقع الرائدة عالميًا و التي توفر خدمات مميّزة في مجال استقراء آراء الزبناء، من أشهرها موقع Survey Monkey الذي يسمح للمقاولة بتجريبه مجاناً للتعرّف على خدماته، وبعد ذلك استخدامه بشكل دائم للتعرّف عن كثب على انطباعات الزبناء، ومن إيجابيات هذا الموقع، أنه يتيح للمقاولة تضمين استطلاعات رأي في مواقعها وتطبيقاتها، بشكل سلس وفعال. اكتشفوا قافلة Renault