بمجرد أن يَذكر ربان الطائرة بداية الوصول إلى مطار "بودونغ"، حتى تتراءى لك ناطحات السحاب شامخة في سماء هذه المدينةالصينية، التي كانت إلى حدود 25 سنة خلت، لا تتوفر على ناطحة سحاب واحدة، أو وسيلة من وسائل النقل الحديث. هذه المدينة صارت حاليا قبلة للزوار من كافة أنحاء العالم، إنها شنغهاي، حيث إن كل يوم يمر تسير معه المدينة بسرعة، وكل ذلك يغير سنويا من خريطتها بناطحات سحاب جديدة، وبنايات جديدة، ومشاريع عملاقة جديدة. هناك رغبة شديدة لدى المسؤولين الصينيين في جعلها أفضل وأجمل مدينة في العالم، بل وأنشطها تجاريا..فأين يكمن السر في هذا التطور السريع الذي تعرفه مدينة شنغهاي؟ موقع شنغهاي تعد مدينة شنغهاي أو "فوق البحر"، وفق ترجمتها باللغة العربية، أكبر مدينة في الصين من ناحية، وأكبر مدينة من حيث عدد السكان في العالم من ناحية أخرى، حيث يبلغ عدد سكانها الإجمالي 24 مليون نسمة حسب إحصائية 2013. وتعتبر شنغهاي عاصمة عالمية كبرى رغم أن مساحتها لا تتجاوز 6340 كيلومترا مربعا، وهي أيضا أهم مركز اقتصادي ومالي تجاري وثقافي وعلمي وتكنولوجي في آسيا الشرقية، وتمتلك أول منطقة للتجارة الحرة في البر الرئيسي الصيني. وتقع المدينة في مصب نهر اليانغتسي، وتتمتع بموقع جغرافي متميز، جعل منها ميناءا تجارياً مهماّ، وإحدى أكبر أقطاب الصناعة في البلاد، كما تعتبر أيضا مركزا للتطور والتنمية في البلاد، وقلب الصين النابض. شنغهاي بين الماضي والحاضر كانت شنغهاي، إلى حدود القرن 19 مجرد ميناء داخلي مغلق أمام الأجانب، ومجهولة الذكر حتى في كتب التاريخ الصيني العريق. وفي عام 1842 انتصرت بريطانيا في حرب "الأفيون"، فأجبرت الصين على فتحها أمام التجارة الخارجية. وأصبحت شنغهاي منطقة امتيازات بريطانية، ثم تحصلت دول أوروبية أخرى على امتيازات مماثلة في المدينة، فاستوطن بها عدد كبير من الأوروبيين والأجانب الذين أثْروا ثقافتها ونمطها المعماري، وعلاقتها ببقية العالم. ورغم ذلك بقيت شنغهاي تعيش فترة صعبة إلى غاية عام 1979.ولكن منذ سنة 1990، أطلقت الحكومة المركزية ببكين يد الحكومة المحلية بشنغهاي لتطوير المدينة، وجلب المزيد من الاستثمارات إليها لمنافسة هونغ كونغ على المنطقة. وتم الشروع في بناء المنشآت المدنية الحديثة من طرق سريعة، وجسور، وقطارات الأنفاق، للدفع بعملية التنمية فيها. واليوم بعد 25 سنة، تحولت الحقول الزراعية والأراضي العشبية على الضفة الشرقية لنهر "هوانغ بو"، إلى مناطق حديثة راقية. شنغهاي والتطور السريع احتفظت شنغهاي بالعديد من المباني ذات الطابع الأوروبي المتميز، وظهرت كثير من المباني الحديثة مع بداية التسعينات، فحين تبحر في نهر "هوانغ بو"، ترى على إحدى ضفتيه ناطحات السحاب العملاقة في منظر يشعرك بأنك تعيش في مدينة المستقبل. ويبلغ عدد ناطحات السحاب في شنغهاي زهاء 4500 ناطحة سحاب، كما تملك شنغهاي أطول برج في آسيا والثالث في العالم. ورغم الكثافة السكانية، فإن شنغهاي تظل مدينة نظيفة جدا، وهناك اهتمام كبير بالمساحات الخضراء، فرغم وجود ناطحات سحاب وكثافة سكانية كبيرة، فإنك تلاحظ عند زيارتك للمدينة انتشار الحدائق والمساحات الخضراء وأماكن الترفيه. أهم شوارع شنغهاي شنغهاي أصبحت تعرف ب"باريس الشرق" وجنة التسوق، ويعد شارع "نانجين" أشهر شوارعها، ومن الأسواق المشهورة والمحطات التي لا غنى للسياح عنها، ففيه تجد أغلى العلامات العالمية، كما توجد "الماركات" المقلدة التي تتفنن شركات صينية في تقليدها بدقة متناهية. ويعد شارع "بوند" بالجهة الأخرى من ضفة نهر "هوانغ بو" إلى الشمال من المدينة، من أجمل الشوارع، حيث تكثر فيه المباني ذات النمط الأوربي، حتى أنك تشعر كأنك في أحد شوارع باريس أو لندن التي شيدت في القرنين الماضيين. أما في "أولد تاون" أو المدينة القديمة، فإنك تجد البنايات الصينية محافظة على نمطها التقليدي بألوانها الحمراء والسوداء والذهبية، والتي يتسابق الزوار من أجل أخذ صور تذكارية بجانبها، كأنها متحف في الهواء الطلق. شنغهاي والمسلمون إلى جانب الجالية المسلمة بشنغهاي، هناك مسلمون صينيون يمارسون شعائرهم الدينية بمساجد المدينة، وفيها يعقدون الاجتماعات لتعلم القرآن الكريم وتفسيره، في خضم جو من الحرية تقرها الحكومة الصينية لممارسة العبادات والتعلم. وفي عام 2009 بلغ عدد الحجاج الصينيين 12.7 ألف شخص، أي بزيادة أكثر من الضعف مقارنة بالسنوات الخمس الماضية، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى أكثر من 14 ألف شخص.