يكثر الحديث هذه الأيام والمطالبة بتشريع "الإجهاض" باعتباره حقا للمرأة، وقد دارت نقاشات وحوارات حول هذه المسألة بحيث أصبحت سائرة على كل لسان، وحديث الإذاعات والقنوات التلفزية.ونظرا لارتباط هذه المسألة مباشرة بالدين، وارتباطها بالأسرة، والبنية الاجتماعية للأمة، فإنها تحتاج لتأن من أجل لدراسة مختلف جوانب هذه المسألة، من النواحي الدينية، والطبية، والمجتمعية، والحقوقية، والقانونية. مسؤولية الإجهاض: ما من شك أن الجنين باعتباره نتيجة بين زوج وزوجة، فهو ثمرة مشتركة بينهما، يتقاسمان فيه الحقوق والواجبات. كما أنه ما من شك كونه كائنا حيا، إنسانا، فهو ملك لله تعالى، وتترتب عليه وله من الحقوق ما تتوقف على أي إنسان. الإشكالية: باعتبار "الإجهاض" عملية قتل لإنسان، فإن الإشكالية هي: متى يعتبر الجنين إنسانا مستقلا؟. هل منذ تكونه، أو بعد أربعة أشهر؟.وباعتبار نفخ الروح فيه قبل سن معينة، فهل يعتبر قبل ذلك حلال التخلص، يمكن التخلص منه دون إكراه؟. وباعتباره جزءا من الأم؛ فما هي المخاطر المترتبة على بقائه في بطن والدته – في حال وقوع إشكال طبي أو اجتماعي – وما هي ضوابط تلك المخاطر، والحل منها؟..كما أنه ما الذي يترتب للوالد من الحقوق والواجبات باعتباره أبا للجنين؟. الحاجة للتقنين: نظرا لوجود "الإجهاض" كواقع طبي يرجع إليه الأطباء كحل لبعض المشاكل الصحية المتعلقة بالمرأة الحامل، ونظرا لغياب قانون ثابت ينظم الحقوق والواجبات، والظروف المتعلقة بعملية الإجهاض. ولذلك فإنه ما من شك وجوب سن قوانين تقوم بالتالي: 1-تعريف الإجهاض ما هو؟. 2-تعيين أطراف المسؤولية عنه. 3-تحديد الظروف التي تسمح به. 4-تحديد المسؤولية المترتبة عن مخالفة الضوابط التي تسمح به. 5-مراعاة القوانين الشريعة المتعلقة بالجنين، ومباديء الحق في الحياة. هذه محاور أساسية في "نازلة الإجهاض" لا انفكاك عنها، وأي تعامل جدي ومتزن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار كل تلك المحاور، فهي مسألة: شرعية (يرجع فيها للفقه الإسلامي)، وتشريعية (يرجع فيها للقواعد القانونية المعمول بها)، ومسألة طبية (يرجع فيها للأطباء وأهل الاختصاص)... أما فتح الباب على مصراعيه، أو إعطاء حق الإجهاض لطرف دون آخر، فذلك من العبث، والانهيار الاجتماعي، والإسفاف بشريعة الله والقوانين المعمول بها...والمساواة بين جميع الأحوال، بمعنى بداية الحمل، مع تكون الجنين وتفرز أعضائه، مع صيرورته طفلا في بطن أمه قبل ولادته؛ فهو جهل وهدم للقواعد العلمية، والثوابت الطبية... ولذلك فإن أي تعامل يجب أن يكون ضمن هذه المنظومة، وبين يدي اختصاصيين من مختلف الاختصاصات المنوه بها، بعيدا عن الإيديولوجيات السياسية، والأفكار الفلسفية...