انطلقت اليوم الثلاثاء بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا ( جامعة محمد الخامس بالرباط) أشغال ندوة وطنية حول "الاجهاض بين المقتضيات القانونية وإكراهات الواقع" بمشاركة ثلة من الأساتذة والفقهاء والحقوقيين والأطباء. وقال عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا الأستاذ خالد حمص في كلمة افتتاحية إن ظاهرة الاجهاض السري أثارت مؤخرا العديد من الاشكاليات التي كانت سببا في احتدام النقاش بهذا الشأن، حيث أرجع البعض ذلك إلى عدم انسجام المقتضيات القانونية مع حقيقة هذه الظاهرة التي اصطدمت بواقع اختلفت فيه الاتجاهات بين مؤيد ومعارض. وأضاف أن تنظيم هذه الندوة العلمية الوطنية جاء وعيا بأهمية الموضوع وتفاعلا مع التوجهات السامية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حول فتح حوار وطني بهذا الشأن للوقوف أولا على أهم الاشكاليات التي يطرحها موضوع الاجهاض عموما وللمساهمة ثانيا في إغناء النقاش الوطني بهذا الصدد والمشاركة في إيجاد بعض السبل والحلول الممكن اعتمادها للتقليل من خطورة هذه التظاهرة. من جانبه ، ذكر مستشار وزير العدل والحريات السيد هشام الملاطي، بأن جلالة الملك كان قد دعا إلى صياغة نص قانوني حول قضية الإجهاض يحفظ القيم والدين ويأخذ بعين الاعتبار في نفس الآن التطورات الجارية في هذا المجال وتعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، وذلك بتشاور وتنسيق تام مع مختلف الأطراف المعنية. أما سعد الدين العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون السابق ، فشدد على ضرورة اتخاذ موقف وسط من خلال توسيع دائرة النقاش المجتمعي بين جميع المهتمين بموضوع الاجهاض من أجل الخروج بحلول واقعية بعد تطور المجتمعات بعد أن أصبح الفقه لا ينسجم مع وضع المجتمع في عصرنا الحالي. وحث في هذا الصدد على الاخذ بعين الاعتبار في هذا الموضوع الجوانب الدينية والثقافية والصحية والقانونية ، مشيرا إلى أنه يمكن السماح بإجراء الاجهاض في بعض الحالات منها على الخصوص الاغتصاب وزنى المحارم والأمراض العقلية والتشوهات الخلقية. وأبرز الدكتور شفيق الشرايبي رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الاجهاض من جانبه أن العديد من الفتيات والنساء المضطرات إلى التخلص من حمل غير المرغوب فيه تسقطن بين براثين واقع مر يفرضه من جهة، وضعهن الاجتماعي والصحي والاقتصادي، ومن جهة ثانية، إكراهات قانونية لا تبيح الإجهاض الطبي إلا في حالة الضرورة القصوى المتصلة بالحفاظ على حياة أو صحة الأم، وأخرى دينية تحرم الإجهاض إذا لم يكن يشكل خطرا حقيقيا على صحة الحامل وحياتها. وأضاف أنه عادة ما يكون للحمل غير المرغوب فيه أو الإجهاض السري غير المأمون عواقب اجتماعية جد خطيرة تتجلى في إمكانية اللجوء إلى الانتحار أو جرائم الشرف أو طرد الفتاة من البيت العائلي مع جميع العواقب المترتبة عن تواجدها في الشارع بدون مأوى أو استكمال الحمل مع التخلص من الرضيع بتركه في مستشفى الولادة أو بطرق غير قانونية. وأكد أنه خوفا من أي متابعة قضائية تلجأ العديد من الفتيات والنساء إلى الإجهاض السري الذي يتم في ظروف محفوفة بالمخاطر وباستعمال وسائل بدائية وأدوات حادة غير معقمة أو أعشاب سامة أو أدوية خطيرة، ما ينتج عنه مضاعفات صحية قد تؤدي إلى الوفاة . وتتفاوت ظروف إجراء عملية الإجهاض حسب المستوى الاجتماعي، حيث تتمكن بعض الفتيات اللائي تنحدرن من وسط ميسور من إجراء عملية الاجهاض في ظروف جيدة. ونفس الأمر بالنسبة للنساء المتزوجات واللواتي لا يلجأن إلى الاجهاض إلا في حالات الضرورة القصوى. وتتمحور مواضيع الندوة التي ينظمها فريق الدراسات القانونية والفقهية والاقتصادية بمعية ماستر قانون الشغل والعلاقات المهنية حول ، تأملات إشكالية الاجهاض، والاجهاض: أسئلة التناقض وخلفيات النقاش، والاجهاض والحق في الحياة، والمعالجة القانونية بين الخصوصية والكونية، والاجهاض : ضرورة أم جريمة ، وآفاق تقنين الاجهاض في التشريع المغربي بين ضوابط الفقه الاسلامي ونظرية الحقوق الأساسية.