قال محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن المادة 453 من القانون الجنائي لا تبيح الإجهاض إلا في حالة المعاناة الخطيرة، التي من شأنها أن تضر بصحة المرأة كما تنص المادة نفسها على عقوبة سجنية من سنتين إلى 5 سنوات القائم بعملية الإجهاض، كيفما كانت مهنته، وكذلك الشأن بالنسبة للمجهضة. وأوضح الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في مداخلة له في الندوة المنظمة حول « الإجهاض: التأطير القانوني ومتطلبات السلامة الصحية »، التي تنظمها وزارة الصحة اليوم، في الرباط، » غير أن هذا التجريم لا يلغي واقعيا ممارسة الإجهاض، بل يساهم عكس ذلك في مضاعفة ممارسته في ظروف مضرة بصحة المرأة، التي تلجأ إليه. وكشف الصبار، حسب المعطيات التي قدمتها الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة أن عدد عمليات الإجهاض تبلغ 600 عملية يوميا، في حين ترى الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري أن العدد يتراوح بين 800 و 1000 حالة يوميا. وأشار الصبار إلى أن الإجهاض، فضلا عن كونه يشكل مسا بحرية النساء، يضع الحد من الحق في الاجهاض النساء في وضعية لا مساواة اجتماعية، موضحا أن الفتيات الشابات المنحدرات من الطبقات الوسطى والمحضوضة يمكنهن إجراء عمليات الاجهاض في ظروف جيدة. بالنسبة للنساء المتزوجات، مع العلم أنهن لا يلجأن إلى الاجهاض إلا في حالات الضرورة القصوى، فإنه يتيح لهن مواجهة الاكراهات المرتبطة بالحمل غير المرغوب فيه. وأضاف أن الفتيات المعوزات غالبا ما تلجأ إلى وسائل تشكل خطرا حقيقيا على صحتهن. وبحكم أن الاجهاض مجرم ومعاقب عليه والاعتراف بالأبوة خارج الزواج ممنوع قانونيا، تجد الفتيات الشابات غير المتزوجات أنفسهن في خيبة أمل عارمة. حيث يقطعن كل صلة مع أسرهم ومع المجتمع، كما أن العقوبة المجتمعية تكون أقوى تجاه الفتيات المعوزات. وخلص محمد الصبار إلى أن الإجهاض إذا كان صحيحا ليس هو الحل دائما، وأن النساء يلجأن إليه مكرهات، فإنه من المفيد أيضا التنويه إلى أن المشرع لا يمكنه الحلول محل النساء واتخاذ القرار بدلا عنهن. وباعتبار النساء المعنيات الأوائل ويتحملن العواقب الجسدية والاجتماعية والاقتصادية لعمليات الاجهاض غير المؤمنة وللحمل غير المرغوب فيه، فإن للنساء الحق في اتخاذ اختيارات مسؤولة تخصهن وخاصة النساء الشابات المنحدرات من المناطق المهمشة اللائي لديهن الحق في فرصة ثانية وفي المستقبل. ولم يفت الصبار في الأخير، التذكير أيضا، بأحد الوثائق المرجعية التي تمت صياغتها بعد مسلسل تشاركي وتشاوري جمع مختلف الأطياف المجتمعية والمؤسساتية ويتعلق الأمر بخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والتي نصت في محورها الرابع الخاص بالإطار القانوني والمؤسساتي وخاصة تعزيز الحماية القانونية للنساء عبر تخصيص إجراء مرتبط بتعديل القانون الجنائي في اتجاه التوفيق بين مبدأ حماية حق النساء في الحياة ومبدأ تمكينهن من الحق في اتخاذ القرار الملائم لهن في موضوع إتمام الحمل أو إيقافه. وقد عبر المجلس غير ما مرة عن ملحاحية اعتماد هذه الخطة في شموليتها وترابط محاورها والشروع الفوري في تفعيل مقتضياتها.