تفيد العديد من الدراسات والإحصاءات أن عدد وفيات النساء الحوامل من جراء الإجهاض هو 600 في كل 100000 إجهاض في البلدان التي تحرم الإجهاض وتجرمه. ويتقلص هذا العدد إلى 1,2 وفيات كأقصى حد في كل 100000 إجهاض في الدول الستين التي تبيح الإجهاض وتنظّمه. وأمام هذه التباين في الأرقام تكون النتيجة الحتمية هو أن خطر الموت المرتبط بالإجهاض يرتفع كلما كان الإجهاض ممنوعا؛ وبالتالي فإن المنع لا يؤدي إلى تقليص الإجهاض بقدر ما يؤدي إلى حدوثه في ظروف غير سليمة وتشكل خطرا على صحة المرأة الحامل وعلى حياتها. وهذا ما ينطبق على المغرب. فرغم الترسانة القانونية المغربية التي تجرم الإجهاض، تتم يوميا ما يفوق 1000 عملية إجهاض سرية، تموت بسببها يوميا أكثر من امرأة رغم أن معظم عمليات الإجهاض يقوم بها أحيانا أطباء ومولدات محترفات. أكثر من ذلك، يبقى التجريم القانوني حبرا على ورق إذ أن الحالات المجرمة فعلا على الصعيد القضائي المغربي لم تتعد 46 حالة سنة 2009 فيما لم تتعد أكثر من 75 حالة سنة 2011. الاتحاد الاشتراكي تفتح اليوم هذا الملف من أجل تعميق النقاش حول موضوع لم تتضح معالمه بالشكل الذي يجب باستثناء التحريم الديني... قبل سنة تم اعتقال طبيبة مختصة في أمراض النساء بالجديدة بعد أن اعتادت إجراء عمليات إجهاض بعيادتها بمساعدة مساعدتها، حيث أدانت المحكمة الجميع بالحبس النافذ. ونفس الشيء حدث بآسفي والبيضاء ومراكش وطنجة... وما خفي أعظم بكل جهات المغرب، حيث نلاحظ أن الإجهاض يسير في خط تصاعدي. وسنحاول جاهدين أمام هذه المعطيات، عرض نقط أساسية تعتبر دينامو لتيمة الإجهاض. ومن بين هذه النقط موقف القانون الجنائي المغربي الذي جرم الإجهاض وحرمه، بل شدد العقوبة على مقترفيه كما سنثير موقف المنظمات الدولية التي تعتبر في أدبياتها منع الإجهاض خرقا لحقوق الإنسان في جانبها المتعلق بالنساء، أما النقطة الثالثة فستتعلق بتعريف بعض المواقف لشخصيات مستقلة وأخرى تمثل بعض الجمعيات التي تتبنى حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، حيث تعمل على تشييعه في المجتمع المغربي الذي يتخذ من الفقه المالكي مرجعه الإسلامي الوحيد في التعامل مع الإجهاض. الإجهاض في القانون المغربي خصص القانون الجنائي المغربي في بابه الثامن المخصص للجرائم ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة عشرة فصول واضحة في مجال الإجهاض والتي انطلق العمل بها منذ 1963. وقد عدلت بعض نصوص هذا الباب بمرسوم في 01/ 07/ 1967، على رأسها تعديل الفصل 453 المتعلق بحالات عدم تجريم الإجهاض وتعديل الفصل 455 المتعلق بالتحريض على الإجهاض. وألغى هذا التعديل ظهير 10 يوليوز 1939 الذي كان يعاقب على الدعاية والتحريض على التقليل من الإنجاب والتناسل بعد أن تم تشجيع وسائل منع الحمل، لكنه يجرم الإرشاد إلى الوسائل التي تحدث الإجهاض ولا يعتبرها من وسائل منع الحمل. إلا أن سنة 1967، كانت هي السنة الأخيرة التي عرفت تعديل الفصول الخاصة بالإجهاض، حيث منذ ذلك الحين لم تخضع نصوص القانون الجنائي المتعلقة بالإجهاض إلى أي تعديل. وتبقى أهم الفصول الخاصة بالإجهاض هي الفصول التالية: - الفصل 449: «من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. وإذا نتج عن ذلك موتها، فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة». - الفصل 453: «لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج. ولا يطالب بهذا الإذن إذا ارتأى الطبيب أن حياة الأم في خطر. غير أنه يجب عليه أن يشعر بذلك الطبيب الرئيسي للعمالة أو الإقليم. وعند عدم وجود الزوج أو إذا امتنع الزوج من إعطاء موافقته أو عاقه عن ذلك عائق، فإنه لا يسوغ للطبيب أو الجراح أن يقوم بالعملية الجراحية أو يستعمل علاجا يمكن أن يترتّب عنه الإجهاض إلا بعد شهادة مكتوبة من الطبيب الرئيسي للعمالة أو الإقليم يصرح فيها بأن صحة الأم لا تمكن المحافظة عليها إلا باستعمال مثل هذا العلاج». - الفصل 454: «تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم، كل امرأة أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك أو قبلت أن يجهضها غيرها أو رضيت باستعمال ما رشدت إليه أو ما أعطي لها لهذا الغرض». من الفصل 449 يتبين أن الإجهاض أو حتى محاولته فعل مجرم بقوة القانون. واعتبر القانون أن الجريمة قائمة منذ تلقيح البويضة داخل رحم المرأة. أيضا، لا يعتبر القانون أن اختيار المرأة للإجهاض حق لها. فبمجرد وقوع الحمل، لا يبقى للمرأة الحق في اتخاذ قرار توقيفه عندما يكون الحمل عاديا لا يشكل خطرا على صحتها أو على حياتها، وذلك بغض النظر عن حالتها الزوجية. بتعبير آخر، يعمل القانون على الحفاظ على الحمل الحاصل وإن كان غير شرعي، أي غير ناتج عن علاقة زوجية. في هذه الحالة، يشكل الحمل دليلا على أن المرأة ارتكبت فسادا جنسيا . وبالتالي تنال المرأة عقابين إذا ما قامت بإجهاض نفسها ، الأول خاص بالفساد الجنسي والثاني خاص بالإجهاض أو محاولته؛ وبالتالي فإن موافقة المرأة على الإجهاض يعتبر مساهمة في الجريمة وفعل يعاقب عليه القانون. علما أن العقوبة التي يصدرها القضاء في مواجهة المشرفون على الإجهاض لا تختلف ولا تهم الوسيلة التي تستعمل لإحداث الإجهاض بمعنى أن العقوبة لا تختلف طبقا للوسائل المستعملة ودرجات خطورتها، فالطبيب الأخصائي ينال نفس العقاب الذي تناله «القابلة» أو يناله بائع الأعشاب أو الفقيه أو المولدة، مما يعني أن المشرع المغربي وضعهم جميعا في ذات السلة. أما الفصل 453، فيبيح الإجهاض في حالة ضرورة المحافظة على صحة المرأة الحامل؛ وذلك بموافقة الزوج؛ وبالتالي فإن المرأة غير المتزوجة لا تستفيد من هذا الفصل، ولا يمكن أن تطالب بالإجهاض حفاظا على صحتها ما دامت لا تتوفر على زوج يأذن لها بذلك. والفصل نفسه يبيح الإجهاض في حالة خطر موت المرأة الحامل رغم عدم موافقة الزوج. فهل يعني هذا أن الإجهاض مباح لغير المتزوجة في حالة تعرضها لخطر الموت؟ وانطلاقا من الفصل المذكور فلا وجود لعامل الصحة بشكل صريح بالنسبة للإجهاض فيما يخص المرأة غير المتزوجة، حيث لا يأخذ بعين الاعتبار العامل النفسي للحامل المغتصبة أو الفتاة المغرر بها أو عاملات الجنس، حيث يقود الحمل غير الشرعي في أحايين شتى إلى الانتحار، علما أن القانون لا يأخذ بعين الاعتبار خطر الموت الناتج عنه، والذي تتعرض له اليوم المرأة غير المتزوجة، . فالحمل غير الشرعي وإن كان لا يؤدي إلى خطر الموت في أحيان كثيرة، فإنه يؤدي إلى خطر من نوع خاص تتعرض له المرأة الحامل بشكل غير شرعي يتمثل أساسا في الإقصاء والتشريد ويصل أحيانا إلى الانتقام العائلي كالقتل أو الطرد من دفء العائلة وهو ما لم يتطرق له القانون الجنائي المغربي في فصوله الخاصة بالإجهاض. قالت نزهة الصقلي إنها لا تفهم لماذا كلما طرح النقاش حول ظاهرة الإجهاض إلا وتم تركيز الحديث على الجنين ومصير الجنين...، وتساءلت حول سبب عدم الحديث عن محاربة ظاهرة الإجهاض السري ومحاربة نتائجه وانعكاساته السلبية، وكذا الوقاية من ظاهرة التخلي عن الأطفال وقتلهم التي أصبحت واقعا اجتماعيا، وقالت في ندوة احتضنتها الجديدة مؤخرا إن الحديث عن تفشي ظاهرة أطفال الشوارع، لا يعني الأطفال الصغار فقط، بل الفتيات من ذوي 15 و16 سنة والحاملات ومتخلى عنهن من طرف أسرهن، أو يتم طردهن إلى الشارع، وهن ضحايا لأنهن طفلات، كما تحدثت عن مصير الحمل الناتج عن حالات زنا المحارم وحالات اغتصاب الفتيات القاصرات والمختلات عقليا اللواتي يحملن نتيجة هذا الاغتصاب، إضافة إلى تساؤلها حول الكيفية التي يمكن من خلالها الوقاية من تفشي ظاهرة الأمهات العازبات. كما تساءلت الصقلي عن غياب القوانين التي تحمي الفتاة من العنف والاغتصاب، وقالت إن التربية الجنسية في المؤسسات التعليمية شبه منعدمة. وأكدت أنها ترفض أن يتم نعت الإجهاض بالجريمة الإنسانية، واستشهدت بالقوانين الموجودة ببعض الدول المسلمة التي راجعت موقفها من قضية الإجهاض كتركيا التي قالت إنها تسمح بالإجهاض إلى الأسبوع العاشر من الحمل مع موافقة الزوج في حال وجوده، وتونس كذلك التي يسمح فيها بالإجهاض إلى حدود الشهر الثاني، وبالطوغو قالت إنه مسموح به في حالات الاغتصاب وحالات زنا المحارم... كما رفضت الصقلي أن يتم تحميل المرأة الضريبة القاسية لفعل غير مرغوب فيه هو في الأصل نتيجة فعل قام به رجل وامرأة، وطالبت الوزيرة السابقة بالاجتهاد أكثر لإيجاد حلول لظاهرة الإجهاض الموجودة، وقالت إنه يجب تجاوز المقاربة «السياسوية» للموضوع، لأن الأمر يتعلق بمسألة إنسانية، تتطلب مراجعة قوانين الإجهاض خاصة في حالات الاغتصاب وفي حالات زنا المحارم وفي حالات حمل المختلات عقليا... ويجب على القانون أن يدخل مقاربات جديدة حول القضية، بناء على بحوث طبية واجتماعية في القضية قالت «إن خطاب الداعين إلى تقنين الإجهاض أو تحريره، هو خطاب يركز على المرأة وظروفها ومشاكلها... ويتم التسويق له بطريقة مؤثرة»، مؤكدة أن الأمر لا يتعلق فقط بحقوق المرأة، واعتبرت الإدريسي التي كانت تشارك هي الأخرى في ندوة الجديدة أن كل إجهاض هو جريمة قتل في نظرها، كيفما كانت ظروف هذا الحمل، وقالت إنها ترفض أن يكون الجنين هو الثمن لحل مشاكل المجتمع؛ وبالتالي ترفض رفضا باتا تقنين الإجهاض، واستشهدت الإدريسي بمواثيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تركز على العناية بالطفل قبل وبعد الولادة، وضمان حقه في الحياة، مؤكدة في الوقت ذاته أن الجسد يعد ملكا لخالقه الذي خلقه، ولا يحق لأي كان أن يتصرف، وأن الجنين هو مستقل عن أمه بالرغم من وجوده في رحمها، وأن العلم اكتشف أن الابن في بطن أمه يفرز مناعته الخاصة للدفاع عن نفسه من أجل الحياة، ويعيش حياته في استقلال تام عن حياة أمه، وليس «مصرانة زيادة « يتم التخلص منها بسهولة، فقد يمرض الجنين ولا تمرض الأم والعكس كذلك. كما اعتبرت الإدريسي الإجهاض نوعا من العنف الجسدي والنفسي الممارس على المرأة، ودعت المرأة إلى احترام جسدها وذاتها، وضبط سلوكها الجنسي، قبل الوقوع في حبال الهوى وحبال الوعود الكاذبة، وإلى احترام السلوك الجنسي المسؤول سواء عند الرجل أو عند المرأة، وحذرت من تقنين الإجهاض الذي يعد تشجيعا على الحمل وتحريرا للرجل من مسؤوليته تجاه المرأة وتجاه الجنين، كما اعتبرت الدعوة إلى تقنينه رميا بالمسؤولية كاملة على المرأة وإعفاء للدولة والمسؤولين من تحمل مسؤولياتهم في الظاهرة وإعداما لجميع الحلول المتاحة لتجاوزها... واقترحت الإدريسي تهذيب النزوات والرغبات عند الإنسان سواء عبر المدارس أو عبر الإعلام... وقالت إن الإجهاض تحول لدى بعض الأطباء إلى شبه «وصفة طبية» تحرر بسهولة. وتطرقت الإدريسي إلى انتشار بعض المسلسلات التي تعرض على شاشات الإعلام العمومي التي قالت إنها تساهم في شيوع ثقافة الإجهاض... ودعت إلى مد يد المساعدة إلى المرأة التي تقع في حمل، وتقديم المساعدات النفسية لها بدل توجيهها إلى طريق الإجهاض، كما دعت إلى تجاوز مسألة الخوف من الفضيحة. والتركيز على الجانب التربوي والإعلامي والأسري. وقالت الإدريسي إن توزيع العوازل الطبية على الذكور وحبوب منع الحمل على الفتيات ليس حلا، بل يعد في نظرها تشجيعا على ممارسة الجنس خارج إطار العلاقة الزوجية، وطالبت الإدريسي بضرورة التفكير في المطالبة بقوانين تنصف المرأة وتساعدها على القيام بدورها في الأمومة بالشكل السليم، وكذا تسريع مسطرة نظام الكفالة كي لا يبقى هؤلاء الأطفال في الشوارع وعرضة للتشرد. الإجهاض في التشريعات الدولية لا يتعارض منطق الحفاظ على حقوق النساء مع منطق الدفاع عن الحق في الحياة الخاص بالطفل والمنصوص عليه في «معاهدة حقوق الطفل» بالنسبة لمنظمة الأممالمتحدة. إن حق الطفل في الحياة لا يؤخذ بعين الاعتبار إلا بعد ولادته. أما حماية الحياة منذ الإخصاب أو منذ مرحلة معينة من الحمل فمبدأ لم يقبل على الصعيد الدولي. وسارت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في هذا الاتجاه حيث أنها رفضت اعتبار الجنين مواطنا له حقوق. وقد نصت اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان على أن عبارة كل شخص لا تنطبق على الطفل الذي سيولد. بالنسبة للجنة الأممالمتحدة الخاصة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء، يدل منع الإجهاض على تمييزٍ ضد النساء وهدرٍ لحقهن في الحياة والصحة. فمنع الإجهاض يعني شيئا واحدا هو دفع النساء إلى الإجهاض السري، أي إلى تعريض أنفسهن إلى خطري المرض والموت. فحين تضطر المرأة الحامل للاحتفاظ بحملها رغما عنها، فإن الحمل لا يمر في ظروف سليمة وتحت المراقبة الطبية، كما أن الولادة تتمّ بدورها في سرية وكل ذلك يشكل مصدر خطر ولا شك أن الظروف التي يتم فيها الإجهاض السري تضاعف من خطر الموت جراء النزيف الدموي أو الإصابة بمرض ما. إن الأمومة اختيار حر، وذلك حقّ أساسي من بين حقوق الإنسان الأساسية. ف «اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» التي اعتمدتها الجمعية العامة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979، تنص في المادة 16 على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية. وعلى أساس المساواة بين الرجل والمرأة تمديدا لهذا الموقف، ألزم المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (القاهرة 1994) كل الدول بضمان العلاج والمعلومات الضرورية لكل النساء اللواتي يلجأن إلى الإجهاض. وأقر «برنامج العمل للمؤتمر الدولي للأمم المتحدة للنساء» (بكين 1995) في الفقرة 97 تمكين النساء من التحكم في خصوبتهن. أكثر من ذلك، اعتبر هذا التمكين قاعدة مهمة للتمتع بحقوق أخرى. أما الفقرة 223، ففيها تنصيص على أن لكل شخص الحق في التمتع بأكبر قدر ممكن من الصحة الإنجابية والجنسية، وفي اتخاذ قرارات في ميدان الإنجاب دون أن يكون موضوع تمييز أو إكراه أو عنف». وهذا ما ينطبق بالضبط على حق المرأة في الإجهاض إذا كان الحمل غير إرادي وغير مرغوب فيه. وفي توصياته، ألزم «برنامج العمل» الدول بمراجعة كل القوانين المجرمة للنساء اللواتي يلجأن إلى الإجهاض قصد التخلص من حمل غير مرغوب فيه. وبدوره يوصي الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الخاص بحقوق المرأة في إفريقيا (الاتحاد الإفريقي 2003) بتمكين النساء من الإجهاض المطبب في حالات الاعتداءات الجنسية (اغتصاب) والعلاقات مع محرم، وكذلك حين يشكل الحمل خطرا على صحة الأم البيولوجية والعقلية أو خطرا على حياتها؛ وبالتالي ماذا يعني اعتراف المنظمات الدولية بحق المرأة في الإجهاض؟ أساسا، يعني أن الأمومة ليست فعلا بيولوجيا آليا يفرض نفسه على المرأة جراء علاقة جنسية. «إن الأمومة ليست معطى مباشرا للأنوثة» حسب الأنتربولوجية نيكول ماتيو، والإجهاض بالضبط يشهد على ذلك. أمام التناقض الذي تعرفه القوانين وعمليات الإجهاض السرية التي تجري بالعشرات يوميا ما الجدوى من تجريم الإجهاض بحكم أن الحالات المعروضة على القضاء تشكل نسبة ضئيلة جدا مقارنة مع العدد الإجمالي للإجهاضات التي تحدث بشكل يومي؟ ذلك أن تجريم الإجهاض في القانون يبقى غير ذي فعالية، بحكم أنه لم يحد من ارتفاع الظاهرة. ونظرا لأن حالات الإجهاض المعروضة على القضاء نادرة جدا، فإن الاجتهاد القضائي في الموضوع نادر بدوره. ويبقى الحل الوحيد أمام ارتفاع حالات الإجهاض هو تعديل فصول القانون الجنائي لتشمل مدلولي الصحة النفسية والاجتماعية للحامل خاصة تلك التي حبلت خارج مؤسسة الزواج، دون إباحة الإجهاض وتحويله إلى وسيلة من وسائل منع الحمل. وفي ذلك رأي يجب أن تشارك فيه جميع الفعاليات بعيدا عن أي تشنج خدمة لمصلحة المرأة والمجتمع.