في مسيرة انطلقت من ساحة "باب الحْدّ" وجابت طول شارع محمد الخامس وسط العاصمة، صدحت حناجر متصرفين بالإدرات العمومية، بشعارات تهاجم الحكومة وتندد بما وصفته "الآذان الصماء والتجاهل" حيال مطالبهم "المشروعة والعادلة"، في احتجاج أطلق عليه "مسيرة الغضب الرابعة"، ورفعت فيه لافتات سوداء وحمراء، تعبيرا عن "الثورة على الظلم والحكرة والإقصاء والتبخيس الممنهج ضدهم". ورفع المحتجون، الذي قدموا من مدن مغربية مختلفة، لافتات كتبت على بعضها عبارة "لا تنازل لا استسلام حتى تحقيق المطالب"، فيما نددوا ضمن شعاراتهم ضد "الحيف والتهميش والحكرة"، فيما اعتبروا أن "محاربة الفساد لن تنطبق بالشعارات بل بالاعتماد على المتصرفين من ذوي الاختصاصات"، إلى جانب لافتات احتفت بالمتصرف كونه "حجر الزاوية للمنظومة الإدارية". ويرى المحتجون أنّ مسيرتهم تأتي أمام "إصرار الحكومة وصدها باب الحوار لمعالجة ملف المتصرفين"، منتقدين الحوار الاجتماعي الذي تباشره الحكومة مع التمثيليات النقابية كونه "متعثرا وأفرغ من محتواه و من مصداقيته.. خاصة أن من أهم مطالب النقابات المشاركة في الحوار والتي تتضمنها مذكراتها المطلبية تنفيذ التزام الحكومة بما سبق أن تعهدت به منذ اتفاق 26 أبريل 2011". كما ينتقد المتصرفون ما وصفوه مجموعة اختلالات تعترض مهنة المتصرف "في غياب نظام أساسي حقيقي قادر على تقديم الإجابة الشافية لأسئلة وهموم المتصرفات والمتصرفين"، مطالبين في مقبل ذلك بنظام يضمن "العدالة الأجرية والمساواة بين أطر الدولة كمنتسبين لنفس منظومة الوظيفة العمومية"، متهمين "لوبيات مهنية" ب"تعميق مفارقات" داخل الوظيفة العمومية "أصبح معها المتصرف المتضرر الاكبر". فاطمة بنعدي، رئيسة الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، أوجزت أبرز مطالب الفئة التي تمثلها في نظام أساسي منصف "يشمل الترقية على غرار الفئات الأخرى من داخل الوظيفة العمومية"، إلى جانب "منظومة أجور عادلة"، مضيفة أن المتصرفين يعانون من مقاربة تمييزية "بشكل صارخ وواضح"، موضحة أن هذا التمييز يطال "أطر من الدولة لهم تكوين وسلم أجور ومهام إدارية وأرقام استدلالية مماثلة.. لكن بأجور وأنماط في الترقية مختلفة". وتضيف بنعدي، في تصريحها لهسبريس، أن المتصرف يعيش على إيقاع "أبطأ نظام للترقية في المغرب وأقل أجرة مقارنة بالفئات الأخرى المماثلة له"، موردة "لا نطالب بالزيادة في الأجور بل نطالب بالعدالة الأجريّة وبالمساواة داخل الوظيفة العمومية"، منددة في الوقت ذاته بسياسة الصمت التي تقول إن الحكومة تنهجها منذ مدة "لقد أغلقت للأسف كل المنافذ وهي مستمرة في صمتها وتجاهلها ولا مبالاتها"، فيما أكدت على أن استمرار "سياسة التمييز والإقصاء والتهميش"، دفعهم دوماً لخوض "معركة الكرامة ورد الاعتبار". أما سميرة رايس، العضوة في المجلس الوطني لنقابة الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، فاستنكرت هي أيضا ما أسمته "الآذان الصماء للحكومة في عدم التجاوب مع مطالب فئة المتصرفين المشروعة والعادلة"، موضحة أن تلك المطالب تضم أساسا "قانونا أساسيا عادلا ومساواة فعلية في الأجور والتعويضات كباقي الفئات الأخرى". وكمثيلاتها في هيئة المتصرفين، تطالب رايس، وهي تُصرّح لهسبريس، ب"ضمان الكرامة" من داخل الوظيفة العمومية، مشيرة إلى وجود ممارسات تمييزيّة "على رأسها عدم منح الحرية للمتصرفين في ممارسة حقهم النقابي، خاصة بوزارة الداخلية بحجة مرسوم مشؤوم"، فيما دعت الحكومة إلى ضرورة التعجيل بحوار جدي ومسؤول من أجل تنفيذ كل تعهداتها تجاه الموظفين.