يعيش سكان حي السلام بمدينة سلا هذه الأيام حالة من الترقب والقلق خشية تهيئة حديقة "20 غشت" العمومية، التي تضم مساحات خضراء وملاعب رياضية وفضاءات الترفيه، لصالح مشاريع عقارية، حيث طالب محتجون بضرورة تدخل السلطات المعنية، بشكل عاجل من أجل حماية الحديقة، من تهديد المنعشين العقاريين وعبث بعض المنتخبين، وفق تعبيرهم. وتحوّل مُحيط الحديقة، التي تقع على مساحة 10 آلاف متر مربع وظلت منذ سنوات متنفساً عموميا للساكنة، إلى ساحة اصطدام بين سكان الحي المعارضين لما أسموه "قرار الإجهاز" على الحديقة وبين السلطات المحلية، التي وضعت بلديتها لوحة جدارية وآليات الأشغال تمهيدا لتهيئة المنطقة، فيما تبرر ذلك ب"تأمين سير أشغال تحويل الحديقة إلى ساحة (بارك)، تضم سوقاً ومرافق أخرى". وسجلت ساحة الحديقة، وفق شهود عيان، احتجاجاً نظمه سكان المنطقة، الذي أصروا على منع انطلاق الأشغال بالحديقة، فيما شوهد حضور رجال السلطة المحلية، ممثلة في قائد الدائرة والباشا، "الذين حلوا لعين المكان مرفوقين بالقوات المساعدة"، لتضيف المصادر ذاتها أن أبناء الحي الغاضبين جمعوا توقيعات تطالب بعدم المساس بالمتنفس الوحيد بالمنطقة، كما بعثوا بمراسلات للعمالة والمجلس البلدي "من أجل العدول عن فكرة تحويل الحديقة إلى فضاء آخر". واستمر للساكنة في الدفاع عن مطلبهم، بتنظيم حملة انطلقت من على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تهم إرسال مئات العرائض التي تتضمن آلاف التوقيعات المطالبة بالحفاظ على الحديقة، موجهة إلى الجهات المحلية المنتخبة وإلى الحكومة، وكذا لأجل "التعريف بالمخاطر التي تهدد الفضاء الأخضر الوحيد بحي السلام والأحياء المجاورة". وأوضح مصدر مسؤول بالجماعة الحضرية لسلا في اتصال مع هسبريس، أن الحديقة المذكورة محط اختلاف ثلاث فئات من سكان الحي، "فئة تريد الإبقاء على الحديقة وعدم المساس بها نهائيا مع تحسين الجانب الأمني بها وتعزيز إنارتها"، وفئة أخرى "تريد بناء مسجد بجزء من الحديقة على مساحة 1000 متر مربع"، وفئة ثالثة "دخلت على الخط تدفع في اتجاه بناء المسجد بهدف استغلاله لفتح محلات تجارية ومشاريع أخرى". ويضيف المتحدث، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الحديقة "تحولت إلى منصة لمزايدات سياسية بين مُنتخبي عدد من الأحزاب السياسية، بحثاً عن موقع بين سكان المنطقة مع اقتراب موعد الانتخابات الجماعية"، فيما أكده عدد من أبناء الحي المتحدثين لهسبريس، أنهم تلقوا تهديدات بالاعتقال والمتابعة القضائية "إذا ما استمروا في اعتراض انطلاق الأشغال". ومع استمرار الاحتقان، يطالب سكان حي السلام بتدخل للوزارة المكلفة بالبيئة، رافضا لقرار مجلس المدينة للحفاظ على الحديقة وتحسين مرافقها، فيما نبهوا من استغلال مطالب وصفت ب"الوهمية"، المتمثلة في "بناء مسجد لتمرير مشاريع تجارية على حساب المتنفس الطبيعي الوحيد بالحي الذي يتواجد به أربعة مساجد".