استعرض طالب كفيف مغربي يدعى وسيم العزوزي، في مقال توصلت به هسبريس بمناسبة اليوم الوطني للمعاق، ما اعتبره مشاكل تواجه المعاق عامة، والكفيف فاقد البصر بصفة خاصة، ليس أقلها إهمال أوضاعهم وعدم الاكتراث لحالهم، مشددا على أن هذه الفئة لا تستجدي عطف أحد، كما ترفض وصفها ب"المساكن". وهذا نص مقال الطالب الكفيف وسيم العزوزي كما ورد إلى الجريدة: يحل 30 مارس من كل سنة، وتحل معه أصوات تنشز في التغني بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وهيئات وجمعيات تتاجر بقضية أصحابها مغيبين، يتخبطون في صعوبات الحياة اليومية، تتقاذفهم نظرات الشفقة والإقصاء، وإعلام يتيح لكل هؤلاء فرصة الركوب على الحدث، وتسليط الضوء على إنجازات موهومة بعيدة كل البعد عن الواقع، تستحضر في الحسبان وضعية الغابرين، متغافلين عن التقدم الذي يشهده العالم، إذ الأولى المقارنة بمن حولنا لا من قبلنا. وبصفتي شخص في وضعية إعاقة، يمكنني القول في شيء من الاطمئنان إن واقعنا ليس أفضل ممن قبلنا من حيث القوانين والولوجيات المتاحة من قبل الجهات المعنية، ومن بين أبسط الأمور غياب ما نص عليه قانون الرعاية الاجتماعية رقم 07-92 في المادة الرابعة من إحداث بطاقة الإعاقة التي تتيح الاستفادة من بعض الحقوق وتحمي حاملها. وبصفتي أنتمي إلى فئة المكفوفين، أؤكد على كون بعض الامتيازات التكنولوجية التي صرنا نستفيد منها أغلبها يرجع إلى جهود فردية متراكمة، فمثلا على مستوى التعليم المدرسي الخاص بالمكفوفين لا زال يعاني من مشاكل طالما عانت منها الأجيال السابقة، وخاصة ما يرتبط منها بتوفير المقررات الدراسية، وآلات الكتابة المتلائمة، ومتغيرات العصر، وتكفي جولة خاطفة في مواقع التواصل الاجتماعي لتتأكد مما أدعيه. وأما بخصوص التعليم الجامعي، فإن الكلمات تعجز عن وصف معاناة الطالب في وضعية إعاقة عموما، والكفيف خصوصا، باعتبار انتمائي، ابتداء من غياب الولوجيات في الجامعات، وهو ما نص عليه قانون الولوجيات 10-03، وانعدام الوعي، مرورا بانعدام المراجع المطبوعة بطريقة "برايل"، أو المسموعة، وصولا إلى غياب جهة ترعى هذه الفئة من المجتمع بعد حصولهم على الباكلوريا. وأنا أكتب هذه السطور طالعتني بعض المقالات التي تتحدث عن جمعية تعنى بولوج المكفوفين.. للعلم أؤكد على غياب هذه الأخيرة في الواقع، ولم أسمع بنشاط نظمته أو كتاب مسموع أصدرته، باستثناء الشراكة التي أبرمتها مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية. وأما على مستوى التشغيل فالواقع أسوأ، إذ فرص ولوج الشخص في وضعية إعاقة إلى سوق الشغل صارت نادرة، خاصة أن القطاع العام هو المعول عليه، بينما القطاع الخاص تجاهل هذه الفئة تجاهلا تاما. وبشيء من التخصيص، فالوظائف التي يلجها المكفوفون تعد على رؤوس الأصابع، ومع مرور السنين تندر المناصب الشاغرة، مما يصبح معه الشارع ملاذ الطلبة المتخرجين، ما يستلزم مراجعة المسالك التعليمية التي يخول للكفيف التسجيل فيها، وكذلك الأمر بالنسبة لمناصب الشغل. وأما بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة الذين لم يتوفقوا في دراستهم، خاصة أن برامج التربية الخاصة والتكوين المهني نادرة، إذ لم تكن منعدمة، لا يبق أمام أغلبهم إلا التسول لسد رمق العيش، سواء التسول المباشر، أو الغير المباشر "الباعة المتجولون". وأختم هذه السطور وأنا أطوي صفحات من المشاكل والمعاناة التي نعاني منها نحن الأشخاص في وضعية إعاقة سواء على المستوى الاجتماعي والتربوي، أو على المستوى الثقافي، أو على المستوى الصحي... ولا أود سردها لكي لا تكون مثار استجداء الشفقة والعطف، وترديد كلمة سئمناها "مساكن" وإنما غرضي إفساد السيمفونية التي تعزف كل سنة، واستجلاء جانب من الحقيقة التي تحتاج إلى الإرادة الحقيقية لكل الفاعلين للنهوض بوضعية فئة ليست قليلة في المجتمع. [email protected]