من المتوقع في الأيام القليلة القادمة أن يتم نشر مرسوم قانوني بالجريدة الرسمية الإيطالية يحدد تدفق واستقبال العمالة الأجنبية فوق التراب الإيطالي والمعروف باسم "فلوسي" Flussiوذلك بعد أن وقعه رئيس الوزراء "سيلفيو بيرلسكوني" يوم 30 نونبر الماضي. ويحدد المرسوم القانوني، الذي سيدخل حيز التنفيذ بمجرد نشره بالجريدة الرسمية، أن إيطاليا مستعدة لاستقبال 100 ألف مهاجرأ جنبي من خارج دول الإتحاد الأوروبي قصد إدماجهم في سوق الشغل المحلي، منهم 4500 مغربي كحصة مخصصة للمغرب في إطار اتفاقيات التعاون التي تربط بين البلدين، هذا بالإضافة أن هذا العدد يمكنه أن يتزايد في إطار الحصص الأخرى المحددة حسب الفئات المهنية كفئة الخدم بالبيوت بحيث أن إيطاليا في حاجة إلى 30 ألف أجنبي قصد تشغيلهم كخدم بالبيوت، إضافة إلى أن قانون "فلوسي" يعطي الفرصة كذلك لبعض الفئات الأخرى كالطلبة او العمال الموسميين للحصول على رخص إقامة دائمة وكذا رجال الأعمال او المستثمرين. وقد شكل هذا القرار مفاجأة للعديد من الأوساط خصوصا بعد ان كانت تشير العديد من المؤشرات إلى أن الحكومة الإيطالية ستسير عن نهج نفس السياسة التي نهجتها في السنتين الأخيرتين أي إغلاق الحدود بشكل يكاد كليا أمام اليد العاملة الاجنبية اللهم ما كان من تسوية الوضعية القانونية لخدم البيوت المتواجدين بإيطاليا سنة 2009 والتي لم تستوف جميع أشواطها إلى حدود اليوم، وهو ما كان يأمل وزير الداخلية تكراره حتى هذه السنة أي الاقتصار باستقبال الأجانب الذين سيشتغلون بالبيوت الإيطالية. إلا ان العديد من الأوساط المهنية ما فتأت تشير إلى الخصاص الذي يعرفه سوق الشغل الإيطالي خصوصا أمام رفض الإيطاليين الإقبال على العديد من المهن اليدوية فرغم الخطابات الشعبوية لليمين الإيطالي إلا أنه يصعب أن تجد إيطاليا يشتغل في المزارع الزراعية أو في أوراش البناء، هذا إضافة إلى أن آخر إحصائيات شبه رسمية تشير إلى أن تدفق الاجانب على إيطاليا تراجع منذ سنة 2007 بنسبة 40% وهو ما قد يكون قد عجل بإصدار هذا القانون. وبالرغم ان قانون "فلوسي" يعد في شكله كعملية لتنظيم تدفق واستقبال العمالة الاجنبية المفروض انها تتواجد خارج التراب الإيطالي، إلا أنه في جوهره يعد عملية تسوية قانونية للمهاجرين غير الشرعيين المتواجدين أصلا بإيطاليا والذين يتم اشتغالهم بطرق غير قانونية ولكن بشرط أن يتمكن المهاجر غير الشرعي من الخروج من إيطاليا من غير ضبطه لكي يعود إليها بطريقة قانونية. وهو الانتقاد الذي توجهه الأوساط النقابية والحقوقية لهذا القانون لأن حتى عملية الخروج لم تعد سهلة حسب قوانين الهجرة الإيطالية كل من يتم ايقافه فوق التراب الإيطالي دون أن يكون في وضعية قانونية قد لا يسمح له بالعودة إلا بعد مرور خمس سنوات على الأقل، بالإضافة إلى انه في حالة تواجد اليد العاملة ببلدانها الأصلية فيصعب إيجاد مشغلين لها بإيطاليا " فمن يستطيع تشغيل أي شخص لم يسبق له أن رآه من قبل؟" يتساءل أحد النقابيين. وعادة ما يصاحب الإعلان عن مثل هذه العمليات القانونية ظهور عمليات موازية للعديد من السماسرة والمنتهزين الذين يستغلون أوضاع المهاجرين غير الشرعيين خصوصا وأن القانون لا يقدم أدنى الضمانات لحماية المهاجر الأجنبي، فمن خلال مختلف عمليات التسوية السابقة كان هناك العديد من الضحايا لعل آخرهم المهاجر المغربي الذي قضى حوالي شهر معتصما بأحد أبراج مدينة ميلانو ليجد نفسه على متن الطائرة نحو الدارالبيضاء لأن مشغله الإيطالي لم يلتزم بتعهداته السابقة فليس هناك أي قانون يجبره على ذلك، وهو ما أكدته "المنظمة الدولية للعمل" التابعة للأمم المتحدة في يوليوز من السنة الماضية التي كشفت النقاب عن ظاهرة "الاستعباد" التي يخضع لها العديد من المهاجرين المغاربة بإيطاليا نتيجة لعملية الاحتيال التي كانوا ضحية لها من قبل أرباب العمل الإيطاليين