عندما نلج بعض المواقع الكبيرة، فليس حتما أن يكون وراء تصميمها وبرمجتها شركات كبيرة، أو مهندسون ذوو خبرة في مجال التصميم و البرمجة، فموقع المدون المهتم بالمجال التقني، رغيب أمين، يقف وراء تصميمه وبرمجته تلميذ يدرس بالإعدادي، اسمه أسامة نصيف. وكذلك الشأن بالنسبة لمواقع أخرى كثيرة، نجد وراءها مبرمجا اسمه حميد أمومن، الذي لا يتجاوز سنه تسعة عشر ربيعا، لكن تجربته تضاهي خبرة كبار المبرمجين بشهادة عملائه وزبنائه من الشرق الأوسط والمغرب. حميد أمومن، القادم من بلدة تنجداد في أعماق الراشيدية، قال إنه مولع بعالم البرمجة والأزرار التقنية منذ طفولته، حيث كان يحوز على حاسوب بسيط في سن مبكرة، مكنه من الاستئناس بعالم التقنيات والمعلوميات صغيرا. سنة 2007 حاول حميد تعلم برمجة المواقع، حيث كان يحلم أن يمتلك موقعا خاصا به، فلم تثنه المحاولة الفاشلة من المواصلة بعزيمة أكبر، "عندما أفشل أعتبر ذلك حافزا على النجاح" يورد حميد، وأضاف أنه في 2009 تمكن من برمجة أول سكريبت له، وهو في سن ال 13. "حافزي للتعلم ليس الربح"، هكذا أجاب حميد أمومن بخصوص السبب الذي يجعله يتجه صوب تصميم المواقع في سن مبكرة، مبرزا أن "الربح ليس حافزا من أجل التعلم، بل أرى أن هناك أهم من ذلك، هو تقاسم المعرفة مع الجميع" وفق تعبيره. تقاسم المعرفة جعل هذا الشاب اليافع يسخر وقت فراغه لنشر كل ما تعلمه طيلة سنوات، ينشر هنا وهناك ، ويراسل المواقع المهتمة يقترح عليها دروسا في مجاله مجانا للجميع، وبعدها أنشأ موقعا أطلق عليه "دروس نت"، سخر له وقته دون أن يفكر في المقابل المادي. نجاح "دروس نت" ألهم حميد فكرة إحداث أكاديمية افتراضية، فكانت تلك انطلاقة مشروع كبير أسماه "أكاديميتي"، تضمن أزيد من 250 فيديو تعليمي في كل لغات البرمجة، صورها حميد في بيته بإمكانياته الذاتية، بالإضافة إلى عشرات التدوينات التي يشرح فيها كل ما استجد في مجاله، دون أن يطلب مقابلا لذلك. هذا الجهد الذي يبذله حميد وجد صداه في مسابقة مغربية لمحتوى الويب، حيث كرمته معترفة بجهوده، فمنحته لقب أفضل مدون لسنة 2014 . ويتابع هذا الشاب دراسته حاليا في المجال الذي يحبه، كاشفا أنه تلقى عروض عمل كثيرة، لكنه يحاول أن يزاوج بين العمل والدراسة، خصوصا أنه كرر سنة البكالوريا في وقت سابق عندما أعطى كل وقته للعمل، لكن "الفشل هو حافز للنجاح" كما يعلق حميد. المبرمج الشاب قال إنه يحاول قدر جهده تحسين المحتوى المكتوب بالعربية في الانترنت، موضحا أن "الحلم بمحتوى شبيه بما يقدم بلغات أخرى في الشبكة العنكبوتية أصبح قريب المنال، خصوصا إذا ضحى كل واحد من موقعه، وتقاسم المعرفة التي يجيدها مع الجميع دون حسابات أخرى" وفق تعبيره.