ما إن بدأت أسعار النفط العالمية تتراجع حتى توالت التقارير الاقتصادية المبشرة للمغرب بسنة اقتصادية "استثنائية" مقارنة مع سابقاتها. وعلى نفس النفس النهج سارت المذكرة الأخيرة الصادرة المؤسسة البنكية الفرنسية "القرض الفلاحي الفرنسي" حول توقعاتها لأداء الاقتصاد المغربي خلال هذه السنة، غير أن الجديد في المذكرة أنها نبهت الحكومة المغربية إلى إمكانية ارتفاع أسعار النفط مجددا وتبعات هذا الارتفاع على جيوب المواطنين. وحذرت الوثيقة الصادرة عن المؤسسة البنكية الفرنسية، الحكومة المغربية من مغبة الاطمئنان لتراجع أسعار النفط، التي من الممكن أن تعود للارتفاع خلال الأشهر القادمة، "وهو ما يمكن أن يحدث غضبا اجتماعيا بسبب ارتفاع أسعار المحروقات" خصوصا وأن الحكومة المغربية رفعت يدها نهائيا عن أسعار المحروقات. وإضافة إلى احتمال ارتفاع أسعار النفط على الصعيد العالمي، فقد توقعت المؤسسة البنكية الفرنسية أن يحقق المغرب نسبة نمو تصل إلى 4,5 في المائة، مضيفة "باستثناء لو حدث اضطرابات اجتماعية خلال هذه السنة فإن المؤشرات الاقتصادية ستتحسن في 2015". وطالبت نفس الوثيقة من الحكومة المغربية أن تستغل الموارد المالية التي ستوفرها من تراجع أسعار النفط، في الاستثمارات العمومية وخصوصا في قطاع البناء والأشغال العمومية الذي يعيش على إيقاع التراجع منذ أشهر، وهي الوضعية التي أفضت إلى فقدان عدد من العمال لعملهم. وتبدو جميع المؤشرات الاقتصادية الدولية تسير في صالح المغرب، كما هو الحال بالنسبة لتراجع قيمة الأورو على الصعيد العالمي، وهو الأمر الذي سيخفف من نسبة العجز التجاري المغربي، خصوصا وأن المملكة تؤدي ثمن واردتها بالأورو. هذا بالإضافة إلى أن النمو الاقتصادي للاتحاد الأوروبي سيرتفع بنسبة 1,3 في المائة وهو الأمر الذي سيقدم للمغرب نسبة نمو 0,2 في المائة، نظرا لكون أوروبا تعتبر الشريك الاقتصادي الأول للمغرب. كما أن واردات المغرب من النفط ستمثل 15 في المائة من مجموع الواردات المغربية، عوض نسبة 27 في المائة خلال سنة 2014، وهو الأمر الذي سيخفف قليلا من العبء على ميزانية الدولة. وواصلت المؤسسة البنكية الفرنسية توقعاتها الإيجابية عندما أكدت على أن الموسم الفلاحي الحالي سيكون أفضل من سابقه، بفضل الأمطار التي عرفها المغرب خلال الأشهر الماضية، وسيساهم في الرفع من نسبة النمو بنقطتين. وكما هو حال أغلب التقارير الاقتصادية المستشرفة للوضعية الاقتصادية المغربية، فإن وثيقة المؤسسة البنكية الفرنسية، سكتت عن واحد من أكبر مشاكل الاقتصاد المغربي وهي قدرته على خلق فرص الشغل سواء في القطاع العام أو الخاص. وهي المشكلة التي من المتوقع أنها لن تعرف طريقها للتحسن خلال هذه السنة رغم كل المؤشرات الاقتصادية الإيجابية.