قال الشاعر عبد اللطيف اللعبي إن معادلة التفاؤل والتشاؤم إزاء عالم العنف والتطرف غير مجدية، داعيا الى تعبئة فكرية لمواجهة التحديات الجديدة التي تواجهها الانسانية. وأضاف اللعبي، أمس الأحد في المعرض الدولي للنشر والكتاب (الدورة 21)، إنه بعد ما حدث في فرنسا (الهجوم على صحيفة شارل إيبدو)، ولدت لحظة صعبة جدا للبشرية جمعاء، ولها تأثير كبير على المعنويات والمخيلات، لكن لا مجال للاستسلام ، فمواجهة هذا الخطر المحدق لا يكون بالهلع والقبول بالدمار الشامل وبالهمجية. ورأى أن الحل يكون "بانتفاضة جديدة للوعي والفكرة، أي ألا نقبل بهزيمة الفكر، بل نقبل برفع التحدي الجديد مهما كانت قوة الضربات، وإيجاد الأدوات القمينة بالمواجهة على مستوى الأفكار والوعي الجماعي ضدا على الهمجية ". وشدد الشاعر والروائي والحقوقي المغربي على أن هذا الرد يكون بالتمسك بأحلام الحرية والعدالة والمساواة بوصفها مرافقة للتجرية الإنسانية، بالرغم من قوة الضربات. وأبرز عبد اللطيف اللعبي ضرورة الحفاظ على العمق العربي، بالرغم من أن المغرب ينتمي لأعماق أخرى أمازيغية وأندلسية وإفريقية وغيرها، مشيرا إلى أنه بالتنازل عن العمق العربي يتم التنازل عن جزء أساس من الهوية والحاضر والمستقبل. وبخصوص الحركة الثقافية، لاحظ فقدان الحس الجماعي، الذي ساد في مراحل لاحقة، و"الوحدانية القاتلة" التي يشتغل فيها الكتاب حاليا في مقابل التحرك الجماعي للجيل السابق بهدف تجديد الثقافة والفكر، داعيا إلى إحداث حركة لتجديد الثقافة وتغيير القيم الإستيتيقية وإلى اليقظة المستمرة وعدم فقدان الأمل. وفي هذا الصدد، تحدث اللعبي عن تراجع دور الرموز الثقافية في المغرب مما سيكون له انعكاس على المجتمع ككل، وما يتطلب تحمل المسؤولية إزاء الجيل الحالي من أجل تشجيعه على ممارسة المواطنة بشكل كامل، مؤكدا أن هذا الجيل ما زال محتاجا لمثقفين من طراز الرموز السابقة. وعن طقوس الكتابة لديه، أضاف أن الدفقة الإبداعية "لغز مطبق ومسألة لا عقلانية وغير منضبطة"، وأنه "يكتب بقدر ما ينكتب"، مشيرا إلى أن الكتابة تأتي في البداية بدون أن يتحكم فيها قبل أن تتم عملية استقبال ما سيأتي وممارسة شروط الكتابة ومقاييسها حسب حساسية كل كاتب، والاشتغال على المادة الخام. فالكلمات، في نظر عبد اللطيف اللعبي، كائنات حية، يجب عدم افتقاد الرغبة في مداعبتها، كي يتم إعطاء نكهة خاصة بالنص. واعتبر الشاعر والروائي والحقوقي المغربي أن الإبداع ليس مهنة، بل هو المطلق، وهو الحياة، وأن الكتابة حاجة ملحة وباطنية تهدف إلى لقاء الآخر والحوار معه، مشيرا إلى أن الحرقة صارت مفتقدة بسبب سيادة منطق الربح والكسب والمنصب والشهرة. وعن سؤال حول تداخل الأجناس الفنية في أعماله، قال اللعبي إن مجال الإبداع متعدد المنافذ، فالشاعر يتذوق الموسيقى والفنون التشكيلية والنحت وغيرها ، موضحا أنه لا فصل بين الرواية والشعر، وإن كانت الرواية انتصرت على المستويين العربي والعالمي بعدما كان الشعر ديوان العرب. وخلص عبد اللطيف اللعبي، صاحب "مجنون الأمل"، في معرض حديثه عن الأضواء وعن الهامش، إلى أن "الهامش هو حظ المثقف والمبدع الحقيقي"، وإلى أن الهامش هو "ما تبقى لنا من مغامرة وحرية".