توشكُ الأزمة في سُوريا على دخُول عامهَا الخَامس، بعدمَا انبثقتْ، بادئ الأمر حرَاكًا شعبيًّا، أعقبه تحولٌ إلى معارضة مسلحة، قبلَ أنْ تطفو الجماعات الإرهابيَّة إلى السطح، وتحول المسار إلى حربٍ دينيَّة، باتَ السُّوريُّون معهأ أمام خياراتٍ، لا تخرجُ عنْ مظلَّة النظام والإرهاب، في ظلِّ ضعف المعارضة المدنيَّة واندحَار الجيش السُّوري الحر. الأزمة السُّورية التي أسفرتْ عن مقتل مائتي ألف شخص، وجرح مليون، فيما نزح ثلاثة ملايين شخص إلى خارج البلاد هربًا من الموت تحت الأنقاض، يتحدثُ رأسُ النظام السُّوري، بشار الأسد، عنْ مآلاتهَا في حوارٍ حديثٍ أفردهُ لمجلَّة "فُورين بُوليسِي" الأمريكيَّة"، بالقول إنَّ النهاية، لنْ تكون سوَى بحلٍّ سياسي. الأسد قال إنَّه لا يرى حلًّا عسكريًّا في الأفق، وإنَّ كافَّة الحروب عبر التاريخ انتهتْ بقرارٍ سياسيٍّ، مقللًا من شأن ما يثارُ حول تحول سوريا إلى ثلاث دويلات صغرى، تدار إحداها من قبل حكومة النظام، فيما تسير الثانية من قبل داعش والنصرة، وتتولى أمر الثالثة أطيافٌ من المعارضة الكرديَّة والسنيَّة. الأسد أجاب في سؤال عمَّ سيفعلهُ ليعِيد سوريا موحدة بالقول إنَّ السُّوريين يدعمُون الحكومة في دمشق بالرُّغم من كلِّ شيءٍ. زيادةً على ذلك، يرى الأسدُ أنَّ سيطرة بعض الجماعات على مناطق من سوريا ليس ثابتًا وإنَّها تنتقلُ من منطقةٍ إلى أخرى، كما أنَّ لا خطُوط فصلٍ واضحةً بين بين مختلف القوات، " السُّوريون باتُوا يدعمُون اليوم الدولة حتَّى وإنْ كانُوا يختلفُون معها سياسيًّا. أمَّا عمَّا إذا السنيُّون والأكراد لا يزالُون يدعمونهُ، ردَّ بأنَّ الانقسام في سوريا غيرُ مبنِي على التباين الإثني والمذهبي، على اعتبار أنَّ في المناطق الكرديَّة نفسها يوجدُ بها عرب أكثر. وبعدما صار إسقاطُ نظام الأسد خارج أولويَّات الغرب المنشغل بتنظيم "الدولة الإسلاميَّة"، يقُول الأسد عنْ إمكانيَّة الحل السياسي، إنَّه كان منفتحًا منذُ البداية ولا يزال، محيلًا إلى تغييره الدستُور وجاهزيته لكلِّ شيء، " الحوار لا يعني مباحثاتٍ بين نظامه وأطياف المعارضة وإنَّما أخذًا برأي كافَّة السُّوريين". وشدد الأسد على أنَّه يرفضُ أيَّ حلٍّ سياسيٍّ في البلاد ما لمْ يجرِ تبَّنيه باستفتَاء، على اعتبار أنَّ الأمر يتعلقُ بتغيير كبير، قاإذْ ليس للحكومة ولا للمعارضة أنْ تقرِّرَا بحسب قوله، " لا وجود لطاولة مفاوضات وإنْ جرى المضي إلى موسكو، "حن من جانبنا الحكومي، لدينا مؤسسات، كما أنَّ لدينا جيشًا وتأثيرًا؛ سواء كان سلبيًّا أوْ إيجابيًّا، وفي أيِّ اتجاه ووقت، لكن من تراهم يمثلُون الذِين سنفاوضهم، عليك أنْ تسأل عنْ حجم تأثير المعارضة..لستُ أقول إنَّ كلَّ معارضة هي بالضرورة غير مشروعة، لكن ثمَّة فرق بينَ الدُّمى والمعارضة". الأسد نفى أنْ تكون مبادرة موسكُو عبارة عن مفاوضاتٍ، قائلا إنَّها ليست سوى تحضير لعقد مؤتمر، مردفًا أنَّ الإشكال في كون بعض الأطراف لا تمثلُ أحدًا في سوريا، كمَا أنَّ بعضها لمْ يعشْ أيًّا من لحظات حياته في البلاد، بحسب قوله. وجزم الأسد أنَّ الحل إزاء مشكل التمثيليَّة في سوريا، يكون عبر التوجه مباشرة للتفاوض مع منْ أسماهُم ب"المتمردِين"، وهم نوعان عنده؛ تنظيم "الدولة الإسلاميَّة" وجبهة النصرة، زيادةً على تنظيمات صغرى تنتمِي إلى القاعدَة، مرجحًا أنَّ من يسميهم أوباما بالثوار هم متمردُون عادَ كثيرٌ منهم إلى الجيش. فيما لا يزال العفو مطروحًا على منْ يريدُون العودَة إلى الجيش. وعمَّا إذَا كان لا يخشى منْ تنامِي نفوذ إيران وحزب الله، على الأرض، على اعتبار أنَّه سيصعبُ عليه لاحقًا، وإنْ أراد ذلك، أنْ يقلص الدور "الفارسي" في سورية، أجاب الأسد بأنَّ إيران دولة مهمَّة في المنطقة وذات وزن في معادلاتها، حتى قبل الأزمة وبأنَّها غيرُ ذات طمُوحات في سورية، "لنْ نسمح لأيِّ بلدٍ من النيل من سيادة سوريا، ولا أعتقدُ أنَّ الإيرانيِّين لا يريدُون ذلك".