بوريطة: نحن بحاجة إلى "روح الصخيرات" في هذه المرحلة الحاسمة من الملف الليبي    فرنسا.. الحكم على ساركوزي بخضوعه للرقابة عبر سوار إلكتروني لمدة عام    الملك محمد السادس يهنئ أمير دولة قطر بالعيد الوطني لبلاده        اصطدام شاحنة بمحطة ترامواي "ابن تاشفين" يودي بحياة 3 أشخاص    الناظور.. ارتفاع معدل الزواج وتراجع الخصوبة    حفل توقيع "أبريذ غار أوجنا" يبرز قضايا التعايش والتسامح        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    حوادث السيارات: أطلنطاسند تقلّص مدة الخبرة والتعويض إلى 60 دقيقة فقط!    الرجاء يعين عبد الصادق مدربا مساعدا    رياضية وطبيبة… سلمى بوكرش لاعبة المنتخب الوطني تنال الدكتوراة في الطب    العدالة والتنمية: تصريحات أخنوش في البرلمان تؤكد حالة تنازع المصالح وتضرب مصداقية المؤسسات    مزور يشرف على انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ بالبيضاء        إجهاض عملية للتهريب الدولي لثلاثة أطنان و960 كلغ من الشيرا        أزمة اللحوم الحمراء بالمغرب بين تراجع الأغنام وسياسات الاستيراد    جمعيات تعبر عن رفضها لمضامين مشروع قانون التراث الثقافي    مطالب للحكومة بضمان المساواة وتحقيق الإنصاف لجميع المنخرطين بالتغطية الصحية بالقطاعين العام والخاص    المفوضة الأوروبية لشؤون البحر الأبيض المتوسط: المغرب شريك أساسي وموثوق    عزيز غالي.. "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" ومحدودية الخطاب العام    الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى قرارها العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    تداولات الافتتاح ببورصة الدار البيضاء    الجواهري: سنكون من أوائل الدول التي ترخص العملات المشفرة    الوداد يعلن عن منع جماهيره من حضور مباراة الكلاسيكو أمام الجيش الملكي    اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير معدلة وراثيا لبيع أعضائها للبشر    علماء يطورون بطاطس تتحمل موجات الحر لمواجهة التغير المناخي    وكالة بيت مال القدس الشريف تنظم ندوة في "أدب الطفل والشباب الفلسطيني"    الالتزام ‬الكامل ‬للمغرب ‬بمبادرات ‬السلام ‬‮ ‬والاستقرار ‬والأمن    الطلب العالمي على الفحم يسجل مستوى قياسيا في 2024    بنك المغرب…توقع نمو الاقتصاد الوطني ب 2,6 بالمائة في 2024    استهداف اسرائيل لمستشفيات غزة يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية    بنموسى: تحسن متوسط مدة الدراسة لدى السكان البالغين 25 سنة    مقر الفيفا الأفريقي في المغرب.. قرار يعزز موقع المملكة على خارطة كرة القدم العالمية    الكعبي عقب استبعاده من جوائز الكرة الذهبية: "اشتغلت بجد وفوجئت بغيابي عن قائمة المرشحين"    حماس تصف محادثات الدوحة حول الهدنة بأنها "جادة وإيجابية" وإسرائيل تنفي توجه نتانياهو للقاهرة    شباب مغاربة يقترحون حلولا مبتكرة للإجهاد المائي    مسجد سوريا بطنجة.. معلم تاريخي يربط المغرب بدمشق صومعته تشكل الاستثناء وصممت على النمط الأموي    كأس إيطاليا: يوفنتوس يفوز على كالياري برياعية ويتأهل لربع النهاية    دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا مدخل للتسوية السياسية أم بداية فصل آخر للحرب؟ واشنطن وتل أبيب ومخططات التقسيم البديلة.. بقلم // عمر نجيب
نشر في العلم يوم 01 - 03 - 2016

منذ الإعلان عن الاتفاق الروسي الأمريكي لوقف الأعمال العدائية على الساحة السورية إبتداء من ليلة الجمعة السبت 26 و 27 فبراير 2016 ولفترة تمتد أسبوعين لم تتوقف التعليقات والتصريحات والتحليلات بشأن فعالية ونجاعة هذا التفاهم فيما يخص التوصل إلى تسوية، ومن هي الأطراف الأكثر استفادة منه عسكريا وسياسيا وكذلك من هم الخاسرون سواء على المدى القصير أو الطويل وما هي الأخطار التي قد تتجسد في حال إنهيار الإتفاق أو الفشل في تمديده، إلى غير ذلك من مختلف أشكال إسقاطاته.
ولكن ماذا يعني وقف العمليات العدائية؟. وما الفرق بينه وبين وقف إطلاق النار وبين الهدنة؟.
كل المصطلحات السابقة هي مصطلحات تستخدم لوصف اتفاقات تهدف إلى وقف الحروب، ولكن في الدبلوماسية الدولية فإن مصطلح وقف إطلاق النار هو أكثر رسمية من وقف الأعمال العدائية.
وقف الأعمال العدائية بالضبط يعني وقفا مؤقتا للقتال، وهو في العادة غير ملزم ويحدث في العادة في بدايات عمليات البحث عن فرص إحلال السلام، في حين أن وقف إطلاق النار يعني وقفا تاما للعنف ومرتبط بتجميد استخدام الأسلحة بشكل مباشر في الوقت الذي تتم فيه عمليات المفاوضة.
الموقف ميدانيا
يوم الجمعة السبت كان الموقف على الساحة السورية إيجابيا للرئيس الأسد، فبحسب ما هو منشور في الإعلام، يسيطر الجيش العربي السوري على نحو ثلث أراضي البلاد، حيث يعيش نحو ثلثي السكان، فيما تشترك "داعش" و"النصرة" وباقي الجماعات المسلحة في السيطرة على قسم من الباقي، حيث أن جزء كبيرا من الأراضي شبه الصحراوية الواقعة بين سوريا والعراق خالية من أي تنازع عسكري وهي شبه خالية من السكان وتشكل جزء مهما من مساحة القطر السوري. كما ان الأكراد فرضوا سيطرتهم على مساحات مهمة شمال الأراضى السورية، وهؤلاء يحظون بدعم أمريكي وروسي، بينما تحاربهم تركيا بأشكال مختلفة ومتفاوتة الحدة حسب الموقف العام.
عدد كبير من الفصائل المسلحة والتنظيمات التي أنشأت إمارات في بعض أرجاء سوريا دخلت في مفاوضات مع حكومة دمشق للخروج من صفوف أعداء النظام. مصادر الرصد الألمانية سجلت أن أطرافا شاركت في مؤتمر المعارضين بالرياض تجري بدورها محادثات تسوية مع دمشق وأن الجيش السوري وفي ظل الجمود النسبي في المواجهات العسكرية سيدخل مناطق سيطرة هذه الأطراف دون قتال، وسيذوب مسلحو هذه التنظيمات وسط المدنيين أو سيتحولون إلى قوى محلية لحماية الأمن وسد الطريق أمام أي محاولات لتقدم جماعات مسلحة مناهضة لدمشق.
نفس المصادر الألمانية أشارت أنه بغض النظر عن فعالية وديمومة الإتفاق الروسي الأمريكي، فإن الجيش السوري سيستفيد منه لترسيخ سيطرته في المناطق الشاسعة التي تمكن منذ 30 سبتمبر من إستعادة سيطرته عليها، كما سيعمل على إعادة تأهيل شبكة الطرق والجسور التي دمرت جزئيا خلال السنوات الخمس الفائتة مما سينفعه لاحقا حالة تجدد القتال للتقدم بسرعة أكبر نحو المناطق الأساسية لسيطرة الجماعات المسلحة بعد أن يكون قد قطع أغلب طرق إمدادها بالسلاح والمتطوعين أساسا عبر الأراضي التركية.
خلافات حول المستقبل
كثيرون يشككون في نجاح الإتفاق مؤكدين أن الحرب ستتواصل وربما تتسع أما إقليميا أو عالميا، وآخرون قدروا العكس مشيرين أن ساسة كل من موسكو وواشنطن وصلوا إلى قناعة بأنه لا يمكن حسم الصراع الدولي الدائر على أرض الشام عسكريا وأنه يجب التوصل إلى تسوية سياسية متفاوض عليها. ولكن هنا كذلك تنوعت التقديرات، فهناك من قدر أن المعسكر الذي تقوده واشنطن في الصراع في سوريا أدرك أنه يخسر ولذلك يسعى لحل يحفظ جزء من مصالحه وماء وجهه في حين قدر فريق آخر أن البيت الأبيض يناور ولم يتخل عن مشاريعه الأصلية فيما يخص تشكيل شرق أوسط جديد وفقا لمشروع المحافظين الجدد الذين يريدون إقامة ما بين 54 و 56 دولة مكان الدول الحالية وذلك على أسس عرقية وطائفية ودينية ومناطقية.
يوجد شبه إجماع لدى المراقبين بخصوص عدد من النقط فيما يخص الوضع. فأولا يبدو تطبيق الإتفاق صعبا جدا حيث أن الأمم المتحدة أعلنت من جهة أن دمشق وموسكو والتنظيمات الكردية المتحالفة عمليا مع الجيش السوري وافقت على بنود إتفاق وقف الأعمال العدائية في حين قبله 98 تنظيما مسلحا فقط، ولكن المعروف وحسب إحصائيات سابقة للمنظمة الدولية فإن في سوريا حوالي 250 تنظيم رئيسي وحوالي 1800 جماعة مسلحة أو إمارة ومليشيات تقاتل في نفس الوقت الجيش السوري وتتصارع فيما بينها في نطاق نزاعات على الأرض والسلطة والنفط والضرائب على التجارة، وهذه التنظيمات تبدل بسرعة وبشكل غير منطقي تحالفاتها بين ليلة وضحاها، ولهذا فإنها ليست ملتزمة بإتفاق وقف الأعمال العدائية. الاتفاق الأمريكي الروسي على وقف الأعمال العدائية استثنى تنظيم داعش وجبهة النصرة وذكرت موسكو أنه يستثني تنظيمات إرهابية أخرى والأطراف غير الملتزمة به.
رغم ما يشاع عن تفاهمات روسية أمريكية يذهب البعض إلى وصفها بالصفقة، فإن الظاهر والمعزز بالأفعال هو أن هناك حالة إنعدام ثقة بين الكرملين والبيت الأبيض، وإن كل طرف يراقب أخطاء ونقاط ضعف الطرف الآخر لإستغلالها لمصلحته في الوقت المناسب.
في الساعات القليلة التي سبقت ليلة الجمعة السبت صرح الرئيس الروسي بوتين خلال اجتماع لجهاز الأمن الاتحادي في موسكو "اليوم بحلول منتصف الليل بتوقيت دمشق يجب أن تؤكد الأطراف المتحاربة كافة في سوريا لنا أو لشركائنا الأمريكيين موافقتها على الالتزام بوقف إطلاق النار". ومضى يقول "وصلتنا هذه المعلومات بالفعل" مضيفا أنه اعتبارا من 27 فبراير لن تقصف القوات الحكومية السورية والقوات الروسية وقوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أيا من الجماعات المسلحة المنضمة لوقف القتال.
وأكد بوتين أن الأعمال القتالية ضد تنظيم "الدولة" و"جبهة النصرة" وجماعات أخرى ستستمر. وأضاف "أود أن أعبر عن أملي في أن يضع شركاؤنا الأمريكيون هذا أيضا في ذهنهم... وألا ينسى أحد أن هناك تنظيمات إرهابية أخرى بخلاف الدولة الإسلامية". وأوضح الرئيس الروسي أن العسكريين الروس والأمريكان سيحددون على الخرائط الأراضي التي تتواجد فيها قوات الموافقين على الهدنة ولن يقوموا بقصفها، كما لن يقوم التحالف الدولي بأعمال عسكرية ضدها، وشدد على ضرورة أن تقوم المعارضة بوقف عملياتها ضد الجيش الحكومي السوري والمجموعات التي تسانده. من جانبه حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الجمعة واشنطن من طرح أفكار بديلة بالنسبة لسوريا. وقال "يجب ألا يكون هناك حديث غامض عن أي خطة بديلة ولن يكون الأمر كذلك في المستقبل، كما لا يجب التخطيط لعملية برية أو عن إقامة بعض مناطق الحظر الجوي والذي يعد منذ فترة طويلة غير مقبول تماما".
روسيا حققت أهدافها
يوم 24 فبراير وبنغمة تعبر عن الأسف والإمتعاض، وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن وقف الأعمال العدائية في سوريا بأنه نجاح حققه الكرملين مقابل ثمن منخفض نسبيا.
وأوضحت الصحيفة أن العملية العسكرية الروسية في سوريا حققت هدفها الرئيس، فيما يخص تعزيز مواقع حكومة الرئيس بشار الأسد، على الرغم من أن مخرجا "لائقا" من الأزمة لا يلوح في الأفق حتى الآن.
ولفتت الصحيفة إلى تشديد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في كلمته المتلفزة، مساء الاثنين، 22 فبراير، على أن الدور الروسي في سوريا سيساعد في تجنيب البلاد الانهيار الكارثي، على غرار ما حصل في العراق وليبيا واليمن، بالإضافة إلى كونه مثالا على "العمل المسؤول".
واعتبرت الصحيفة أن موسكو لدى إطلاقها العملية العسكرية في سوريا، في سبتمبر 2015، كانت تسعى لتحقيق 5 أهداف، وهي: "وضع حد للمحاولات الخارجية لتغيير النظام، وإظهار نفسها كشريك موثوق بقدر أكبر بالمقارنة مع الولايات المتحدة، لكي تفشل بذلك خطط واشنطن لعزل موسكو، والدعاية للأسلحة الروسية الجديدة، وتقديم مكسب جديد للشعب الروسي في نطاق المواجهة مع الولايات المتحدة".
وشددت "نيويورك تايمز" على أن موسكو حققت الأهداف المذكورة بقدر كبير، معيدة إلى الأذهان تأكيد بوتين على مواصلة العمليات القتالية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا.
وأشارت "نيويورك تايمز" في هذا الخصوص إلى "نقطة ضعف" في الاتفاق الروسي الأمريكي يسمح بمواصلة الهجمات ضد تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة". ورأت أن هذا البند يصب في مصلحة روسيا، علما بأن العديد من فصائل المعارضة تحارب إلى جانب مقاتلي "جبهة النصرة".
واستطردت الصحيفة، قائلة: "في الوقت الذي يشترط الاتفاق على حلفاء أمريكا أن يتوقفوا عن القتال ضد حكومة الرئيس الأسد، يمكن لروسيا والحكومة السورية أن تواصلا ضرب فصائل المعارضة التي تدعمها الولايات المتحدة، دون أدنى خشية من أي رد فعل أمريكي لإيقاف ذلك".
ونقلت الصحيفة عن محللين أن روسيا تريد أن تمدد تواجدها في سوريا، لكي تشرف على الانتقال السياسي حتى تشكيل حكومة جديدة، ولكي تبقى دمشق عاصمة ودية بالنسبة لموسكو، بالإضافة إلى إظهار إمكانية تحقيق الانتقال السياسي عبر التفاوض وليس عبر تغيير النظام.
ويرى كريس هارمر من "معهد دراسات الحرب" في واشنطن أن السياسة الأمريكية تجاه الأزمة السورية اتسمت برد الفعل وركزت على الدبلوماسية المبالغ بها بدرجة لم يصبح لها أي وزن. ويقول فيما نقل عنه مايكل ويز من موقع "دايلي بيست" إن من يملك الدبلوماسية هو من يملك القوة العسكرية على الأرض وهم الروس في هذه الحالة، فهؤلاء لديهم مصداقية على وكلائهم ودبلوماسيتهم لها معنى بخلاف الولايات المتحدة التي لا تملك التأثير نفسه على وكلائها ولهذا فكل ما تقوم به هو تعديل دائم لمواقفها السياسية في أزمة كانت تقتضي بالضرورة تفكيرا عميقا وحلولا بعيدة المدى.
وزن داعش والنصرة
إذا كانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد عبرت بشكل غير مباشر عن قلق أوساط في العاصمة الأمريكية من الخطر الذي يتعرض له تنظيم النصرة في نطاق إتفاق وقف الأعمال العدائية فإن محللين يحسبون على المعسكر المؤيد للسياسة الأمريكية يقرون بأنه بدون تنظيمي داعش والنصرة لا توجد قوى مسلحة لها وزن كبير على الساحة السورية وأنه في حالة نجاح دمشق وموسكو في تصفية التنظيمين ستكون الحرب المتعددة الأطراف على أرض الشام قد حسمت عمليا ولهذا يتحدث البعض عن تدخل لجيوش أجنبية لتغيير موازين القوى أو تقسيم سوريا وهو أمر تتبناه أساسا تل أبيب.
الخبير في الشؤون السورية توماس بييريه ذكر لوكالة فرانس برس ان اعداد مقاتلي النصرة تتراوح بين سبعة وثمانية الاف مضيفا "هناك الكثير من الاجانب بين الأطر وبدرجة أقل بين المقاتلين".
من جهته، يقول ايمن التميمي، الباحث في الحركات الجهادية في سوريا والعراق، ان "اعدادهم تتراوح بين خمسة وعشرة الاف".
ويضيف بيرييه "ليست هناك اراض تتحكم فيها جبهة النصرة حصرا حتى في المناطق الخاضعة لنفوذها مثل بعض أجزاء محافظة إدلب حيث تتعايش مجموعات أخرى معها".
ويتابع ان "مركز الثقل" هو محافظة إدلب وبالتالي جنوب محافظة حلب. وكان زعيم النصرة قد ابدى في يوليو 2014 طموحه لتشكيل "إمارة إسلامية" مماثلة "للخلافة" التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الرقة السورية والموصل في العراق. ويضم تنظيم داعش في سوريا حوالي 32 الف من الأجانب وله في جنوب دمشق وقرب هضبة الجولان عدة آلاف من المسلحين.
ويؤكد بييريه "بشكل عام، فان للنصرة نفوذا اقل في الجنوب فهي لاعب صغير على الجبهة الجنوبية أي درعا والقنيطرة وفي ضواحي دمشق".
ويبقى تمويل هذه المجموعة غامضا إلى حد ما. واوضح التميمي "لدى جبهة النصرة علاقات مع المخابرات التركية وجهات مانحة في الخليج العربي".
كما قال بييريه ان "قطر تغض النظر منذ فترة طويلة عن جمع الأموال الخاصة في أراضيها لدعم النصرة في حين تقدم تركيا دعما لعمليات الجبهة على طول حدودها".
مصادر رصد المانية وروسية كشفت عن روابط وثيقة بين النصرة والأجهزة الأمريكية مباشرة أو عبر أطراف ثالثة، مشيرة إلى الكميات الكبيرة من الأسلحة ذات المصدر الأمريكي ومنها وسائل النقل التي تتزود بها ليست جبهة النصرة وحدها بل كذلك تنظيم داعش. نفس المصادر اعادت للذاكرة ما كشفت عنه صحيفة "جمهوريت" التركية بالصور والخرائط في شهر مايو 2015 عن تورط المخابرات التركية في تزويد تنظيم داعش بالسلاح وهو ما انتقمت منه حكومة أنقرة بسجن صحفيين كشفا عن العملية وطلبت الحكم بسجنهما مدى الحياة بتهمة كشف أسرار الدولة.
أغرب إتفاق
كتب المحلل والصحفي عبد الباري عطوان يوم 27 فبراير في رأي اليوم:
معظم الدلائل تشير إلى أن فرض الاتفاق الروسي الأمريكي في التطبيق على الأرض تبدو شبه معدومة، فالهجمات السورية الروسية الجوية والبرية ستستمر ضد "الجماعات الإرهابية"، وهذه الجماعات سترد حتما، وتركيا، ومثلما أكد رئيس وزرائها احمد داوود اوغلو، لن تلتزم بالاتفاق وستواصل قصفها للجماعات التي تعتبرها بدورها ارهابية، مثل قوات حماية الشعب الكردية التي تحظى بدعم أمريكي.
هذا اغرب اتفاق يتم التوصل اليه في تاريخ منطقة "الشرق الأوسط"، وربما الكرة الأرضية، لأن من توصل اليه دولتان عظميان، ودون التشاور او التنسيق مع "اللاعبين" الأساسيين على الارض، او حتى "الهامشيين" داخل سوريا او في المنفى، وفوجئت به الدول الاقليمية.
"الدولة الاسلامية" تلتزم الصمت تجاهه، ربما لأنها غير معنية به، لكن شقيقتها ب"الرضاعة" من ثدي "القاعدة" كانت الأعلى صوتا، عندما خرج ابو محمد الجولاني زعيم "جبهة النصرة" ببيان صوتي وصف الاتفاق ب"الهدنة المذلة" و"المخزية"، وطالب الفصائل المقاتلة برفضه، وقال "احذروا خديعة الغرب وامريكا.. واحذروا مكر الرافضة والنصيرية.. الجميع يدفعكم للعودة لعهد الطاغية نظام الاسد الظالم"، غير أن "جبهة النصرة تتشكل من شبكة من الاذرع العسكرية والفصائل، وبعضها ينضوي تحت مظلة "معارضة الرياض" التي أيدت الاتفاق.
رد فعل زعيم تنظيم "النصرة" يعكس حجم المخاطر التي يواجهها هذا التنظيم في المستقبل القريب في جبهات القتال، فاتفاق الهدنة استثناه، واعطى الضوء الاخضر، بل و"الشرعية"، لمواصلة روسيا غاراتها الجوية ضد مواقعه، ولاستعادة ادلب وجسر الشغور ومناطق اخرى في شمال حلب التي يسيطر عليها "جيش الفتح"، احد اذرعه العسكرية، مدعومة بقوات نظامية سورية على الارض حققت انجازات كبيرة في ريف حلب الشمالي في الاسابيع الاخيرة.
الموقف على الارض لن يتغير والغد سيكون مثل الأمس، والشهر المقبل مثل من سبقه، واتفاق وقف الأعمال العدائية يذكرنا بآلاف مثله اثناء حروب الشرق الاوسط، خاصة في لبنان واليمن وليبيا والعراق وايران، فكيف سيطبق ويحظى بأي فرص للنجاح وهناك أكثر من 250 تنظيما سوريا مسلحا على الارض على الاقل، في ظل تداخل جغرافي بين هذه التنظيمات، وانعدام الرقابة على الارض، وآلياتها لمعرفة من التزم، ومن لم يلتزم، ففي الكيلومتر المربع الواحد يمكن ان تكون هناك سيطرة لاكثر من تنظيم.
سوريا تنجرف بسرعة نحو "الخطة ب" التي تحدث عنها، وهدد بها، جون كيري وزير الخارجية الأمريكي قبل بضعة أيام في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، أي غزو بري سعودي تركي مدعوم امريكيا، وتقسيم جغرافي وديمغرافي لسوريا، فالوزير كيري قال في شهادته امام الكونغرس يوم 25 فبراير انه لا يوجد اي ضمان لنجاح وقف "الاعمال القتالية" بينما طالبه نظيره الروسي سيرغي لافروف بالكف عن الحديث عن خطط بديلة وعمليات برية ومناطق منزوعة السلاح، مثلما انتقد، أي لافروف، تصريحات الرئيس باراك اوباما التي ادلى بها يوم الخميس 26 فبراير عن ضرورة تنحي الاسد في حال التوصل الى سلام دائم.
هذا اتفاق لوقف الأعمال العدائية لا يريده، ولا يحتاجه احد، ويتمنى الجميع فشله، والموافقة عليه تأتي من قبيل "سد الذرائع" وفي اطار سياسة كسب الوقت، ومحاولة تجنب الاسوأ، اي الحرب الاقليمية التي قد تتطور الى حرب اممية، فالوضع في سوريا خرج عن السيطرة، بشقيها السياسي والعسكري.
المهم الآن هو شكل ومضمون السيناريو الذي سيكون عليه المشهد السوري بعد الفشل المتوقع لهذه الهدنة، وربما سيكون دمويا ومرعبا في معظم جبهات القتال، الحديث عن البدائل ليس أكثر من غطاء لهدف آخر هو "التقسيم الجغرافي" لسوريا، وانشاء كيان طائفي "جديد في الرقة ودير الزور والحسكة، ويكون امتدادا لآخر في الموصل.
من المنتصر مرحليا
الإتفاق الروسي الأمريكي جاء بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها ساحة القتال خاصة منذ التدخل العسكري الروسي العلني والكثيف الذي بدأ في 30 سبتمبر 2015 وحول مسار الحرب في صالح حكومة دمشق وجيشها وفرض عملية مراجعة حسابات على الأطراف التي راهنت في أوقات مختلفة ومنذ حوالي خمس سنوات على أن سقوط حكومة سوريا أصبح على بعد أسابيع قليلة.
جاء في تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية يوم 25 فبراير تحت عنوان هل انتصر الرئيس الأسد في الحرب؟:
ساعدت الغارات الجوية الروسية ودعم حلفاء آخرين في مقدمتهم حزب الله الرئيس الأسد على حسم المعارك الرئيسية. وعلى الصعيد الدولي، فإن تهديد ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" وتنامي دور الجماعات الجهادية داخل المعارضة السورية جعل البلدان التي كانت تريد رحيل الأسد تعيد النظر فيما إذا كان هذا يعد سياسة قابلة للتطبيق على الأرض.
وتحدث خبراء لبي بي سي قبل موافقة الحكومة السورية على بنود الاتفاق الأخير، عما إذا كان الرئيس الأسد قد حقق الانتصار فعليا في الحرب.
جينيفر كافاريلا، متخصصة في الشأن السوري بمعهد دراسات الحرب في واشنطن قالت:
اكتسب الرئيس الأسد بالتأكيد قوة دفع كبيرة في ميدان المعركة. وتحشد المعارضة المسلحة كل قوتها بشكل ملحوظ من أجل إيقافه، لكن سيتمكن الأسد على الأرجح من محاصرة مدينة حلب، وبعد ذلك نتوقع أن نرى حملة حصار.
قد يكون إعادة الاستيلاء على مدينة حلب كافيا لتشجيع العديد من مقاتلي المعارضة السورية على وقف القتال والتخلي عن الحرب ضد الأسد.
تكمن استراتيجية الأسد حتى الآن في استعادة المناطق الاستراتيجية الرئيسية، فضلا عن تدمير جيوب المعارضة التي تشكل تهديدا للمناطق الأساسية التي يسيطر عليها النظام. لا يحاول الأسد استعادة كل المناطق الريفية التي تسيطر عليها المعارضة، لكنه يحاول التأكيد على ديمومة المكاسب التي يحققها وأن يكون ذلك بمثابة دعم عسكري لموقفه في أماكن مثل حلب وحمص ودمشق.
نقطة العجز الأساسية التي تعاني منها المعارضة فهي افتقارها لقوة جوية، إذ أن قدرة الأسد على استخدام الضربات الجوية الروسية، فضلا عن إلقاء البراميل المتقجرة، لا يمكن للمعارضة تعويضها من دون الحصول على أنظمة صواريخ أرض جو محمولة على الكتف لاسقاط الطائرات.
بالتأكيد الأسد في موقف قوي للغاية، وأعتقد أنه سيستفيد على المدى الطويل من تطرف المعارضة. لو وصل الأسد بالوضع في سوريا إلى النقطة التي يتعين علينا عندها أن نختار (نحن الغربيون) بين الدفاع عن اوطاننا وبين رحيله، أعتقد أنه من الممكن أن يخرج منتصرا في تلك المعادلة.
رامي خوري، محلل بمعهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية بالجامعة الأمريكية في بيروت ذكر من جانبه:
يعتمد الرئيس الأسد في حقيقة الأمر على عدد قليل للغاية من الأشخاص لمساعدته على البقاء في السلطة، وهذا بالنسبة لي علامة على الضعف وليس القوة.
كانت سوريا تتمتع بعلاقات جيدة للغاية مع تركيا في وقت من الأوقات، ثم انقلب الأتراك عليها تماما. وكانت هناك علاقات وثيقة للغاية أيضا بين سوريا والسعودية، لكن كل هذا ذهب هباء الآن.
وهذا شيء مهم لأن ما نراه الآن هو أن السعوديين والأتراك وغيرهم يقولون إنهم سيرسلون طائراتهم المقاتلة وقوات برية خاصة لشمال سوريا لدعم المعارضين الذين يحاولون التخلص من الأسد.
وهناك مؤشرات خطيرة على حرب عالمية مصغرة تدور رحاها الآن في شمال سوريا. إنها حالة استثنائية، وكثير من الأطراف المختلفة محلية وحكومية وقوى إقليمية وقوى أجنبية تطلق النيران والقذائف والصواريخ على بعضها البعض، وهذا شيء غير مسبوق بالمرة.
ويعتقد كل طرف أن هذه معركة وجودية وأنه سيُمحى من وجه التاريخ إذا خسرها. وهذا هو السبب الذي يجعلهم يفعلون هذا.
وتفعل جماعة حزب الله وروسيا وآخرون ما تفعله لأنها ترى أنه إذا فقد الأسد سوريا فإن هذه ستكون ضربة استراتيجية كبيرة لمصالحها. والإيرانيون وحزب الله على وجه التحديد يرون سوريا كحلقة وصل بينهما. أما الروس فيرون هذا الوضع الخطير على أنه وسيلة لاستعادة دورهم ومصداقيتهم الدولية في المنطقة.
لا أعتقد أن الأسد يمكن أن يبقى في سدة الحكم لفترة طويلة، وأفضل شيء يمكنه القيام به هو التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وبعد ذلك مرحلة انتقالية يكون جزءا منها في أول عام أو عامين، ثم يغادر في نهاية المطاف.
التقسيم
بعد أن تعثرت خطط الحرب التي وضعت محل التنفيذ قبل زهاء خمس سنوات للسيطرة على كل سوريا، يبدو أن واشنطن وتل أبيب أساسا قد وضعا خطة ليست بديلة ولكن استكمالية.
أثار حديث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن صعوبة إبقاء سوريا موحدة، إذا استغرق إنهاء القتال وقتا أطول، المزيد من الجدل بشأن بروز تصور واضح من قبل واشنطن لتقسيم سوريا.
وكان كيري قد قال في شهادة له أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي "ربما يفوت الأوان لإبقاء سوريا موحدة إذا انتظرنا فترة أطول". ، واضاف كيري في شهادته إن لدى واشنطن "خطة بديلة" جاهزة في حال لم تنجح الجهود المبذولة لإنشاء حكومة انتقالية في سوريا، لافتا إلى أن هذه الخطة سيكشف عنها خلال شهر أو شهرين.
ومنذ أدلى كيري بتلك التصريحات لم تتوقف التكهنات بشأن ما قصده بالحديث عن صعوبة الإبقاء على سوريا موحدة، والملفت أن هذه ربما تكون المرة الأولى التي يأتي فيها الحديث عن احتمالات تقسيم سوريا على لسان رسمي أمريكي، إذ جرت العادة أن حديثا من هذا القبيل كان يصدر عن أجهزة إعلام ومراكز بحثية ومسؤولين أمريكيين سابقين.
وكان وزير الخارجية الأمريكي الاسبق هنري كيسنغر قد تحدث عن تقسيم سوريا بشكل صريح في مقال نشره عام 2014 في صحيفة "وول ستريت جورنال" وضمنه رؤيته للتقسيم فيما تناولته وسائل الإعلام بالحديث تحت مسمى خطة كيسنغر لتقسيم سوريا.
وخلال حديثه أمام مؤتمر الأمن الذي انعقد في ميونيخ بألمانيا، في وقت سابق من شهر فبراير قال وزير الدفاع الإسرائيلي "موشي يعلون" متناولا إمكانية تقسيم سوريا "يجب أن ندرك أننا سنشهد قيام جيوب مثل علويستان وكردستان السورية ودرزستان السورية قد تتعاون أو تحارب بعضها البعض"، ونقلت رويترز وقتها عن "رام بن باراك" مدير عام وزارة المخابرات الإسرائيلية وصفه تقسيم سوريا بأنه "الحل الممكن الوحيد".
خلال الثلث الأخير من شهر فبراير 2016 صرح وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعلون، إن الملعب، أي سوريا، الذي تعلب فيه دولا عظمى وتنظيمات إرهابية ودول التي تقوم بتفعيل هذه التنظيمات هو ملعب خطير للغاية، ليس فقط في سوريا، بل في دولٍ أخرى، وهذا الوضع الحرج، شدد يعلون، لا يؤثر سلبا على المنطقة فقط، بل أيضا على القارة الأوروبية.
وبرأيه، فإن ما يجري في سوريا هو حرب بين الحضارات، وفي معانٍ معينة يدور الحديث عن حربٍ عالمية ثالثةٍ، تختلف بشكلٍ جوهري عما عرفناه حتى الآن، بحسب توصيفه. وخلص إلى القول إن كل دولةٍ، حتى تلك التي لا تقيم إسرائيل معها علاقات دبلوماسية، تعرب عن دعمها لاستقرار الشرق الأوسط، فإن الدولة العبرية ترى فيها شريكا.
خطر على إسرائيل
التطورات الأخيرة للحرب في سوريا، والانجازات التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه تباعا، بما بات يسمى إسرائيلياً "مسار الانتصار"، تضع تل أبيب أمام خياراتها التي تقر بأنها باتت متقلصة جدا. مع ذلك، تحذر تل أبيب من المسار الصعب والنتيجة المرة التي تخشاها: انتصار الرئيس السوري بشار الاسد وحلفائه، وتضرر مصالحنا.
مع ذلك، تدرك تل أبيب أن قدراتها الذاتية قاصرة عن تحقيق منع التغيير في المسار السوري، وهي تمتنع عن تكرار خطأ أنقرة في مقارعة التدخل الروسي، وتقر بالتغيير وحتميته، رغم بقاء الامل بأن يحمل المستقبل عوائق قد تمنع انتصار أعدائها في الساحة السورية.
صحيفة "هآرتس"، التي نقلت يوم 21 فبراير التقديرات الإسرائيلية حول التطورات الاخيرة في الساحة السورية، أشارت إلى أن "إسرائيل تعمل على تغيير نظرتها إلى الحرب في سوريا، وهو تغيير جاء نتيجة للإنجازات التي حققها الجيش السوري بمساعدة من روسيا وحزب الله، والتخوف من انتصار النظام، الذي سيؤدي بالتبعية الى انتصار خصوم إسرائيل".
مع ذلك، تؤكد الصحيفة أن تغيير النظرة الاسرائيلية إلى الساحة السورية لن يترجم خطوات عسكرية، لكن "ما يبدو لإسرائيل، والمثير للقلق، هو أن النظام وداعميه يتقدمون ميدانيا، في موازاة عدم المبادرة من قبل الغرب الذي يتقاعس عن مساعدة الثوار المعتدلين".
حتى اليوم، أضافت "هآرتس"، امتنعت إسرائيل عن إعلان موقف يصب في مصلحة المتحاربين في سوريا، وحرصت على عدم التدخل النسبي والاقتصار في الدفاع عن مصالحها المعلنة "الخطوط الحمراء"، وفي مقدمتها منع نقل سلاح نوعي من سوريا الى حزب الله في لبنان، و"عمليا خدمت الحرب مصالح إسرائيل الى حد كبير، إذ إنها أضرت جدا بالجيش السوري، وأدت الى تفكيك غالبية مستودعات الأسلحة الكيميائية الضخمة لسوريا".
وتشير الصحيفة أن تحديث الموقف الإسرائيلي، "لا يتم إعلانه على الملأ، مع ذلك، فإن موقف تل ابيب يتلخص في الآتي: "انتصار نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيكون سيئا لإسرائيل، المسألة لم تنته بعد. فرغم التدخل الروسي والخلافات في صفوف المعارضة، فإن الأخيرة ما زالت بعيدة عن الاستسلام، وعلى الغرب أن يستيقظ من جموده، وأن يرسل قوات عسكرية كبيرة لتشكل قوة عسكرية ثالثة في سوريا، بالإضافة الى قوات سنية أقل تطرفا وميليشيات كردية، كي تحارب النظام السوري".
وتضيف "هآرتس" إن انتصار الأسد سيئ جدا، "وسيطرة النظام على الحدود في الجولان التي يسيطر عليها المتمردون حاليا بنسبة 90 في المئة، سيؤدي إلى احتكاك بين إسرائيل وحزب الله، في سوريا".
من ناحية أخرى، شدد موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عبر المعلق الأمني في الموقع، رون بن يشاي، على "غياب الاستراتيجية الأمريكية في سوريا"، باعتبارها أحد أهم مظاهر المشهد السوري والمنطقة، لافتا إلى أن "المعسكر المؤيد للنظام والحليف الروسي، يحرصان على العمل الهادف والمنسق وتحقيق النتائج المنسجمة مع الإستراتيجية الموضوعة من قبلهم". وبحسب الموقع، فإن "التطورات الحاصلة في سوريا تقلق جهات التقدير في إسرائيل والدول العربية الموالية للغرب، وتحديدا من أداء إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في الشرق الأوسط عموما، وفي سوريا خصوصا".
وينقل الموقع عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله:
إن التهديد الاستراتيجي والعملي الرئيس الذي تواجهه إسرائيل هو انتصار دمشق وحزب الله، وليس من "السلفية الجهادية السنية"، أو من "داعش" و"القاعدة"، وهو الأمر الذي دفع إسرائيل إلى موقف واضح: استقرار سلطة الأسد أكثر خطرا على المصالح الإسرائيلية من استمرار الفوضى في سوريا.
إلى ذلك، ذكرت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي أن الهزائم التي ألحقت بتنظيم "داعش" في سوريا، بمساعدة الغارات الجوية الروسية، تثير القلق فيما سمته "المحور المعتدل" في المنطقة. أي أن القلق لا يقتصر على تركيا.
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.