عقدت القمة الثلاثية في جو من التوتر بعد يوم واحد من اغتيال السفير الروسي في العاصمة التركية، أنقرة، وهي خطوة استراتيجية مهمة في طريق تسوية الأزمة السورية، وفق الصحيفة الإسبانية "كلارين" واجتمع وزراء خارجية كل من روسياوإيرانوتركيا أملا في إيجاد اتفاق ثلاثي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بسوريا والتنظيم الإسلامي النصرة، ودعت الدول الثلاث إلى حوار مع المتمردين والمعارضين لنظام بشار الأسد فضلا عن احترام وحدة الأراضي السورية. فرغم الخلاف بين روسياوتركيا في الحرب السورية، إلا أنهما يرغبان في التخفيف من حدة التوتر، خاصة بعد أكد وزراء خارجية الطرفين استعدادهما لضمان اتفاقية مستقبلية يتم التفاوض عليها بين نظام الأسد وفصائل المعارضة. كما اتفق الأطراف الثلاثة على أن الأولوية في سوريا هي محاربة الإرهاب وليس إسقاط نظام الأسد. بيد أن الصحفي البريطاني، أندرو فينكل، المختص بالشأن التركي، اعتبر أن العلاقات الروسية –التركية لازالت متوترة بشكل عميق، رغم اتحاد الطرفين بخصوص مقتل السفير الروسي في تركيا، الاثنين الماضي، مشيرا في مقالته بصحيفة "الغارديان" إلى أن غضب المواطنين يتناقض مع المساعي التركية الروسية لحل الأزمة السورية، خاصة بعدما شكلا محورا سياسيا في الفترة الماضية وهو ما أكدته مباحثات موسكو قبل أيام. وأوضح فينكل في ذات المقال، أن أنقرة أوقفت مد توسع الأكراد في المناطق المحاذية للحدود التركية، مما جعلها تضعف قبضتها أمام تقدم قوات جيش النظام السوري المدعومة من قبل القوات الروسية والحرس الثوري الإيراني من أجل السيطرة على حلب. وفي هذا الصدد، اعتبر بعض السياسيين أن تركيا سهلت المصالح الروسية في حلب، لكسر شوكة الأكراد. وفي هذا السياق، اعتبر دومينيك مويزي، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، وأستاذ الجغرافيا السياسية في معهد مونتاين، بأن تركيا أبعدت من حساباتها أمل قلب نظام الرئيس بشار الأسد، تاركة كل من روسياوإيران تتحكم في سوريا كما تشاء، وبالمقابل، الطرف الروسي يسمح لدولة العثمانيين بإدارة المسألة الكردية بطريقتها، كما أكد على أن تركيا تبتعد شيئا فشيئا عن العالم الغربي وعن قيمها، ومن أوروبا بشكل خاص بعدما تم إغلاق الأبواب في وجه انضمام دولة أردوغان إلى الاتحاد الأوروبي. وأضاف دومينيك في حوار له مع الصحيفة الفرنسية "لا ديبيش" أن تركيا قبلت بالدور الروسي والإيراني في سوريا، إلا أن دولة العثمانيين لا تزال غير واثقة من نظام الخامنئي، حيث إنها خائفة من تحول إيران إلى قوة نووية. وعلى صعيد آخر، شهدت قمة موسكو غياب الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية واعتبر في هذا الإطار، جوليان تيرون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سان جيرمان، أن الأطراف الفاعلة في الساحة السورية تلعب وفق قواعدها، حتى ولو كان ذلك يتناقض مع القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، دون التفكير في العواقب، مشددا على صمت العالم الغرب إزاء الأزمة السورية، حيث أنه لا يبد أي ردة فعل حيال هذا التهميش والإقصاء. كما أوضح الباحث جيل دورونسورو في افتتاحيته بالصحيفة الفرنسية اليسارية،" ليبراسيون" أن نظام الملا في إيران يستفيد من تقدم ثلاثي الأبعاد، فمن جهة هناك نشأة جيش شيعي في العراق والتدخل في معركة تحرير الموصل من يد تنظيم الدولة الإسلامية، فضلا عن الاتفاق النووي مع الغرب الذي مكنها من تغيير وضعها كدولة منبوذة، إلى جانب، انتصاراتها على الأراضي السورية، من خلال جيش متشبع بأفكار حزب الله اللبناني. ومن جهة أخرى، حذر المحلل التركي، محمد زاهد غول، من أن يكون التقارب الروسي-التركي على حساب الحليف الإيراني، مشيرا في مقابلة تلفزيونية مع قناة "عربي 21" إلى أن إعلان موسكو يتحدث عن دولة علمانية وهذا ما لا يمكن ان تقبله دولة الخامنئي، حيث إنها تطمح لبناء مشروع دولة ولاية الفقيه، على حد تعبيره، لافتا الانتباه إلى اختلاف الأهداف الروسية والإيرانية في سوريا، كما أشار إلى وجود تصادم بين مصالح الطرفين، فنظام الملا ليس لديه تصور للحل، وتأمل في إعادة الأمور في سوريا قبل قيام الثورة في 2011، مما لا يتفق معه القيصر الروسي بوتين. وأكد زاهد غول انزعاج إيران من التقارب الروسي-التركي، مستحضرا قصف تجمعات عسكرية تركية بواسطة طائرة دون طيران وقتل جنود أتراك في 24 نونبر الماضي، الذي جاء كردة فعل عن هذا التقارب، مشيرا في الوقت ذاته، إلى تعليق القنصليات الإيرانية عملها بالعاصمة التركية، أنقرة، إثر اغتيال السفير الروسي في تركيا، أندريه كارلوف، الإثنين الماضي، مما يبين في رأيه امتعاض طهران من أنقرة في الجانب السياسي والديبلوماسي. وفي سياق مختلف، دعا مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة، فيتالي تشوركين، الدول الفاعلة في الأرض السورية، للانضمام إلى الجهود التي تبذلها موسكووأنقرةوطهران، مشددا على أهمية انضمام المملكة السعودية لهذه الجهود، في حوار له مع قناة "روسيا-24″، خاصة فيما يتعلق بتوسيع نظام وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية، إضافة إلى حرية تنقل المدنيين في أراضي سوريا.