تعيش مدن مغربية موجات برد قارس مصحوبة بزخات مطرية، أعاقت السير العادي للحياة خصوصا مع درجات الحرارة التي قاربت الصفر، ليصبح معها التزام البيت والتقليل من الخروج سمة الأغلبية، فيما يضطر من يتركون دفء البيت إلى الاستعانة بألبسة تقيهم لفحات البرد. كثيرون يعيشون مكرهين في الشارع يضطرون إلى الاستعانة بأغطية كثيرة، أو البحث عن أماكن دافئة، في حين تلجأ الدولة وبعض جمعيات المجتمع المدني في تحركات محتشمة لمساعدة من يسمون ب"البدون مأوى"، عبر توزيع أغطية أو ألبسة، وأطعمة بالكاد تكفيهم، أو نقل بعضهم صوب مراكز الإيواء إن وجدت. المهاجرون المنحدرون من دول جنوب الصحراء يشكلون النسبة الأكبر من المتضررين من سوء الأحوال الجوية خصوصا في مدينة الناظور، حيث يتخذون من الغطاء الغابوي لجبل "كوركو" مستقرّا لهم، مستعينين ببيوت من البلاستيك ودعامات خشبية، ويعمدون لتسول بعض الأغطية لتقيهم من قساوة الظروف المناخية. أعداد كبيرة من هؤلاء المهاجرين يتخذون من الإشارات الضوئية وملتقيات الطرق أمكنة لاستجداء المارة بعض الدريهمات، أو ما تجود به قريحتهم، دون أن يعمدوا لمضايقة أحد أو إزعاجهم، حيث يؤكد مسؤولون أمنيون غياب شكايات ضدهم بالسرقة أو ممارسة العنف. بوباكار، 25 عاما، دخل إلى المغرب عبر الحدود الجزائرية منذ 7 أشهر، ويعيش في غابة كوركو رفقة رفاقه، وقال: "نعيش أياما صعبة في ظل انخفاض درجة الحرارة خصوصا في الجبل، حيث نضطر يوميا للنزول في الساعات الأولى من الصباح إلى بني أنصار أو الناظور، من أجل البحث عما نسد به رمقنا". ولفت الشاب، في تصريحات لهسبريس، إلى أنه يتواجد بينهم نساء حوامل ورضع لا يستحملون الوضع"، ويضيف الشاب الغيني متأثرا "نسائنا يضطررن للوضع في الجبل في غياب ظروف صحية مواتية، ما يعرض حياتهم وحياة الأجنة للخطر، لكن ليس باليد حيلة". وأفاد المتحدث أن "أعداد المهاجرين في ارتفاع مستمر"، موردا أن الحملات الأمنية لمنعهم من التسلل لمليلية ارتفعت بشكل كبير، بعد محاولات اقتحام ناجحة في بداية السنة الحالية، وأضاف "لن نتراجع لأن لا بديل لنا، فاستمرارنا في الحياة رهين بتجاوزنا السياج الحدودي مهما كلّف الأمر". رفيق بوباكار الغيني، جيادا، اعتبر أن نزولهم للشارع بأعداد كبيرة استلزمته الظرفية المتسمة بانخفاض درجة الحرارة بشكل كبير في الجبل، مشددا على أن السلطات المغربية تتغاضى عنا بالشوارع، والمغاربة يتضامنون معنا ويمنحوننا بعض المال والألبسة والأطعمة". وتابع المهاجر الغيني بالقول، في تصريحات لهسبريس، إن تضامن السكان المغاربة معهم يساعدهم في الاستمرار على قيد الحياة، خصوصا أن ظروف الحياة ب"كوركو" منعدمة، والبرد قارس بدرجة كبيرة، والأمطار تبلل ما بحوزتنا من أغطية وألبسة". وضعية صعبة يعيشها مهاجرون منحدرون من جنوب الصحراء خلال فصل الشتاء، سواء بالناظور أو تطوان أو وجدة أو غيرها من المناطق، ما يستوجب حسب فعاليات حقوقية تدخل الدولة المغربية لحماية أرواحهم، عبر توفير أماكن للإيواء، وتمكينهم من العلاج بالمستشفيات، واحترام حقهم في الحياة.