شارك كتب : محمد القنور ل "مراكش بريس" . عدسة: محمد أيت يحي. عثرت عناصر السلطات المحلية أول أمس، على شاب مغربي في ريعان العمر، ميتا داخل فيلا مهجورة، بعرصة باطا على الطريق الرابطة بين شارع الأمير مولاي عبد الله، وباب دكالة، محنطا بفعل البرد الصقيع ، نتيجة عدم توفره حتى على "أسمال" وأغطية بالية أو حتى مهترئة تقيه هجمة الصقيع …. إنهم ضحايا التشرد، مغربة لاسقف يأويهم ولا عين تنظر لهم برحمة أو وطنية ، كما يقول مصدر متابع للظاهرة ل "مراكش بريس" إلى ذلك، تجتاح مدينة مراكش وضواحيها، هذه الأيام، موجة من البرد القارس، يزيد من حدتها وجود المدينة تحت أقدام الأطلس الكبير، وقربها من التأثيرات المناخية المدارية التي تشهد هبوط مفاجئ في درجة الحرارة ليلا خلال هذه الفترة من السنة.مع حلول موسم البرد، يحتاج المواطن إلى ارتداء ملابس تدفؤه، وبيتا يؤويه، وغطاء يخفف عنه وطأة الصقيع. مثل هذه الإجراءات الوقائية ليست متوفرة للجميع، ففي مدينة مراكش مازال هناك أشخاص دون مأوى، يبيتون في الشارع، يتحملون وحدهم موجات البرد القاتلة. فهل يرجع ذلك لغياب مراكز للإيواء ودور العجزة، وهل هناك إجراءات اتخذتها السلطات المحلية والحكومة أساسا من أجل أجمل مدينة في المغرب، وعاصمة السياحة الوطنية من أجل التخفيف من معاناة "المشردين" تحت سماء عاصمة المرابطين العارية، وبعموم أقاليم الجهة ؟ هذا، ويوجد في مراكش أشخاص ينامون على أرصفة الشوارع، يحتمون بالسماء ويفترشون الأرض الباردة، وآخرون يبيتون تحت هياكل الفيلات المهجورة والخرائب ، أو تحت سقيفات المحلات التجارية. وتشهد المدينة بين الفينة والأخرى توافد العديد من المشردين، قادمين من ضواحيها ومن المدن القريبة، يتخذون من الشارع مأوى لهم، ما يتسبب في حوادث مأساوية، مثل ما حدث في مابين باب دكالة،والداوديات منذ سنتين، عندما لقي 5 مشردين حتفهم، بعدما أفرطوا في تناول مشروب كحولي، اعتقدوا أنه سيخفف عنهم الشعور بشدة البرد. وعقب هذا الحادث المؤلم، بدأ النقاش حول الدور في إحداث مراكز لإيواء المشردين، إذ عقدت في هذا الصدد الكثير من اللقاءات التواصلية فيما بين الجمعيات، وفي غياب مطلق للسلطات المحلية، عُرضت خلاله وضعية هؤلاء المواطنين، وتحديد فئاتهم ومناطق وجودهم على مستوى المدينة المترامية الأطراف، والجهة، وكذا الحلول المقترحة . من جهتها، طالبت فعاليات حقوقية ومثقفون محليون، باعتماد "الشفافية والديمقراطية في تدبير هذا المرفق، دون إغفال أي فئة، بما في ذلك فئة المختلين عقليا". وسجل متتبعون للشأن المحلي بمراكش أن مركز المدينة سجل حالات لمشردين كادوا أن يلقوا حتفهم بسبب موجة البرد القارس، أربعة منهم جرى إيداعهم بمركز الإيواء بوادي زم، وفتاة مختلة عقليا وضعت في قسم أمراض النساء والتوليد بالمستشفى الإقليميبمراكش. وذكر مصدر مسؤول أن مثل هذه الحالات وغيرها، يجري الاحتفاظ بها مؤقتا بالمركز المذكور لمدة ثلاثة أشهر، وأحدث هذا المركز سنة 2010، بطاقة استيعابية تصل إلى 20 شخصا. وتحدثت مصادر أخرى عن وفاة بعض الأشخاص دون مأوى في شوارع مراكش خلال فصل الشتاء دون أن تقدم أرقاما حول ذلك، مكتفية بالقول إن الأمر يخص بعض المسنين، أو الذين يتعاطون بعض أنواع المخدرات الخطيرة. وتبقى حالة العجوز "مبروكة"، ذات التسعين عاما، أشهر حالة في مدينة مراكش، إذ ظلت تسكن تحت سقيفة أحد الحوانيت بوسط المدينة، لسنين طويلة، وظلت لغزا محيرا حتى جرى انتشالها من براثن الشارع خلال السنة الماضية، وترحيلها، بعد محاولتين فاشلتين، إلى دار العجزة بمدينة آسفي. في السياق نفسه، قام رجال الوقاية المدنية، أخيرا، تحت إشراف باشا المدينة، بتمشيط أحد الأكواخ الكارطونية بحي الخوادرية، كانت تسكنه امرأة عجوز في عقدها الثامن، رفقة ابنها المريض عقليا، وجرى ترحيلها إلى الدارالبيضاء حيث تقطن ابنتها، بينما أودع الابن أحد الأقسام الخاصة بالأمراض العقلية. للتذكير، جرى خلال السنوات الماضية، انتشال عدد من المشردين، بعد إيداعهم دار الأطفال مؤقتا بمراكش، بهدف احتضانهم وإدماجهم، إلا أن ذلك لم يدم طويلا، لأن الدار مكلفة بإيواء الأطفال فقط، وأمر ضحايا التشرد لا يدخل في نطاق عمل المسؤولين بها. هجمة الصقيع وصعوبة التنقل يتسبب فصل الشتاء بجهة مراكش في معاناة فئة عريضة من سكان هذه المنطقة، سيما الذين لا يتوفرون على دخل محترم، أويسكنون في المناطق النائية، حيث يواجه المواطن صعوبة التنقل بين سكناه والمراكز التجارية، أو مكان العمل، بسبب الوضع السيئ لكثير من الطرقات، ووعورة المسالك. ويضطر بعض التلاميذ إلى الانقطاع عن الدراسة بسبب موجة البرد وبعد المسافة بين البيت ومقر المدرسة، كما هو الحال بالنسبة إلى جماعة بوخريص، الموجودة على الحدود مع خنيفرة، وحالات أخرى سبق أن سجلت خلال السنوات الماضية، بمنطقة المليكات، بجماعة أولاد عزوز، قبل أن يصحح الوضع في الآونة الأخيرة من قبل المسؤولين. تقول فاضمة، أم لخمسة أطفال، تقطن بمنطقة "تيخفست"، على مقربة من أوكايمدن بإقليمالحوز، إن الطقس البارد وتهاطل الأمطار يحول دون تنقل العائلة إلى اللأأسواق الأسبوعية، خصوصا "إثنين أوريكا"وأحيانا يتوقف بعض أطفالها عن الدراسة بسبب سوء الأحوال الجوية، خوفا عليهم من التيه أو إصابتهم بمكروه. وأضافت أن التنقل غالبا ما يجري عبر العربات المجرورة في أحسن الأحوال، هذا إذا توفرت هذه الوسيلة، وتتم مقاومة موجات البرد بإشعال الحطب والخشب، باستثناء بعض العائلات التي أصبحت تتوفر على إمكانيات، مثل الكهرباء، وأدوات التدفئة، وتبقى الأغطية والألبسة الشتوية أقصى ما يمكن أن توفره أغلب العائلات لأبنائها بالقرى النائية. في حين أكد لحسن، أحد الفلاحين بجماعة مزودة بإقليمشيشاوة، أن الحياة تغيرت قليلا، حيث أصبح من الممكن الاستعانة بوسائل التدفئة، بعد وصول تيار الكهرباء إلى أغلب الدواوير الموجودة بالإقليم، مشيرا إلى أن البهائم هي المتضرر الأول من موجات البرد وهطول الأمطار، حيث يجري تسجيل نفوق عدد من المواشي. ضحايا التشرد و دور المجتمع المدني وحول وجود مراكز للإيواء بمراكش، أفاد مصدر مطلع أن مؤسسات الرعاية الاجتماعية الخاصة بالإيواء والإدماج الاجتماعي والنفسي، المتعلقة بالفئات التي تعاني من الهشاشة والفقر، أصبح عددها بالإقليم عموما، منذ انطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، 24 مؤسسة، تتوزع ما بين دار الطالب والطالبة، ودور الأطفال وإقامة دار الطالبة الجامعية، ومركز خاص بالأشخاص دون مأوى بوادي زم. وأضاف أن هناك أطفالا يعيشون في الشوارع بالفيلات المهجورة بجليز ، جنبا إلى جنب مع رجال ونساء في وضعية صعبة أصبح من الضروري التفكير فيهم، وإيجاد بدائل حقيقية، خصوصا أن إقليممراكش، يعرف انخفاضا حادا في درجة الحرارة خلال فصل الخريف والشتاء، وبالتالي فإن الإبقاء على هؤلاء في الشارع يعرضهم حياتهم للخطر. وأوضح أن المبادرة أولا يجب أن تأتي من جمعيات المجتمع المدني، خصوصا بعد خروج القانون 5/14 إلى حيز الوجود، إذ لم يعد التعاون الوطني هو الذي يسير هذه المؤسسات، واقتصر دوره على مد يد المساعدة من خلال منحة سنوية، وأصبحت هذه الجمعيات تقوم بتدبير هذه المؤسسات. وأبرز المصدر ذاته أن إحداث مراكز الإيواء أصبح واضحا وصارما، بناء على المرسوم التطبيقي رقم 89/07 /2 المؤرخ في 3 يوليوز 2007، المرتبط بتطبيق القانون رقم 05/14 المتعلق بشروط فتح مؤسسات للرعاية الاجتماعية. مصادر أخرى تتحدث عن التفكير في إيجاد حلول سريعة ومؤقتة لإنقاذ الأشخاص دون مأوى خلال هذه الفترة العصيبة من السنة، واقترح البعض وضع سيارات خاصة تضم الشرطة والتعاون الوطني والوقاية المدنية والسلطة المحلية، تتنقل ليلا، بحثا عن ضحايا التشرد وتقديم كافة المساعدات لهم، والاتصال بعائلات بعضهم لإرجاعهم إلى ذويهم. شارك