بعد إخماد نيران الفتنة والخيانة وبتفكير هادئ في شكله وحاد وساخن في مضمونه وبعيدا عن كل المؤثرات الظرفية والعابرة والتحليلات السطحية لحدث نصب مخيم "كديم إزيك" وما سبقه وما تلاه من تعليقات وإجراءات أدت إلى فض المخيم يوم الإثنين الأسود الذي عقب تخليد الشعب المغربي لذكرى المسيرة الخضراء وانعقاد لقاء آخر من المفاوضات غير الرسمية بين أطراف النزاع. نود من خلال هذه المساهمة إبداء رأي نراه صوابا في فهم دلالات وأبعاد ما وقع يوم الإثنين الأسود بمدينة العيون؟ ولماذا وقع؟ وما السبيل إلى تفادي تكراره في الأمد المنور. لقد كشفت وأكدت هذه الأحداث مرة أخرى عدد من المعطيات الخطيرة المرتبطة بالخصوم السياسيين للمغرب وكذا العديد من الأخطاء القاتلة التي تهم تدبير الدولة المغربية لملف الصحراء كما عرت وفضحت الأحداث العديد من الحقائق الصادمة فيما يخص أعيان وشيوخ القبائل بالصحراء وكذا المنتخبون على كل المستويات وكل من له سلطة أو مسؤولية في مدينة العيون. المخيم كان سياسيا منذ البدأ وعدم تحرك الدولة يطرح علامات استفهام ويكرس استمرار الأخطاء في تدبير الملف من القناعة التي لا تقبل الزحزحة بالنسبة إلي هو أن مخيم "كديم إزيك" كان سياسيا منذ البداية وطيلة تواجده وبعد فضه وحتى اليوم، والمقاربة القائلة بكونه اجتماعي ثم تحول إلى ما هو سياسي أعتبر أنها إما تحلل بسطحية وسذاجة تامة أو تعوزها المعطيات بهذا الخصوص، مع استثناء الجهات التي تعتبر مطالبه اجتماعية ذات بعد سياسي في ما يرتبط بتصفية الحسابات السياسية بين خصمين سياسيين داخل ذات المدينة وعموما فو رأي يحترم، وهنا نسرد بعض المؤشرات التي تفيد بكون المخيم كان سياسيا ومسيسا بنفحة انفصالية قبل تنصيبه وأثناء ذلك وبعده. وبطبيعة الحال نستثني المطالب الاجتماعية والتنموية الحقيقية والتي منها ما اتلف وما تبخر وما هرب بفعل سياسة الدولة بهذه الأقاليم وباستشراء الفساد والمفسدين بين الكثير من مسؤولي الدولة أو ما يعرف بناهبي خيرات البلاد والذين من مصلحتهم استمرا النزاع والتي سنخصص لها فقرة خاصة بهذا المقال. أولا : لقد تعالت العديد من الأصوات المحذرة من التوافد المطرد لما يسمى العائدين أو في الحقيقة الوافدين بعد أن أصبح الإعلام الوطني يطالعنا مرة إلى مرتين في الشهر عن عودة العشرات من سكان المخيم وهو ما بلغ حتى اليوم ومنذ مطلع هذه السنة 2000 عائد أو وافد، واعتبرت تلك الأصوات أن الجزائر تعد مؤامرة ما للمغرب. "فالوطن غفور رحيم" نعم لكن لا بد من التشديد في الدخول والتشدد في المراقبة إلى غير ذلك من الإجراءات التي يفهمها أصحاب هذا الاختصاص جيدا، والخطير في الأمر أن جزء كبير من أولئك العائدين كانوا ملثمين ويرفضون كشف وجوههم حتى للسلطات التي استقبلتهم أو لوسائل الإعلام أثناء تصريحاتهم، وهنا أخص بالذكر ما قامت به جريدة "الصحراء الأسبوعية" من تخصيص ملفات وافتتاحيات عدة للتحذير من هذا الأمر وأحد هذه الملفات في عددها 79 تحت عنوان "متى كان الرجوع إلى أرض الوطن فضيحة" كما أذكر في هذا الباب تصريح مهم للكاتب والصحفي محمد أحمد باهي والذي قال لي غير ما مرة ونحن نرتشف كؤوس البن بإحدى مقاهي سلا ونقرأ الأخبار حول تزايد وثيرة العائدين بالحرف -وهذا قبل ثمانية أشهر- "يوم يصل عدد أولئك العائدين إلى 1000 سيحررون الصحراء ويعلنون الانتفاضة"، بالإضافة إلى فاعلين آخرين ممن حذرا من مغبة ما قد يقع في المستقبل ومنهم من اعتبر أنه لا حق لنا في منع أي شخص من ولوج التراب الوطني لكن علينا اتخاذ الإجراءات الاحترازية الضرورية كما ذهب إلى ذلك وزير الدولة محمد اليازغي في إحدى حواراتنا معه. أمام كل هذا لم تحرك السلطات ساكنا. بل إن رقم 2000 يحيل على أن المخيم على وشك الانتهاء وأن هناك حرية في التنقل حيث ما شاؤا وأن مسألة الاحتجاز والتضييق على حرية التنقل ما هو إلا اتهام باطل من طرفنا للجزائر والجبهة، مع العلم أن كل الأسرى المدنيين لدى البوليساريو وغيرهم يؤكدون أن مجرد التفكير في الفرار من مخيمات لحمادة بتندوف يعني الموت المحقق. وثانيا : إن ما سمي بالقائمين على أعمال المخيم أو في الحقيقة من تسربوا إليه وفق أجندة خارجية معادية للمغرب كانوا ملثمين بطبيعة الحال ورفضوا التقاط أي صورة لأي شخص منهم وثالثا : لقد رفضوا وبشكل مبدئي الحوار مع أي كان إلا مع لجنة ملكية وعالية المستوى كما تحدثوا في بياناتهم القليلة، وهنا رفضوا لقاء مصطفى الرميد القيادي بحزب العدالة والتنمية رفقة النائبة البرلمانية عن ذات الحزب بمدينة العيون خديجة حنين، كما رفضوا لقاء الوالي المدينة وعمر الحضرمي المسؤول بوزارة الداخلية عن ملف الإنعاش والقيادي العائد من الجبهة. ورابعا : لقد رفضوا في النهاية كل ما حققته لهم الدولة من خلال وزارة الداخلية والتي حققت نسبة فاقت 70 بالمائة من مطالب المحتجين، بل إن المحتجين أرادوا أن يسلموا لائحة المستفيدين للدولة دون أن تحقق في هوية الأسماء وصحتهم أو في عدم انتمائها إلى العائلة الوحيدة أو أن تكون قد سبق واستفادت...، ورغم ذلك لم يفض المخيم فما ذا يعني كل هذا؟ ومن المعلوم في ثقافة الاحتجاج أنه من غير المعقول أن تحقق 100 بالمائة من المطالب خاصة أنه وفي اعتقادي أن جزء كبيرا منها كان تعجزيا وفيه ألف عنصر من عناصر الابتزاز ولي الدراع والمقايضة بعملة الوطنية التي أصبحت تباع وتشترى مع الأسف الشديد. وخامسا : لقد رفض القائمين على المخيم رفع أو حتى مجرد إدخال أي علم وطني أو أي صورة ملكية للمخيم منذ بدايته وبالمقابل دخلت العشرات من أعلام الجمهورية الوهمية وبعض رموز الانفصال المعروفين بالمنطقة وهو ما بدا أكثر وضوحا لمن لا يزال يحتاج إلى توضيح صبيحة يوم الإثنين الأسود الذي ذهب ضحيته رجال أبرياء ومخلصين لهذا الوطن رحمهم الله جميعا وكتبهم مع الشهداء والمجاهدين. ففي أي دولة وعلى أرض من يقام هذا الاحتجاج الذي يردوننا أن نفهم زورا وبهتانا بأنه اجتماعي؟ وإلى أي وطن ينتمي أولئك السكان المحتجون؟ ولم أفهم حتى الآن أين يمكن ان يتعارض إعلان مغربيتهم من خلال حمل العلم الوطني أو صورة الملك مع مطالبهم الاجتماعية؟ هذا بغض النظر عن قانونية الاحتجاج من عدمه ومسألة تطبيق القانون وسيادة الدولة بهذه المناطق. وسادسا : إنه ليس من الصدفة القدرية أن يصادف هذا الحدث احتفال الشعب المغربي بالذكرى 35 للمسيرة الخضراء المظفرة. وكذا عشية انعقاد اللقاء غير الرسمي بين أطراف النزاع وهي ألعوبة أصبحت مكشوفة أمام الجميع. حيث تعمد الأطراف التي لا تريد حلا لهذا المشكل سواء بالداخل أو الخارج إلى افتعال وخلق القلاقل عشية أي مفاوضات وأي مبادرة تروم تدليل صعاب هذا الملف. وسابعا : ليس من الصدفة أيضا أن تختار الأغلبية الساحقة من ما يسمى العائدين مدينة العيون عاصمة الصحراء كوجهة أساسية لإقامتهم ولاحتجاجهم. وثامنا : وعلى سبيل التكثيف فإن مرحلة ما قبل المخيم والتي تطلبت شهورا من اللقاءات والإعدادات ومستوى الضبط والتنظيم من تقسيم المسؤوليات وإنشاء فرق للحراسة وأخرى للحوار وأخرى للمؤونة ووو...، كلها مؤشرات تدل على أن المخيم تم بفعل فاعل وساهمت فيه أيادي خارجية وداخلية وتم تيسير سبل إقامته لأنه أمام كل هذا يصعب الحديث عن كون الاحتجاج اجتماعي أو عفوي فالدولة نفسها إذا أرادت إنجاز تظاهرة من هذا القبيل فأعتقد أنها وبتوظيفها لكل وسائلها ستحتاج إلى عدة شهور لإنجاز الحدث وليس لإنجاحه. وتاسعا : لقد شهد المخيم ومعه مدينة العيون نوع من التعايش مع الانفصاليين والمخربين في الوقت الذي كان ينبغي على الوحدويين والوطنيين الصادقين بالمدينة أو داخل المخيم أن يقوم بطرد المخربين من بين ظهرنايهم أو إبعادهم عن مكان الاحتجاج ورفض دخول أي منهم أو على الأقل الانسحاب من المخيم وإعلان البراء منه بعد ما تغيرت المعطيات وبدا أن هناك من يريد توجيه الأمور إلى غير وجهتا الصحيحة. وطبعا لا شيء من كل ذلك حدث. وعليه فإن كل التحليلات التي تتحدث عن كون المخيم اجتماعي إنما يدخل ذلك في حسن نيتها أو في غياب المعطيات التي تؤكد أن الخطوة كانت مدروسة ومعد لها بشكل تنظيمي عال ولوا أرادت الدولة أن تخرج نصف ذلك العدد في مسيرة إلى تندوف مثلا أو للتظاهر لاحتاجت إلى شهور وشهور من التعبئة على كل المستويات. واليوم بدأنا نسمع عن اعتقال جزائريين وأفارقة وعرب شاركوا في الاحتجاج وشيوخ القبائل يتداولون أخبارا مفادها أن رجل أمن من رتبة كوموندو تابع لجبهة البوليساريو هو من قاد المخيم وقد كان ملثما كما دخل أول مرة. طيب وأمام هذه المعطيات كلها لماذا لم تتدخل الدولة المغربية وتتخذ الإجراءات القانونية والأمنية الضرورية لوئد هذا المخيم في مهده، وهي التي تسبق كل الوقفات والاحتجاجات بثلاث ساعات قبل تنفيذها؟ طبعا نحن لن نذهب إلى حد اتهام الدولة بأن لها مصلحة ما في إنشاء المخيم أو أنها ساهمت فيه أو يسرت سبل إقامته ولو بغض الطرف عنه، وإن كان لهذه القراءة من صوابية فينبغي أن تنطلق بداية من تعريف ما نقصد بالدولة فقد يكون جهازا قديما فيها أو جديدا أو مسؤول معين يمثلها قد ساهم هو الآخر بقدر ما وبشكل من الأشكال في ترك المخيم يستنبث دون تحريك أي ساكن؟ وإذا صحت الأخبار المتداولة والتي ينبغي التحقق منها عبر لجنة التقصي المرتقب أن تزور مدينة العيون إن أرادت هي الأخرى أن تكون لجنة حقيقية لا شكلية كمن سبقتها وغيرها من الوسائل. والتي تقول بأن تفكيرا كان يروم إسقاط أو إحراج خصم سياسي تقليدي بالمنطقة فهذا سيكون من الصبيانية بمكان كما أنه لعب بالنار وصب للزيت عليها بدراية أو بعدمها، وإذا ثبت هذا فإنها كارثة ما بعدها كارثة. شيوخ القبائل والمنتخبون وكل من له سلطة في العيون دفنوا رؤوسهم في الرمال وبدا أنهم يبيعون الوهم للدولة، وبالفعل "هناك من يكذب عليك يامولاي" لقد كنا نعتقد واهمين أنه بمجرد ن يطلع علينا مسؤول أمني أو شيخ من شيوخ القبائل وأعيان الصحراء أو أحد المنتخبون ويتحدث عن مغربية الصحراء وعن كونهم جنود مجندة وراء جلالة الملك وأنهم مع المقترح المغربي للحكم الذاتي أن ورائهم كل سكان الصحراء وبأنهم ممثلين حقيقيين للسكان لكن بدا بكل أسف ومرارة أنهم لا يمثلون إلا أنفسهم وأنه لا تأثير لهم بالمنطقة وأن للانفصال حظه الكبير بالمدينة وهم متعايشون معه إن لم يكن البعض منهم يرعاه ويستفيد منه. لقد أكدت الحدث بالفعل وكما ورد في رسالة كانت قد بعثث بها حركة إزركيين إلى جلال الملك تقول فيها "أن هناك من يكذب عليك يا مولاي وينقل لك معلومات مغلوطة عن الصحراء المغربية وساكنتها" إن ما وقع لا يمكن إلا أن يفسر في جزء منه بكون الجهات الوسيطة بين الصحراويين والقصر سواء اختار الصحراويون ذلك أم لم يختاروه بالفعل تكذب على الملك وتخدع هذا الشعب بمجمله حول كل المعطيات والأرقام التي يروجون لها في الإعلام الرسمي فقط، فها هو الواقع ينطق اليوم ويخرسهم ليؤكد استفادة لوبي واحد من خيرات البلاد يجتمع فيه الفاسدون واللصوص وتجار القضية، مما دفع بأبناء الشعب المغربي الوحدويين بالجنوب إلى عيش كل معالم الإقصاء والتهميش والفقر المدقع بسبب اللصوص ومصاصي دماء رضعوا من ضرع بقرة أو ناقة الصحراء حتى أخرجوا منها الدم بعد نفاذ الحليب. وكل هذا مقابل ماذا مع الأسف الشديد مقابل المزيد من استنبات الانفصال وتوفير كل الظروف له. وقد زادت سياسة الدولة في الحموضة تعفننا حينما عمدت وتعمد إلى إعطاء الأولوية في التوظيف والمسؤوليات إلى من قاتلها وإلى من يسرقها وإلى من يهلك الحرث والنسل ويفسد في الأرض. أمام كل هذا نتساءل أين كانت السلطات وأين كان المنتخبون على كل المستويات وأين شيوخ وأعيان القبائل الذين اعتمدت عليهم الدولة لسنوات وأكرمتهم إكرام الأبناء البررة بل والمدللين؟ لماذا لم يتم احتواء الوضع قبل انفجاره؟ لماذا لم يفضحوا الفساد والمفسدين؟ لما ذا لم ينبهوا من وضع ثقته فيهم إلى أن الأمور تنذر بالشر المستطير أم أن في فمهم ماء؟ أين كنتم جميعا يا من دفنتم رؤوسكم في الرمال وتركتم الصحراء مشرعة لكل من يريد أن يدمر ويخرب الإنسان والعمران. أما آن للدولة أن تعيد النظر في السياسة المتبعة بهذه البقاع والدفع بالشباب إلى الأمام بدل عجائز ومسؤولين بدا أنهم لا يمثلون إلى أنفسهم ويقبضون ثمن ذلك، لقد صدقت يا ماء العينين مربيه ربه عندما قلت إن أولئك المسؤولون لا يهم أن تعود الصحراء للمغرب أو أن تذهب لإسرائيل بقدر ما يهم مصالحهم الشخصية وليذهب المغرب جميعا إلى البحر. وإنه لمن النكت المبكية التي أضحكتني أن يقوم مجموعة من الأعيان والشيوخ والمنتخبين ببعث رسالة إلى جلالة الملك يهنؤونه بمناسبة عيد الأضحى، إن كان من تهنئة يمكن أن تبعثوها للملك ولهذا الشعب فهوا أن تكفونا شر الانفصال والفساد والدمار المستشري في الصحراء ما استطعتم، وأن تعطوا القدوة قبل غيركم في فضح الفساد والمفسدين والخونة ورفض التعايش معهم وكذا في السعي إلى إحقاق الحق وإزهاق الباطل ولو على أنفسكم أو دويكم وأنا ذاك أنا متأكد أن جلالة الملك وعموم الشعب المغربي سيكون لكم من الشاكرين وستكون بحق تلك هي التهنئة التي سنظل نفخر بها إلى يوم القيامة. أما أن تأتي التهنئة بعد أيام قليلة من الإثنين الأسود بالعيون فاسمحوا لي لقد كان الأولى أن تحدد المسؤوليات ويعلن الحساب ويعرف المغاربة من يسعى بالفعل إلى إطالة هذا النزاع والتعميق من جراحه وتكريس وضع استقلالنا المنقوص. مقترحات بين يدي وضع الصحراء في سكة الحل واستشراف مواجهة المعارك الضارية مع أعداء الوطن إنها رسالة إلى من يهمه الأمر، إنها صرخة وطنية صادقة من أجل مغرب العز والكرامة والديمقراطية والعدالة، إنه نداء سأكون متأسفا ومتجرعا معه لمرارة الحسرة إن لم يصادف الآذان الوطنية الصاغية والتي تروم الخروج ببلدنا الحبيب من قبضة الفساد والمفسدين إلى فضاء الحرية والتنمية والكرامة، إنها همسة في أذن كل ذي ضمير حي ممن وكل إليهم أمر تدبير شؤون هذا البلاد من أدنى منصب إلى السدة العالية بالله، آملا أن يتوجه البحث إلى الفاسدين وأعوانهم لا إلى الأصبع الذي يشير لهم. وبعده نقول : أولا : لا بد من محاسبة ومعاقبة كل من ثبت في حقه أدنى مظاهر الفساد الإداري أو المالي أو الأخلاقي أو استغلال للمركز أو السلطة أو للنفوذ مع استرجاع الأموال المسروقة والمنهوبة للدولة وذلك على مرأى ومسمع المغاربة وكل العالم ليكونوا جميعهم عبرة لم يعتبر وإن هذا الأمر لا يكفي فيه العزل أو التنقيل بل لا بد من تحديد المسؤوليات واسترجاع المسروقات المادية والمعنوية ثم العقاب لمن يستحقه حتى لا نفقد الأمل في إحساس لدينا يقول بأننا في دولة لها رجالها الصادقين في الإصلاح والتغيير. وثانيا : وبعد أن رسخت الدولة منطق شاغب ودمر وسب وانفصل لتستفيد نقول أنه ينبغي القطع مع هذا منطق الذي يعتمد الإرضاء والتدليل فقط لكي لا ينفصل أحدهم، فوالله الذي لا إله إلا هو بعد أن توفر الدولة ما عليها من متطلبات العيش الكريم في الجنوب وغيره دون ابتزاز لها أو لي دراع لا يهمني شخصيا من يريد أن ينفصل أو يستقل ليبتزني أو ليقايض بالوطنته الرخيسة. وسأقول له بالفم الملآن وعلى الملء إن لم ترضى بالمغرب بلدا فارحل إلى جمهوريتك الفاضلة أو حتى إلى جزيرة الوقواق فإنني لن أتأسف عليك ولو للحظة واحدة. وثالثا : لا بد من إعطاء الأولوية للوطنين الصادقين والمشهود لهم بالاستقامة وحسن السيرة والسلوك من طرف الشعب من أبناء هذا البلد في كل ما يرتبط بالتمثيل أو تولي المسؤولية وبأن تعطى الأولوية للكفاءة أولا وإن كانت من الشباب فذاك أفضل وإن كان الشباب من أبناء تلك المناطق فهو أحسن وسنكون أما تدبير لا يعول بعده إلا على عون الله وتوفيقه. ورابعا : لا بد من توفير شروط العيش الكريم وخاصة ما يتعلق بالصحة والتعليم وقضاء حوائج الناس والإصغاء إليهم وحسن معاملتهم والقطع مع الاستفادة دون علم ولا عمل ولنرفع شعار "من لا يعمل لا يأكل" طبعا مع استثناء ضعاف القوم والعجائز والأرامل واليتمى والمعوقين وما شاكلهم. وخامسا : لا بد من تعزيز قيم الديمقراطية والعدالة وإجراء انتخابات نزيهة وشفافة ضدا على المنطق القبلي وشراء الذمم المستحكم بالمنطقة، وعدم إعفاء منطقة الصحراء من المراقبة والمحاسبة والعقاب مهما كانت التبريرات فكيف يمكن أن نفهم غياب العقاب والحساب والمساءلة بهذه المناطق إلى درجة أصبح بعض معها رمز للفساد وفوق القانون. ويكفي أن نشير إلى أنه لم يسبق حتى اليوم تشكيل أي لجنة للتقصي بهذه الربوع. كما أن المجلس الأعلى للحسابات يستثني هذه المناطق دائما من افتحصاته. وسادسا : إن الهوة الكبيرة المسجلة بين الخطابات الملكية وبين ما يجري على أرض الواقع بهذه البقاع وغيرها تؤكد يوما عن يوم ضرورة اعتماد البطانة الصادقة والمنحازة للشعب ومصالحه وهويته ومبادئه لا لمصلحها الخاصة ولأجنداتها الخارجية. مع تفعيل واعتماد آليات جديدة من أجل دبلوماسية مناضلة وفاعلة وهجومية وتستند إلى خلفية علمية وأكاديمية. وسابعا : موضوع العائدين مرة أخرى لا بد من مؤسسة وطنية متخصصة تعنى بشؤونهم مع ضرورة التشدد في الدخول وفرض المراقبة الشديدة واللاصقة ومعاقبة بل وقتل من ثبت أنه بالفعل لم يثب ولم يدخل في رحمة الوطن الغفور الرحيم إذا فهو خائن عدو للوطن والأمة معلن للحرب علينا ومتخابر مع أعدائها ومهلك للحرث والنسل فماذا يريد منا أن نفعل معه. مع تحريك فعاليات المجتمع المدني التي يفوق عددها الألف بالمنطقة من أجل عمل مدني داخلي وخارجي لترسيخ الروح الوطنية والدفاع عن مقدسات البلاد في كل مكان وزمان مع ترشيد وتوجيه الدعم الموجه لهذه الهياكل دون متابعة ولا مساءلة. وثامنا : إني أعتقد جازما أن الثروة التي راكمها بعد رجال الأعمال بالصحراء والذين يملكون من الأموال والضيعات والشركات والفيرمات ومقالع الرمال والصيد في أعالي البحار ومحطات البنزين وو....، لكفيلة بفك 80 بالمائة وأكثر من مشكل العطالة بالجنوب المغربي، بدل توجيه المنتوجات والأموال إلى الخارج دون أن يعود بعض من نفعها إلى أبناء المنطقة وطبعا مع التسهيلات الاستثنائية التي تمنحها الدولة للمستثمرين بتلك المناطق. تاسعا : ما يتعلق بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية فقد أورد الملك محمد السادس في خطاب المسيرة الخضراء الأخير ما ينبغي العمل بشأنه، أما وكالة تنمية وإنعاش الأقاليم الجنوبية فينبغي أن لا تضل خارج منطق الحساب والرقابة مما حولها إلى علبة سوداء لا يحق لأحد أن يطلع على إنجازاتها أو يحاسبها فلا هي تتواصل مع المواطنين وتطلعهم على حصيلة عملها عبر تقارير سنوية أو دورية ولا هي خاضعة لسلطة الرقابة البرلمانية، فضل عن انحرافها عن الخريطة الملكية والتوجهات الكبرى التي حددها لها ظهير التأسيس. وعلى سبيل الختم نقول إن الجزء الكبير مما وقع ويقع لقضيتنا الوطنية من مساوء تتحمله الدولة من خلال سياساتها المتعاقبة في تدبير ملف الصحراء بشكل شمولي ومن خلال اعتماد رجالات مطعون في نزاهتهما وكفاءتهم العلمية والعملية، وطبعا بفعل أيضا مؤامرات ومناورات أعداء وحدتنا الترابية والوطنية، لكن أول مداخل التصدي للمناورات والتحديات الخارجية هو ضبط وتوحيد وتقوية الجبهة الداخلية على كافة الأصعدة والمستويات. من المهم أيضا الإشارة إلى أن أخطاء الماضي معروفة لكن من يتحدث عن أخطاء اليوم بالصحراء ويصححها ويستفيد منها ولا يعيد إنتاجها أو توفير الظروف التي تؤدي إليها. لماذا هذا الكلام؟ لأن الأصوات المخلصة والصادقة تتعالى اليوم منبهة ومحذرة من تصرفات وسلوكات لمسؤولين مركزيين وخاصة على المستوى المحلي ما يزالون بفسادهم وبازدرائهم واستصغارهم وتهميشهم لسكان الصحراء المغربية يوفرون اليوم كل الظروف التي لا يمكن إلا أن تؤدي إلى نتائج من قبيل مخيم "كديم إزيك" وما أتاحه من فرص للأعداء من أجل التربص بنا وفعل فعلتهم تلك. وأمور أخرى أخطر في المستقبل والتي قد لا تحمد عقباها إن استمر الوضع على ما هو عليه. . *كاتب صحفي مغربي