مما لاشك فيه أن اجتماع العيون الذي انعقد يوم الأحد 21 نونبر2010 جزء من المقاربة الجديدة المطلوبة لبدء صفحة جديدة في تدبير السياسات العمومية في الصحراء المغربية، وذلك على الرغم مما شهده من نقاشات حادة وساخنة حملت اتهامات قاسية لمن نعتوا ب''أثرياء الحرب والنزاع''، وانتقادات شرسة لأداء المنتخبين المحليين وعجزهم عن الاشتغال بفعالية وعدل في خدمة سكان المنطقة، فضلا عن تحميل السلطة قسطا من المسؤولية عن الأحداث، ثم التساؤلات المؤرقة حول حقيقة ما حصل والأسباب التي أدت إليه والخيارات المطلوب اتباعها في المستقبل. من الواضح أن لقاء مساء الأحد الذي ترأسه رئيس مجلس جهة العيون شكل تأكيدا جديدا على الموقف الوطني السائد في المنطقة، والرافض لأي تخوين أو اتهام بدعم الانفصال، وهو ما برز في مداخلات عديدة، والأهم أن بعضها تحدث على ضرورة تطبيق القانون على الجميع، كما أن اختيار ما سمي باللجنة الصحراوية للحوار والمتابعة والتي يقودها أحد رموز حركة إعادة الاعتبار ل''إزرقيين'' ألغت اجتماعها المقرر في اليوم نفسه وقرررت الالتحاق بمقر الاجتماع والتعبير عن موقفها المخالف للموقف الرسمي، يمثل تعبيرا عن الاندراج ضمن نفس الإطار الوطني المغربي الساعي لتسوية المشكلات المطروحة في الصحراء والتدبير العادل لمخلفات أحداث العيون ومخيم أكديم إزيك، كما أن إقدام مجموعة من الشباب على تلاوة بيان في موضوع الاجتماع ركزت فيه على قضية تسوية المطالب الاجتماعية يؤشر هو الآخر على الوعي المتبلور في الصحراء حول ضرورة الفصل بين ما هو احتجاج اجتماعي أو حقوقي أو سياسي مشروع وبين التورط في خدمة مشروع الانفصال والتحول إلى حطب بشري لمناوراته ومغامراته اليائسة. إن المغرب عامة، ومدينة العيون خاصة في حاجة إلى فضاء وطني ديموقراطي لامتصاص توترات وجراحات وشروخ الأحداث التي عرفتها العيون منذ تكوين مخيم أكديم أزيك وبعده أحداث عملية الإخلاء وما تلاها من عنف تخريبي بالمدينة، واجتماع أول أمس الأحد ينبغي أن يشكل الخطوة الأولى في تكوين هذا الفضاء، لاسيما وأن اللقاء كشف عن هيمنة الرواية المعادية للمغرب في تسويق صور أحادية ومنحازة ومضللة عما حصل، والمطلوب أن يبذل جهد استثنائي لعرض الصورة الفعلية لما وقع أثناء عملية إخلاء المخيم وكشف السلوكات الغريبة والشاذة والمنبوذة من المجتمع الصحراوي المعروف بطابعه السلمي وتأسيس موقف شعبي لإدانتها، وخاصة مشاهد التنكيل بالجثث والتبول عليها واللجوء إلى أساليب الذبح والتخريب في التعبير عن الاحتجاج، وهو الأمر الذي سيساعد الخطاب الوطني الوحدوي الديموقراطي في الصحراء على تأسيس فرز في مواجهة الخطاب الانفصالي والحيلولة دون نجاح أي مناورة مستقبلية تتاجر بالمطالب الاجتماعية وتلعبها ورقة في الضغط والاستفزاز. إن استعادة المبادرة على المستوى الشعبي وإيقاف متاجرة البعض بالمطالب الاجتماعية يقتضي أمرين: أولا العمل، وباستعجال، على معاجلة التحديات الاجتماعية المطروحة في إطار المؤسسات الوطنية. وثانيا توفير الشروط الديموقراطية الكفيلة بنجاح عمل لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، وتمكينها من أدوات الاشتغال الكفيلة بالاستماع للجميع وتمحيص المعيطات المقدمة من قبلهم.