قبل أيام، تبادرت إلى عقول شباب مغاربة فكرة جديدة للتضامن مع الأطفال مرضى السرطان بالمغرب، التي انطلقت بتأسيس صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تحت مسمى "شويّة من وقتك"، قبل أن تبادر إحدى أفراد المجموعة رفقة صديقين لها، بحلق شعرها بالكامل، تعبيرا عن التضامن مع تلك الفئة من أطفال المغاربة. إنها كنزة منضور، ذات 18 ربيعاً، التي تدرس في السنة أولى داخل المعهد المتخصص في مهن معدات الطائرات ولوجستيك المطارات بالنواصر، التي توّجهت صباح يوم الاثنين صوب محل للحلاقة بحي جوهرة بالدار البيضاء، لتجلس كباقي النساء على كرسي تصفيف الشعر.. لكن لحلقه بالكامل؛ في بادرة مثيرة تلقّاها عدد من المغاربة بالترحاب، بالنظر لهدفها التضامني، فيما عبّرت قلة منهم عن انتقادها لجدوى الخطوة. تقول كنزة، وهي تتحدث في دردشة مع هسبريس، إنها واكبت طيلة 5 سنوات سابقة عددا من الأنشطة التضامنية مع الأطفال بصفة عامة ومرضاهم بالسرطان على وجه الخصوص، "كنا نضحك ونلهو معهم من أجل التخفيف من معاناتهم.. لكن أمرا ما أثار انتباهي: كانت فترات اللعب تستغرق لحظة عابرة دون أن نلحظ أن أول فرق يرونه معك هو الشعر الذي يفتقدوه وينمو فوق رأسك". وتضيف الشابة المغربية أنها حاولت رفقة أصدقاءها تطوير وساءل التضامن مع الأطفال مرضى السرطان داخل المستشفيات، "أسسنا مجموعة 'شوية من وقتك'، قبل أن أفكر بمبادرة فردية للتضامن بحلق شعري لأشبه تلك الفئة وأكسر حاجز الفرق بين وبينهم"، فيما أكدت أنها حاولت إقناع صديقاتها بالمبادرة ذاته "لكنهن أبدين تخوفهن". "أردت بهذه الخطوة كسر الطابو القائل إن نصف جمال المرأة هو شعرها"، تعبّر كنزة وهي تفتخر بخطوتها، حيث لم تُخفِ تذمرها مما أسمته "اختصار جمال المرأة في جسدها ومظهرها مقابل إلغاء كينونتها وطبيعتها وجمالها الروحي"، موردة أن المطلوب تقدير المرأة كيفما كانت صورتها "هناك العديد من النساء ممن فقدن شعرهن لمرض السرطان، فهل هذا يعني أنها غير سوية أو ناقصة لتبقى منبوذة في مجتمعها!؟". وعن الصعوبات التي اعترضت طريق تنفيذها لحلق شعرها كاملا، تقول المتحدثة إنها عرضت الفكرة على مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء من أجل التضامن المباشر، ليتم رفضها: "للأسف منَعَناَ احتكار إحدى الجمعيات التي تنشط في التضامن مع المرضى المصابين بالسرطان.. التي اتهمتنا بمحاولة السرقة عبر جمع تبرعات مالية"، مضيفة أنها توجهت بعد ذلك صوب مستشفى "20 غشت"، إلا أن "التماطل لمدة أسبوع دفعنا للجوء إلى محل الحلاقة". وتورد كنزة أن فكرة حلق شعرها لم تجد معارضة من طرق أهلها "أخبرتُ والدتي بالأمر ولم تمنعني لأن علاقة الصداقة التي تجمعني معها جعلتها تتفهم هذه الخطوة، لأنها لا تراها مخلة بالأخلاق". وترى الشابة كنزة أن خطوتها لا يمكن أن تقتل السرطان من داخل الأطفال "أؤمن بالعلاج النفسي الذي كان أكثر دافع لي"، مشيرة إلى أن انتقاد البعض لخطوتها التضامنية "لن يؤثر على الفكرة لأني مؤمنة بها وأنا أعرف ماذا أريد"، مضيفة "لم أقلد أحداً وليس الأمر تقليداً أعمى لأن القضية تتعلق بالشعر"، فيما تدعو المغاربة إلى تفهم "مضمون الفكرة وليس شكلها.. لأني أريد أن تصل رسالتي للأطفال وفقط".