يحتاج التاريخ الرياضي بالمغرب إلى كتابة تسمح بحفظ ذاكرته وترسيخ ثقافة الاعتراف بقيمة ودور من ساهموا في إنجازاته. ذلك أن دروس الرياضة لاتقف عند حدود الفرجة والمتعة اللحظية، بل تتجاوزهما بتقديم النماذج التي ينبغي أن تقتدى لتكون مثالا للأجيال القادمة. ومثلما أن كتابة هذا التاريخ مهمة مجتمعية؛ فإنها مهمة ذاتية ومؤسساتية كذلك. من هنا تأتي مسؤولية الفرق في التأريخ لمسارها وجعل الأحداث الكبرى التي عاشتها حية في الذاكرة. ويزداد الأمر أهمية عندما يتعلق بتاريخ مشترك؛ مثلما هو حال التاريخ المديد للوداد والرجاء؛إذ بالإضافة إلى خلفيات التأسيس والواقف وراءه(الأب جيكو)، فإن هناك تاريخا وجدانيا وشعوريا يجمع الفريقين . وكتابة هذا المقال هي جزء من الامتنان لأولئك الذين خلقوا الفرجة والمتعة في نفوس الملايين منذ انطلاق أول ديربي، لكنها في الوقت نفسه كتابة تدعو إلى الاعتناء بالذاكرة، وإعادة الاعتبار المعنوي لرجل غادرنا منذ سنوات لكنه موشوم في التاريخ الكروي المغربي عموما، وتاريخ الرجاء والوداد خصوصا. إنه المرحوم لعشير محمد المعروف رياضيا ب(الوجدي)، مسجل أول إصابة في ديربي الرجاء والوداد موسم 1955-1956.فمن يكون؟ لعشير محمد المعروف ب(الوجدي) المولود بتاريخ1929 بدرب السبنيول بمدينة الدارالبيضاء، والذي لعب قلب هجوم للفريق البيضاوي من سنة 1953إلى ،1962 وسجل 65 إصابة لصالح الرجاء، من بينها أول إصابة في شباك الوداد البيضاوي في أول لقاء لهما في بطولة المغرب المستقل موسم 1955-1956 . جاور الوجدي في فريق الرجاء البيضاوي الأب جيكو، ولاعبين متميزين على نحو ما تبينه الصورة المرفقة التي تتكون من: فريق الرجاء البيضاوي موسم 1959-1960 الواقفون من اليمين إلى اليسار: محمد، بوشعيب،الروداني، بنعاشر، لعشير محمد(الوجدي)، الأب جيكو. الجالسون من اليمين إلى اليسار:بتي أحمد، ميلازو، اعسيلة، موسى، مبارك ما نغالا. دون لعشير محمد(الوجدي) اسمه في تاريخ الكرة المغربية بتسجيل أول هدف في أول ديربي بين الفريقين، والذي انتهى بانتصار الرجاء البيضاوي. نعم إنه التاريخ المدون بالقوة وليس بالفعل؛ ذلك أننا عندما نبحث في الأرشيف المدون لانكاد نعثر على ما يشير إلى ذلك، فباستثناء مقالين أولهما منشور في جريدة الرجاء البيضاوي العدد الخامس، السنة 1987،والذي عنون ب (الرجل الذي أشعل الفتنة بين الرجاء والوداد)، وثانيهما استجواب مع لاعب الرجاء المرحوم الروداني منشور بجريدة الصحراء بتاريخ 26ماي 1991 وردت الإشارة فيه إلى الوجدي باعتباره مسجل أول هدف في ديربي مدينة الدارالبيضاء. باستثناء ذلك: فإننا لانجد ما يؤرخ لذكرى الرجل، بل إن وفاته التي كانت سنة1997 لم تتم الإشارة إليها إلافي: جريدة ،Lematin ، عدد 9561 بتاريخ 26مارس 1997. في ذكرى الدريبي بين الرجاء والوداد نحتاج فعلا إلى إعادة الاعتبار السنوي لأسماء رسمت ملاحم تنافس رياضي أصبحت له اليوم قيمة وطنية ودولية كبرى. ولاشك أن إعادة الاعتبار هذه ستقوي مكانة هذا الديربي وتعززوظيفته الرياضية والتربوية والاجتماعية، بجعل التاريخ حاضرا ليعتبر به اللاحقون ، حيث يتم التأكيد، للأجيال الحاضرة، أن هناك تاريخا رياضيا كان الهدف منه دوما ترسيخ القيم الإيجابية القائمة على احترام الآخر والقبول بالتنائج مهما كانت طبيعتها ، وأن من يستوعب ذلك سيقدم نموذجا لسلوك مدني يعود نفعه على المجتمع بأسره .