يعيش مسلمو ألمانيا في الآونة الأخيرة حملات عداء غير مسبوقة في حدتها وسرعة وتيرة انتشارها بين مختلف أوساط المجتمع الألماني. كان أبرز هذه الحملات وأكثرها تأثيرا في الرأي العام وحضورا في الإعلام حركة بيغيدا (1) التي أصبحت تتسع رقعة نفوذها ويتزايد أنصارها يوما بعد يوم في كل الولايات الألمانية شرقا وغربا؛ فقد استطاعت هذه الحركة أن تنجح في أحد مظاهراتها الأخيرة في مدينيه دريسدن؛ شرق ألمانيا في حشد أزيد من ثمانية عشر ألف متظاهر؛ رفعوا شعارات مناهضة للإسلام والمسلمين ولسياسة الحكومة الألمانية تجاه الأجانب واللاجئين. ورغم إدانة المؤسسات الرسمية؛ على رأسها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ومعظم الأحزاب السياسية والكنائس والمنظمات اليهودية وهيئات المجتمع المدني لحركة بيغيدا، واعتبارها حركة عنصرية متطرفة، فإنه ليس من الإنصاف في شيء وضع كل المؤيدين لهذه الحركة والمشاركين في مظاهراتها في خانة واحدة، واتهامهم بالعنصرية أو الانتماء إلى تيار اليمين المتطرف. وإنما ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار أن حركة بيغيدا شكلت لبعض من أيدها أو شارك فيها صماما نفس من خلاله عما تراكم لديه من إحباط وسخط تجاه سياسة الحكومة الألمانية التي فشلت في معالجة الكثير من القضايا الاجتماعية (2). كما لا يمكن في نفس الوقت تجاهل تفاقم ظاهرة التمييز العنصري الذي يتعرض له المسلمون أكثر من باقي الأقليات الأخرى - حسب كل البحوث والدراسات في هذا الشأن، واستشراء "فوبيا الإسلام" لدى شريحة عريضة من المجتمع الألماني - على اختلاف مكاناتها الاجتماعية ومؤهلاتها العلمية ومستوياتها الاقتصادية وتوجهاتها السياسية - كانت في الماضي القريب في منأى عن ذلك، والتي ستزداد لا محالة بعد الهجوم الإرهابي على صحيفة "شارلي إيبدو" في باريس الذي سيشكل منعطفا خطيرا لكل المسلمين في الغرب بصفة عامة. فقد أظهرت دراسة حديثة لاستطلاع الرأي قام بها معهد "إنزا" لصحيفة "بيلد"، أكبر الصحف الألمانية وأكثرها انتشارا ونفوذا، أن ثلاثة من أصل خمسة مشاركين في الاستطلاع أي ما يعادل 58 في المائة، يتخوفون من التأثير المتنامي للإسلام في ألمانيا، شاطرهم هذا الرأي 47,7 في المائة من مشاركين ينحدرون من أصول أجنبية. وقد أكدت من قبل مدى استفحال وتفشي شعور الخوف من الإسلام في المجتمع الألماني بشكل أوضح الدراسة التي قام بها معهد ألينسباخ عام 2006 حيث خلصت إلى أن صورة الإسلام في المجتمع الألماني قد ازدادت سوءا عما كانت عليه من ذي قبل. ففي حين كانت نسبة 85 في المائة من الذين تم استطلاع آرائهم عام 2004 يعتقدون أن الإسلام دين يضطهد المرأة، ارتفعت هذه النسبة لتبلغ 91 في المائة عام 2006، وارتفعت نسبة الذين يرون في الإسلام دينا متطرفا من 75 إلى 83 في المائة، وازدادت نسبة من كان يعتقد أنه دين رجعي من 49 إلى 62 في المائة، وأنه دين غير متسامح من 66 إلى 71 في المائة. بينما الذين يعتبرونه دينا منافيا للديموقراطية، فقد ارتفعت نسبتهم من 52 لتصل إلى 60 في المائة، في حين لا يرى في الإسلام دين تسامح وسلام سوى ثمانية في المائة من الألمان (3). وعبرت عن هذا الشعور السلبي تجاه الإسلام والمسلمين بشكل واضح جلى، الكاتبة والإعلامية الألمانية "كورا شتيفان" في مقال لها على الموقع الإلكتروني لإذاعة "أن دي أر" هاجمت فيه منتقدي حركة بيغيدا قائلة: "إن كل من يدرك خطورة تقدم الإسلاميين المتطرفين، لا يسعه سوى أن يعتريه الذعر من الإرهابيين الذين يقومون - باسم دينهم - بذبح الأطفال، وقطع رؤوس الرهائن، ورجم النساء، ولا يتحرجون من اقتراف ذلك كله امام عدسات الكاميرا. افلا ينبغي لمن يتملكه الخوف، أن يضيق ذرعا عندما ينعق المتظاهرون المسلمون في الشوارع الألمانية بشعارات معادية للسامية؟ّ! إني أعترف أن قلبي يشمئز لهذا أكثر مما يشمئز للحفنة القليلة من اليمين المتطرف التي تجوب مدينة دريسدن." (4) إن حملات العداء تجاه الإسلام والمسلمين ليست ظاهرة غريبة في المجتمع الألماني، ولكن ارتفاع حدتها في الآونة الأخيرة بهذه السرعة وبلوغها هذا المستوى أمر يثير الكثير من الخوف والقلق ليس لدى المسلمين فحسب بل حتى لدى باقي فئات المجتمع الألماني، ومن شأنه، إن استمر الحال على ما هو عليه الآن، أن تهدد هذه الحملات السلام الاجتماعي. ويبدو للوهلة الأولى، أن تنامي الصراعات الدائرة في بعض بلدان العالم الإسلامي بإيقاعها السريع، وطغيان التقارير الصحفية السلبية غير المتوازنة في الإعلام الألماني حول قضايا المسلمين بشكل عام واحتدام الجدل حول حق اللجوء السياسي وارتفاع أعداد اللاجئين وسوء تسيير هذا الملف من قِبل الحكومة الألمانية وما صاحب ذلك من تذمر لدى المواطنين وإنهاك لكاهل ميزانيات كثير من المدن، قد شكل سببا مباشرا في ظهور الحركات المعادية للإسلام. وما هذا في الواقع سوى "القشة التي قصمت ظهر البعير!". فهذه الظاهرة لها جوانب متعدّدة وأكثر تعقيدًا من أن يتم اختزالها في الأحداث الأخيرة السالفة الذكر. فقد لعبت عوامل كثيرة وأطراف مختلفة - عن قصد وعن غير قصد - منذ عقود متتالية دورا أساسيا أدى إلى خلق مناخ ملائم لتأجيج مشاعر الخوف لدى المواطن الألماني من فقدان هويته الثقافية المسيحية التي تهددها هيمنة وهمية وشيكة للإسلام على أوروبا وفرض الشريعة الإسلامية فيها والتي من شأنها أن تقوض الثقافة الليبرالية في المجتمع الألماني مما ساهم بشكل مباشر في ظهور كثير من الجماعات العنصرية المتطرفة، مثل جماعة "من أجل كولونيا" (5) وجماعة "من أجل شمال الراين وستفاليا" (6) ثم أخيرا حركة بيغيدا ومثيلاتها. الدور الإعلامي لا يستطيع أحد إنكار الدور السلبي واللامسؤول الذي لعبته ولا تزال وسائل الإعلام المختلفة في تعميق الهوة بين المسلمين وغيرهم في المجتمع الألماني، فهي تحظى في هذا السياق بالقدر الأكبر من التأثير الاجتماعي حيث درجت على تكريس الصورة النمطية للإسلام والمسلمين لدى الغرب في جل منتجاتها الإعلامية الموجهة للمستهلك "البسيط" الذي لا يسعه في أغلب الأحيان سوى استهلاك هذه المنتجات كما أريد لها دون نقد أو تمحيص. وقد أثبت هذا الخللَ العديدُ من الدراسات والأبحاث العلمية التي تناولت صورة الإسلام في الإعلام الألماني منذ الثورة الإسلامية في إيران إلى اليوم؛ منها دراسة "كارل غابرييل" أستاذ قسم "الدين والسياسية" في جامعة مونستر؛ عام 2011 تحت عنوان "الدين لدى صنّاع الرأي العام"، أكد فيها أن موقف النخبة الإعلامية الألمانية تجاه الإسلام يتسم ب "التدافع الثقافي"، وهو ما يشكل في آخر المطاف - حسب رأيه - أحد مصادر الصراع القائم مع الإسلام في المجتمع (7). وتبدو نزعة الانتصار للثقافة الغربية في الإعلام الألماني جلية في الطريقة المجحفة التي يتعاطى بها الإعلام الألماني لكل ما يتعلق بالإسلام؛ على المستويين الداخلي والخارجي، لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وتركيزه على السلبيات دون الإيجابيات، وانحيازه الصارخ اللامشروط للموقف الغربي في تناوله لقضاياهم كالصراع في الشرق الأوسط مثلا، كما اعترف بذلك مؤخرا الصحفي الألماني "أودو أولفكوته" في كتابه الأخير "الصحفيون المرتشون" (8)، مما ساهم بشكل خطير ومباشر في بلورة الرؤية الاعلامية القاتمة حول الإسلام والمسلمين؛ وبالتالي في ارتفاع حدة حملات التخويف منه، وترسيخ صورة مشوهة عنه لدى المستهلك الألماني مرتبطة بالإرهاب والعنف والتطرف واضطهاد المرأة وكل ما هو سيء وقبيح. وهذا ما يفسر إلى حد كبير تظاهر الآلاف من الألمان خوفا من "أسلمة الغرب" في مناطق لا يتجاوز فيها عدد الأجانب نسبة 2,2 في المائة ولا يشكل فيها المسلمون سوى فئة قليلة لا تكاد تذكر. وقد بلغ مستوى التعميم في الخطاب الإعلامي الألماني ذروته في الآونة الأخيرة حتى أصبح الإسلام نفسه في مرمى نيران ألسنة حداد تنضح بالحقد والكراهية. ولعل أجرأ من عبر عن حقده تجاه الإسلام ورفضه له بكل صراحة ودون حرج من الإعلاميين الألمان هو الصحفي "نيقولاس كلاين" الذي كتب صيف العام الماضي في صحيفة "بيلد" التي كان يشغل منصب نائب رئيس تحريرها تعليقا أثار انتقادا حادا وجدلا واسعا آنذاك، قال فيه: "أنا ملحد متسامح مع الأديان. فأنا وإن كنت لا أومن بالله، فإن المسيحية واليهودية والبوذية لا تزعجني على الإطلاق. فقط الإسلام هو من يثير إزعاجي أكثر فأكثر. تزعجني المعدلات الضخمة للجريمة لدى الشباب المسلم؛ يزعجني ازدراء الإسلام للمرأة والمثليين جنسيا؛ يزعجني الزواج القسري و"حكام الصلح" و"جرائم الشرف"؛ تزعجني حملات العنف ضد السامية بشكل أعجز عن وصفه بالكلمات. إنني أتساءل الآن: هل يشكل الدين عقبة للاندماج؟ انطباعي: ليس بالضرورة دائما، لكن بالنسبة للإسلام، بكل تأكيد نعم." (9) الدور السياسي أما من الناحية السياسية، فقد ساهم الإخفاق المتواصل للحكومات الألمانية المتعاقبة في وضع سياسة ناجحة لقضايا الاندماج بعد أن ظل هذا الملف لا يحظى لديها لعقود طويلة بالاهتمام الذي يليق به في تنامي التذمر من الأجانب نتيجة تراكم المشاكل الاجتماعية المترتبة عن ذلك واستفحالها. وبما أن المسلمين يشكلون أكبر الأقليات في ألمانيا، فقد أصبحت هذه المشاكل مرتبطة بهم دون غيرهم وملازمة لهم عند أغلبية المجتمع الألماني. وقد لعب عالم الاقتصاد ووزير المالية السابق في ولاية برلين "تيلو زاراتسين" مؤخرا دورا بارزا في الترويج لهذه "المتلازمة" في كتابه المثير للجدل "ألمانيا تلغي نفسها" الذي كان لمدة طويلة على رأس قائمة أكثر الكتب مبيعا في ألمانيا؛ حيث حمل المسلمين بمستوياتهم التعليمية المتواضعة - حسب رأيه - مسؤولية تهديد الهوية الألمانية في الأجيال القادمة نتيجة للتحول الديموغرافي السريع الذي يعرفه المجتمع الألماني لصالح الأقلية المسلمة (10). إن انعدام الرغبة السياسية الجادة في حل الكثير من القضايا العالقة المرتبطة بالمسلمين، كالمماطلة في الاعتراف بهم رسميا كجماعة دينية بالمفهوم الدستوري على غرار المسيحيين واليهود، ورفض المنظمات الإسلامية الكبرى في المانيا كممثل شرعي للمسلمين، ووضع العراقيل المختلفة في سبيل تحقيق ذلك، والمبالغة في التعاطي لبعض قضاياهم كمسألة الحجاب والنقاب والتطرف الديني، وطغيان الأسلوب الشعبوي على الخطاب السياسي خاصة في الحملات الانتخابية، واللعب على وتر الخوف من خطر التأثير الإسلامي في المجتمع الألماني لكسب أكبر قدر من أصوات الناخبين وضمان ولائهم وصب الزيت على نار الشعور السائد في المجتمع تجاه الإسلام، كان من أهم الأسباب التي زادت من حدة معاناة الأقلية المسلمة في ألمانيا. دور المسلمين والمنظمات والمؤسسات الإسلامية لا يمكننا أن نحصر أسباب تنامي حملات العداء للإسلام والمسلمين في ألمانيا في الأسباب السالفة الذكر فحسب دون الإشارة إلى الدور السلبي للمسلمين أنفسهم فيما آل إليه وضعهم. فعلى الرغم من أن المسلمين يعيشون منذ نحو خمسين عاما بصفة دائمة في ألمانيا، فإن شعور المواطنة والانتماء إلى المجتمع الألماني لا زال ضعيفا مقتصرا فقط على فئة قليلة منهم. أما معظمهم فلا زال يعيش في "مجتمعات موازية" وعوالم مختزلة من أوطانهم الأصلية منعزلين عن أي احتكاك إيجابي بالمجتمع الألماني. إن اللافت للنظر عند مقارنة حجم المسلمين بباقي أقليات المجتمع الألماني، هو الخلل البائن والتناقض الصارخ بين ثقل وزنهم الديموغرافي المتنامي باستمرار وضعف تأثيرهم في اتخاذ القرارات، خاصة على المستوى السياسي منها والذي لا يرقي إلى حجم المشاكل التي يعانون منها والتحديات التي يواجهونها كل يوم كأقلية دينية. فإذا كانت العوامل السالفة الذكر قد أدت جميعها إلى الوضع الذي عليه المسلمون الآن في ألمانيا، فإنه لم يكن ثمة ما يمنع المسلمين من خوض غمار الإعلام والسياسة باعتبارهما الأداتين الفعالتين اللتين تساعدان مباشرة في نزع ما ران على صورة الإسلام في الغرب من افتراءات وتراكمات ثقافية زائفة بعضها فوق بعض. فنلاحظ – على سبيل المثال لا الحصر – أنه رغم الجلبة واللغط اللذين يصحبان مختلف الانتخابات البرلمانية منذ الوهلة الأولى من اندلاع شرارتها، ورغم التخوف من تنامي قوة شوكة الأحزاب اليمينية المتطرفة في هذه الانتخابات، فإننا نجد أن المسلمين لا يعيرونها أدنى اهتمام ويمرون عليها، إن فعلوا في أحسن الأحوال، مر الكرام، مكتفين فيها دائما بدور "الطاعم الكاسي". لقد فوت هذا العزوف عن المشاركة الإيجابية الفعالة في العمل السياسي والإعلامي على المسلمين في ألمانيا فرصا كثيرة كانت بمثابة بيضة الديك للحصول على حقوقهم وتحقيق مصالحهم. وإذا كانت صورة الإسلام والمسلمين لدى الغرب يعتريها ما يعتريها من تشويه وتحريف، فإنه لابد في المقابل أن نبحث عن حجم المفاهيم المغلوطة والصور المشوهة عن الغرب وثقافته لدى المسلمين أيضا، وعن عبء الموروث التاريخي لعلاقة الغرب بالإسلام الذي لا زال يرهق كاهل الحوار الإسلامي الغربي ويساهم بنصيب وافر في بلورة صورة الغرب لدى المسلمين ويعيق في الأخير محاولة التعرف على الآخر والتحاور معه دون أحكام مسبقة. إن ركون المسلمين طوال عقود خلت إلى السلبية تجاه كل هذه المشاكل ودأبهم الإسراع بالإشارة بأصابع الاتهام دوما إلى الغير في كل ما يصيبهم من نوازل واكتفائهم ب "لعن الظلام" فقط، جعل النقد الذاتي غير وارد في محاولات البحث عن حلول ناجعة لهذه المشاكل بل ساهم في استفحالها وأدى تارة بصفة مباشرة وتارة أخرى بصفة غير مباشرة، إلى تكريس الصورة النمطية للإسلام والمسلمين. أما العمل الإسلامي في ألمانيا عموما فلا زال يرتكز على التطوع ويعتمد بشكل كبير على المجهود الفردي الذي تطغى عليه العفوية والسذاجة في غالب الأحيان، ويفتقر إلى الاحترافية والمأسسة والتنظيم وإلى بعد النظر وإتقان لعبة المصالح وفقه الأولويات كما يفتقد إلى الكثير من الحكمة والحنكة وطول النفس وهو في أزمته الحالية، إن لم يتم إصلاحه وتُعد هيكلته، سوف لن ينتج إلا مزيدا من التأزيم والإفشال في التجاوب المطلوب لتجاوز هذه الفترة الحرجة. وتأثير الانتماءات المختلفة للمسلمين على العمل الإسلامي في ألمانيا وتعدد الولاءات لجهات خارجية مختلفة والفشل الذريع في التوفيق بين ضرورة الوحدة الواجبة والرغبة في الحفاظ على الهوية بمفهومها الضيق الذي لا يستوعب عند البعض حتى أبناء "الوطن" الواحد، أدى إلى إهدار كثير من الوقت والأموال والطاقات في صراعات لا طائل من ورائها شتت الشمل وشقت الصف وأثرت سلبا على مصالح المسلمين، كما أدى أيضا إلى صعوبة إنشاء مرجعية دينية واحدة مستقلة على مستوى الاتحاد الألماني تقوم بتمثيل الشأن الديني مؤسساتيا لدى الحكومة الألمانية وبترشيد التدين وضبطه خاصة لدى الشباب المسلم الذي بات في ضل غياب هذه المرجعية عرضة للغلو والتطرف الديني وضحية سهلة للجماعات الإرهابية التي تستغل عطشه الروحي وجهله بالإسلام لتحقيق مآرب خاضعة لمتغيرات سياسية معقدة لا ناقة هنا للمسلمين فيها ولا جمل. إن المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق الجمعيات والمساجد التي تمثل أساس المنظمات الإسلامية الكبيرة وعمودها الفقري، باعتبارها حلقة الوصل المباشرة بينها وبين المسلمين، لا يمكن أن يضطلع بها اليوم مسؤولون يديرونها بمنظور عابر السبيل، لازال كثير منهم لا يتقن اللغة الألمانية ولا يملك من الكفاءات والمهارات ما يؤهله للتعامل السليم مع ما يعاني منه المسلمون في هذا البلد من مشاكل كثيرة وما يتعرضون له من حملات عنصرية متطرفة. ينبغي على المسلمين في المانيا أن يعوا أنهم مسؤولون عن التغيير كغيرهم تماما، وأن يتحملوا مسؤولية الواقع الذي يعيشونه والذي ساهموا بأنفسهم في صياغته بشكل أو بآخر وأن يكونوا جزءا من هذا الوطن ألمانا مسلمين لهم حقوق وعليهم واجبات وأن يخرجوا من دور "العامل الضيف" الذي لا زالوا يتقمصونه منذ ستينات القرن الماضي إلى الآن. *رئيس رابطة الجمعيات الإسلامية الألمانية بالراين ماين / ألمانيا الهوامش: 1. إختصار ل: PEGIDA (Patriotische Europäer gegen die Islamisierung des Abendlandes) وتعني: طنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب. 2. راجع الدراسة التي قامت بها جامعة دريسدن في هذا الشأن: من يذهب إلى مظاهرات بيغيدا ولماذا؟ في هذا الرابط: http://tu-dresden.de/aktuelles/news/Downloads/praespeg تم الدخول على الرابط بتاريخ 28 من يناير/ كانون الثاني 2015 3. Heiner Bielefeldt: Das Islambild in Deutschland. Zum öffentlichen Umgang mit der Angst vor dem Islam. 2. aktualisierte Auflage. Berlin: Deutsches Institut für Menschenrechte, 2008 4. Cora Stephan, Populisten, Pöbel und Politiker, in: http://www.ndr.de/info/sendungen/kommentare/Populisten-Poebel-und-Politiker,pegida144.html تم الدخول على الرابط بتاريخ 28 من يناير/ كانون الثاني 2015 5. Bürgerbewegung PRO KÖLN 6. Bürgerbewegung pro Nordrhein-Westfalen 7. Christel Gärtner, Karl Gabriel und Hans-Richard Reuter: Religion bei Meinungsmachern. Eine Untersuchung bei Elitejournalisten in Deutschland, Wiesbaden: VS Verlag, 2012. 8. Udo Ulfkotte: Gekaufte Journalisten. Wie Politiker, Geheimdienste und Hochfinanz Deutschlands Massenmedien lenken. Rottenburg: Kopp Verlag, 2014. 9. Nicolaus Fest, Islam als Integrationshindernis, in: http://www.bild.de/news/standards/religionen/islam-als-integrationshindernis-36990528.bild.html تم الدخول على الرابط بتاريخ 28 من يناير/ كانون الثاني 2015 10. Thilo Sarrazin: Deutschland schafft sich ab. Wie wir unser Land aufs Spiel setzen. 2. Auflage. München: Deutsche Verlags-Anstalt, 2010.